مسمار المالكي!! |
كان يا ما كان في قديم الزمان , كان جحا , الشخصية المعروفة والمشهورة والتي يضرب بها الأمثال كثيرا , وأما مسماره، فيُضرب به المثل في اتخاذ الحجج الواهية للوصول إلى الهدف المراد ولو بالباطل. كان جحا يملك داراً , وأراد أن يبيعها دون أن يفرط فيها تماماً , فاشترط على المشتري أن يترك المسمار الموجود مسبقا في الحائط داخل الدار ولا ينزعه , فوافق المشتري دون أن يلحظ الغرض الخفي لجحا من وراء هذا الشرط , وبعد أيام ذهب جحا لجاره و دق عليه الباب. فلما سأله جاره عن سبب الزيارة أجاب جحا: جئت لأطمئن على مسماري!! فرحب به الرجل، وأجلسه، وأطعمه. لكن الزيارة طالت , والرجل يعانى حرجًا من طول وجود جحا لكنه فوجئ بما هو أشد إذ خلع جحا جبته وفرشها على الأرض وتهيأ للنوم، فلم يطق المشتري صبرا وسأله: ماذا تنوي أن تفعل يا جحا؟! فأجاب جحا بهدوء: سأنام في ظل مسماري وظل جحا يذهب يوميا للرجل بحجة مسماره العزيز , وكان جحا يختار أوقات الطعام ليشارك الرجل في طعامه فلم يستطع الرجل الاستمرار على هذا الوضع وترك لجحا الدار بما فيها وهرب!! ومن هنا انتشر مثل مسمار جحا , وعلى ما يبدو ان لدى نوري المالكي رئيس الوزراء اكثر من مسمار دقها في محافظات العراق المتنوعة الانتماء والاتجاه فضلا عن التابعية , ولعل خير ما تنطبق عليه حكاية مثلنا الوارد في اعلاه هي الاحداث التي رافقت مسيرة تشكيل الحكومات المحلية في بغداد والمحافظات الاخرى , بعد ان تشكلت وفق نظام الاغلبية نصف زائد واحد , الامر الذي لم يرق كثيرا للحاج ابو اسراء فشاط غضبا متهما المشكلين لهذه الحكومات بخرق القانون اولا وخرق الاتفاقات ثانيا وهذه المرة انسحبت ردة الفعل على المجلس الاسلامي الاعلى باتهامه من قبل المالكي ورفاقه بنقض العهود والالتفاف على الدستور والتوافقات مع مكونات اخرى غيرهم , وكأن الاتفاق مع اي مكون غير دولة القانون يقع ضمن اطار الخيانة, متناسين ان العراق تحكمه الشراكة الوطنية من مكونات فرضها الامر الواقع فلا نستطيع مهما جازفنا ان نمضي بدون مكون سني في بغداد فالارقام التي افرزتها نتائج الانتخابات والتي لم يعترض عليها احد تقول ان للمكون السني وجود , ناهيك عن التأثير الواضح لا شراكهم في الحكم الامر الذي يبعث برسائل اطمئنان وارتياح لدى الاخرين بعدم تهميشهم الشيء الذي نتهم به من قبل الاخرين , وهذا محل اعتراض قائمة القانون ( اشراكهم ). ما تجرا على القيام به عضو ائتلاف دولة القانون والمحافظ السابق لبغداد صلاح عبد الرزاق من تفريغ الميزانية بالكامل وتسليمها خاوية لمن جاء بعده , وتعطيل الانارة والمصاعد قبل موعد التصويت على اختيار حكومة لا يشترك فيها , هذا دليل على ان لدى عبد الرزاق نسخة ممتازة من مسمار المالكي دقها في جدران محافظة بغداد يحاول التشبث بشتى الصور لإعادة تنصيب نفسه محافظا وهو ما لم تنفعه تحركاته لنيل مراده , البناء الحقيقي للبلد يبدأ من النفس , وتهذيب النفس يحتاج الى قناعة تدفع باتجاه قبول الاخر , وهو ما لم نشهده في تصرفات فريق المالكي من محافظين في المحافظات او وزراء في الوزارات , والتساؤل الذي يفرض نفسه , كيف سنبني بلدا فيه امثال صلاح عبد الرزاق وهم كثيرون , وكيف نؤمن بأن القادم يحمل انوار تضيء دروب المتعبين من ظلام الفقر وفيهم من سلمها ترابا قبل ان يرحل , الراحل غير مؤسوف عليه, واملنا بالقادم عسى ان يكون نموذجا مختلفا وعله لا يستعمل المسامير كجحا ومن بعده المالكي ليدق اساس بقاءه الابدي. |