مجالس المحافظات.. ننتخبهم ليتقاسمونا ..!!

 

لم يكن مستغرباً للمواطن العراقي ماأفرزته جولات التفاوض بين الأطراف الفائزة بانتخابات المحافظات من نتائج فاضحة لهشاشة حساباتها الذاتية البعيدة عن برامجها الانتخابية المعلنة , ان كان لاستغراقها وقتاً تجاوز ماحدده الدستور , أو لردود أفعال الفاقدين للمناصب الرئيسية في المحافظات , والتي وصلت الى طرد البعض من تنظيماتهم السياسية بتهمة ( الخيانة !) , بعد أن خالفوا تعليمات قادتهم وفضلوا الفوز بمنصب توفره لهم كتلة أخرى على الالتزام بتوجيهات صارمة تفقدهم الامتيازات في الاربع سنوات القادمة . فيما عدا محافظ ميسان ( على دواي ), لم يسجًل لاي ِ من أقرانه طوال العشرة أعوام السالفة , مايستدعي الفخر لمنجزِيردون به على منتقديهم , والرجل فيما فعل وهو يرتدي بدلة عمله الزرقاء , يغرف من ذاته ويصب في مرجعه الفكري وليس العكس , وهو بذلك يقدم صورة مقلوبة عن السائد الذي يأكل من جرف الانتماء ويسئ اليه , والامثلة على ذلك تعج بها المحافظات , فعلى ماذا التفاوض المارثوني الذي خاضه الفائزون أذا كانت تجاربهم السابقة مثقلة بالاخفاقات . قد يعتقد البعض أن موضوعة التفاوض هي أحدى أٌسس الديمقراطية , وهو محق في ذلك , قبل أن يصدم بحقيقة جنسها في واقعنا , الذي يشي بعكس مضمونها , حيث المفاوضون ينفذون تعليمات القادة بغض النظر عن خصوصيات محافظاتهم والنتائج تؤكد ذلك , وردود الافعال التي طفحت الى سطوح الأعلام , فضحت الأساليب وأسقطت الادعاءات المسبقة بأحترام النتائج والعمل المشترك لبناء الوطن , ولنستدل على ذلك من أفواههم , نورد مثالاً واحداً يكفينا من أمثلةِ تتناسل يوميا , تصريح للقيادي من دولة القانون ( سعد المطلبي) حول تشكيل مجلس محافظة بغداد ( أن تحالف التيار الصدري والمواطن ومتحدون , هو تحالف من أجل المناصب ) , ولاندري على ماذا يتفاوض الفائزون في الانتخابات منذ شهرين في عموم المحافظات , اذا لم يكن ذلك على المناصب . كان يصح للكتل أن تدعي أن حرصها على مصلحة الشعب وتفانيها من أجل بناء العراق , هو الهاجس الذي يبرر صعوبة الوصول الى أتفاقات سريعة لتشكيل مجالس المحافظات , لو كانت برامجها وأدائها خلال الدورات السابقة تؤكد ذلك , وهي حريصة على أِكمال مشاريعها وفق رؤاها وبأساليبها الفاعلة خلال السنوات القادمة , لكن واقع الحال يؤكد بمالايقبل الشك بأن اللهاث على المناصب هو الهدف المنشود , لانه السبيل المجرب للمنافع , ولامكان على خارطة أدائها للنفع العام والبناء الجديد . كل ماجرى الى الآن خلال تشكيل مجالس المحافظات يؤكد على أن اطراف السلطة لازالت بعيدةً عن عناوينها الوظيفية المتعارف عليها , وهي تحرث في الماء عملياً فيما تصدع رؤوسنا بخطابها الاعلامي البرًاق , والأخطرمن ذلك أن يكون مسلسل الأداء الهزيل في تشكيل حكومات المحافظات , هو تمرين لمفاوضات تشكيل الحكومة بعد الانتخابات القادمة , فقد أعلنت الأطراف عبر وسائل الأعلام ( حصصها ! ) في حكومات المحافظات كأنها توزع ( المحصول !), وكأننا ننتخبهم كي يتقاسمونا منافعاً ووجاهةً وحصانات , ورافق ذلك تصريحات نارية لفاقدي المناصب الرئيسية ستسساهم في عرقلة الأداء العام رغم كونه أصلاً غير مقبول ولايتناسب مع الأمكانات وحاجة المواطنين للخدمات في جميع المحافظات, وسيتبادل فاقد المنصب والمستحوذ عليه مواقعهم في العرض المسرحي الجديد لانهم من فرقة تمثيل واحدة , ولايهمهم بعدها نوع وأقيام فواتير التضحيات التي يقدمها الشعب.