أرقام وبيانات تميط اللثام عن تصريحات المالكي العارية عن الصحة






العراق تايمز / يبدو الامر محيرا عندما نصادف رئيسا للوزراء قد أورد لوسائل الاعلام والشعب بمعلومات قريبة من الحقيقة وليست حقيقية، ولكن الصدمة الكبرى تكمن في وجود رئيس للوزراء يورد معلومات لمواطنيه لا أساس لها من الصحة.

لقد أعلن رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي في وقت سابق أن  معدل نصيب الفرد العراقي زاد من أربعة ملايين دينار سنويا في العام 2009 إلى أكثر من ستة ملايين مليون دينار سنويا في العام الماضي، الا ان وزارة  وزارة التخطيط أبطلت هذا الادعاء وأكدت  أن نحو خمس العراقيين يعيشون تحت خط الفقر.

هذه الشكوك التي تخللت تصريحات المالكي حول هذا الموضوع، ساورت حتى الخبراء الاقتصاديون وبعض اعضاء اللجنة الاقتصادية البرلمانية على الرغم من أن رئيس الحكومة اعتبر أن مؤشرات الخطة الخمسية السابقة لعام 2010 - 2014 حققت نجاحات في تطبيقها، الا انها تبقى ضربا من ضروب الخيال.

نوري المالكي تمادى في تصريحاته غير المسؤولة  وقال خلال احدى جلسات مجلس الوزراء التي عقدت مطلع شهر حزيران الجاري لتطبيق الخطة الخمسية الجديدة 2013 – 2017، بأن "العراق أصبح في مقدمة الدول بمعدل النمو الاقتصادي إذ ارتفع معدل الناتج المحلي من 8 إلى 10% سنويا خلال السنوات الأربع الماضية".

المعلومات التي اوردها المالكي سرعان ما تلقفها عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار البرلمانية النائب عن دولة القانون عبد العباس شياع، مشككا بالنسب التي تم الإعلان عنها من قبل مجلس الوزراء حول معدل دخل الفرد في العراق، مبينا أن "هذه النسب مبالغ فيها وغير واقعية".

وقال  شياع في حديث لبعض وسائل الاعلام العراقية، أن "عدم التوزيع العادل للثروات كان وراء ارتفاع نسبة الفقر في العراق"، مشيراً إلى أن "تحول الاقتصاد العراقي بعد عام 2003 إلى اقتصاد السوق أدى إلى نشوء طبقة جديدة من الأغنياء فيما هبط المستوى المعيشي للطبقة الوسطى لتصبح قريبة من الطبقة الفقيرة".

ومن ناحية أخرى أكد شياع أن "الاقتصاد العراقي يحتاج إلى تشريع بعض القوانين التي من شأنها أن تسهم في تنمية الاقتصاد في جميع المحافظات ولكل شرائح المجتمع".

لعل أبرز صور فشل تلك المشاريع، هو تدخل وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي وقيامها بتحديث الخطة، التي أطلقها العراق في شهر مايو  من سنة 2010، وهي خطة التنمية الوطنية الخمسية 2010 - 2014، بهدف تقليص الفوارق والحواجز بين مناطق الحضر والريف، وإنشاء البنية التحتية وتأمين الخدمات الاجتماعية والوظائف، وزيادة الناتج المحلي بنسبة 9.38% كمعدل نمو سنوي خلال مدة الخطة مع العمل على تنويع الاقتصاد والذي يعتمد حالياً على واردات النفط، معتبرة أن النتائج المتحققة لم تكن بمستوى الطموح.

ومن جانبه يرى الخبير المالي باسم عبد الهادي، أن "النسب التي أعلنت عن ارتفاع دخل الفرد في العراق لا تمثل بالضرورة النسب الحقيقية لدخل الفرد" موضحا "العراق يعتمد على وارداته النفطية بشكل كبير والتي تضفي زيادة كبيرة على ارتفاع الناتج المحلي وهو بدوره ينعكس على معدل دخل الفرد".

ويلفت عبد الهادي إلى أن "معدل دخل الفرد يستخرج من الناتج المحلي الإجمالي والذي يقسم على عدد السكان"، منبهاً إلى أن "العراق يعاني ليس من ارتفاع الدخل بقدر ما يعاني من إشكالية توزيع الدخل بشكل متساوي".

أما من ناحيته عبد الرحمن المشهداني الخبير الاقتصادي فانه يؤكد على أن "ارتفاع دخل الفرد من الناحية النظرية قد يكون صحيحاً إلا أنه من الناحية العملية لا يعني تحسن معدل الفرد العراقي لأن التضخم ما زال مرتفعاً وبالتالي فأنه يحصد كل دخل الفرد"، مضيفا ان "النسب قد تكون غير صحيحة وخاصة مع عدم وجود تعداد سكاني فيه، إذ أن آخر إحصاء أجري في العام 1997 وبالتالي فأن كل الإحصاءات تقديرية ومشكوك بها".

تجدر الاشارة الى ان بنك (ميريل لينش - بنك أوف أميركا) قد ذكر في تقرير له صدر نهاية تشرين الثاني 2012 وفقاً لاستطلاع أجراه، أن العراق سيكون الأعلى نموا من بين دول العالم في الناتج المحلي، وسيشهد نموا في إنتاجه المحلي يصل إلى 10.5%، تليه الصين بـ7.7%.

الا ان وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي أعلنت ، أن "نسبة مستوى الفقر في العراق تشكل 23%، وهو ما يعني أن ربع سكان العراق يعيشون دون خط الفقر، منهم ما يقارب من 5% في مستوى الفقر المدقع"، مبينة أن "خط الفقر يشمل الحاجات الأساسية الغذائية وغير الغذائية".

وتقول الوزارة أن هذه النسب قد انخفضت مؤخراً بحسب المؤشرات الأولية للمسح الذي نفذه الجهاز المركزي للإحصاء مؤخراً.

وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، أن "المؤشرات الأولية للمسح الذي نفذته الوزارة لخارطة الفقر في العراق لعام 2013 بينت انخفاض مؤشر الفقر إلى 18% مقارنة بـ23% لعام 2007"، موضحا أن "المسح شمل 311 ألف عينة ويعد الأكبر من نوعه في تاريخ العراق والمنطقة"، مشيرا إلى أن "العينة تم اختيارها من جميع المحافظات العراقية ومن عينات توزعت بين الحضر والريف".

هذا وقد أعلنت وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي، في أيلول 2012، تخصيص 275 مليار دولار ضمن الخطة الخمسية 2013 - 2017، داعية الشركات الأجنبية للإفادة من الفرص الاستثمارية في العراق.