عندنا الظلم بطولة

 

ثمة حكمة (كونفوشيوسية) تقول ان الظلم ارذل الرذائل , بأعتباره(الظلم) سلوك وفعل شائن يخدش الكرامة الانسانية ويحرق الحقوق البشرية , وبالانتقالة من حكيم الصين (كونفوشيوس) الى بليغ العراق والامة الامام علي ابن ابي طالب الذي يقول (أذا ملك الارذال هلك الافاضل) , مجرد التمعن والتأمل بهذين المقولتين تجعلان المرء يعيد النظر بتعاملاته وتفاعلاته وعلاقاته , لكن بخلاف ذلك تحدث المصيبة ! كيف ؟ على الصعيد الاجتماعي كانت المحلات البغدادية منذ وقت ليس بالبعيد تفتخر (بالشقي) وهي لفظة تطلق على الشخص الغوغائي الجسور المعتدي بل وتخشاه وتتحاشاه , ويحظى هذا بالتبجيل والاحترام من لدن سكان المحلة , هذا في المدينة اما في الريف فالمصيبة اعظم اذ كان السارق اللص هو بطل القرية ومغوارها ولايشق له غبار . ومثلما المهندس والطبيب والعامل والفلاح والصحفي هم تجسيدا للنمطية الاجتماعية السائدة فالسياسي او الحاكم كذا الحال سليل وابن تلك البيئة. ومن خلال الواقع اليومي المعاش نرى اناس كثر يستذكرون افعال وممارسات الحكام الطواغيت بفخر ممزوجا بشئ من الحسرة , ويتالمون على فراقهم , ويحنون على ايامهم , ويندبون الحظ على خسرانهم , علما ان بعضهم كان متضررا ومسحوقا من جراء ظلمهم . والانكى من ذلك عندما ينقبر السلف ويحل الخلف نراه يتشبه بجلاده , ويحاكي سياسات سلفه ابشع محاكاة , وهنا مكمن الكارثة . فبدل ان يكون مصلحا ومصححا لحماقات سابقه يعاود هو ذاته ارتكابها , وبالتاكيد لايمكنه فعل ذلك ما لم تتتوفر له الارضية المناسبة والضرف المؤاتي للعمل الجائر الشائن, هذه الارضية تتمثل ببطانته وحاشيته اما الضرف المناسب فهو مناسب في كل وقت وحين , لان الناس لاتزال (تحب المستضعف وتطيع المستكبر) , ووفق هذه القاعدة يجثم الطاغية سنين طوال على صدورنا ويبدد احلامنا ويحطم امانينا . نحن جياع فتركنا الخبز ونتحدث عن هيبة الطاغوت , نحن مقموعين ونشيد بوقار الجبروت , نحن محرومين ونثني على لباقة الباغي اللئيم. اه من جهل الشعوب وغشاوتها , فكم تدفع الثمن غاليا عند عشقها لجلادها ! ما اشد البؤس حينما يكون الشعب مملوكا للحكومة(الجائرة) وولدا مطيعا لأوامرها وفردا خانعا خاضعا لتعاليمها هنا يتوجب اعادة النظر بمفهوم البطولة ومعناها , فقد وقع الالتباس وحل الاختلاط بينها وبين الظلم والجور والاستلاب . كي لا نسمي الخراب خيرا والبناء شرا ...