فجأة و على حين غرة ، صحت أحزاب و كتل برلمانية من غفوتها العميقة و الطويلة ، لتكتشف بأن تقاعد النواب و الرئاسات الثلاث ومخصاصاتهم و امتيازاتهم كثيرة و يجب تقليمها و تحجيمها ، لتكون مقبولة و معقولة و أسوة برواتب باقي النواب و الرؤساء ة في العالم .. أو إلغاؤها نهائيا .. مع إن هذه الرواتب التقاعدية و الامتيازات الملكية موجودة و قائمة منذ ما يقارب من عشر سنوات ، وهي مكلفة و مثقلة لميزانية الدولة بمئات مليارات من الدنانير ، دُفعت و تدفع لرهط صغير من ساسة ومسئولين قد أضروا بالبلد جدا ، و ساهموا في تأخير عمليات تعميره و تحديثه و تقديم خدمات عصرية لمواطنيه.. و لكن وكما يقول مثل ، أن تفعل شيئا متأخرا أفضل من أن لا تفعله أبدا ، يجعلنا أن نشيد بمثل هذه المبادرات و المطالبات بتخفيض أو إلغاء تقاعد النواب ، مع الاحتفاظ بحق الشك بنوايا هذه الكتل البرلمانية ، لكونها سكتت عصرا متواطئة و صمتت دهرا على هذا الهدر للمال العام ، و أن أية مبادرة تقوم بها هذه الأحزاب و الكتل البرلمانية ، يكمن خلفها دافع التلميع و المكيجة لبعض الوجوه الكالحة و المحروقة و التي أوشكت ان تكون مرفوضة من قبل الشارع العراقي .. ولكن قبل هذا و ذاك نود أن نسأل في هذا السياق ، السؤال التالي : ـــ يا ترى لماذا لا تطالب هذه الكتل البرلمانية بتخفيض رواتب النواب و الرئاسات الثلاث و امتيازاتهم الملكية ؟!.. فلماذا لا تطالب و تتقدم بمثل هذا المطلب الضروري ؟!.. أ لكون الأمر سيعنيهم و سيشملهم و يقلل من رواتبهم و امتيازانهم كنواب غير متقاعدين ؟ّ.. أم إن المسألة برمتها محاولة لارتداء قناع جديد مع اقتراب موعد الانتخابات العامة : قناع مــَن يريد أن يظهر بمظهر حريص على المال العام ، طبعا ، بغية استغفال المواطن مجددا ومرة أخرى و أخرى ؟.. و من ثم : فهل يحق لثعالب إدعاء الحرص على حقل العنب ، بعدما عاثت فيه فسادا و نهبا و خرابا ؟ّ .. فذلكم هو السؤال المطروح الآن من قبل الشارع العراقي . • و إلا فدلونا على بلد يتقاعد فيه شاب يافع بعد أربع سنوات من " خدمة " نيابية " شكلية فحسب و فوق ذلك براتب تقاعدي ملكي و بجواز سفر وزاري ــ دبلوماسي ؟! ..
|