مختبر التجارب الأنتخابية

 

 

 

 

 

 

يبدو إن العراق أصبح مختبر للتجارب البشرية , منذ تأسيس الدولة الى يومنا هذا تعاقبت تجارب الأنظمة للرغبات والمزاجيات النخبوبية السلطوية , بدأت بالملكية الدستورية الهشة بحكومات لم تكمل دورتها التشريعية , ثم توالت الأنقلابات وحكم الدبابات ووعود بالانتخابات , نظام يطيح بما قبله ويهدم كل ما بناه , جرب الشعب مختلف الحروب الاسلحة والمواد المحرمة دولياً وملايين الألغام التي تفوقت على عدد سكانه , شردته أنظمة القمع والحصار والجوع والحرمان وسياط الجلادين , أعطي قوافل من الشهداء ومئات المقابر الجماعية , بعد 2003م لم يترك الساسة جهداً للوصول بصيغة وأخرى الى سدة الحكم , وضمان وصول النخب المتقدمة للأحزاب للتمكن من التمسك وضمان النجاح مرة واحدة يجعل الباب مفتوح للدخول الى دائرة الأضواء وإن ابتعد يكون بمحيطها .

الانتخابات الأولى تم تطبيق نظام القائمة المغلقة ومن ثم الدوائر المتعددة بين القائمة المغلقة والمفتوحة واخرها نظام( سانت ليغو ), النظام الأول يفترض ترتيب المرشحين حسب الأولوية الحزبية بالتسلسل والتصويت يكون للقائمة وبذلك تكون حسب رغبات القوائم , الأيجابي إن بعض الأحزاب تضع النخب والكفاءات في المقدمة والأخرى حسب العلاقات الحزبية والمصالح وقد يصل لبيع التسلسلات , وهنا حرية الناخب مقيدة وتلزمه وصول أشخاص قد لا يرغب بهم وتخضع للولاءات الطائفية والعشائرية والسلطوية , و تغيب أرادة الناخب ويقسم المجتمع وتختفي الأكاديمية والعلمية في الخيارات , نظام الدوائر المتعدةة القائمة شبه المفتوحة , يخير الناخب بين التصويت للقائمة او المرشح , وبالنتيجة تقسم النتائج على القاسم الأنتخابي الوطني يحدد منه قيمة المقعد في الدائرة الانتخابية , و تحذف أصوات القوائم الصغيرة لتعطى للقوائم الكبيرة , رغم ان بعض من تلك القوائم او بعض مرشحيها حصل على أصوات أكثر من أخرين في القوائم الكبيرة ويصلون بفعل أصوات غيرهم , وهنا تكون أرادة المرشح مقيدة برأي رئيس القائمة وحسب التوافقات كما معمول في الدورة البرلمانية الحالية , الأيجابي ان للناخب حرية الأختيار والمفاضلة بين المرشحين والسلبي حرمان القوائم الصغيرة وتمتع النساء بأصوات الرجال بالكوتا .

نظام ( سانت ليغو) نظام معقد لم يتم تطبيقه الاّ مرة عالمياً , ويتم حساب الاصوات بالتقسيم على الاعداد الفردية لحين وصول عدد مقاعد الدائرة الانتخابية , وتستخرج منه النتائج , هذا النظام يضمن وصول أغلب القوائم الصغيرة ويعطي حرية الأختيار للناخب بين القائمة والمرشح , ومن سلبياته أنه ينتج عدد كبير من القوائم والأحزاب , وربما يولد التبعثر في القرار والخضوع للمقايضات , وخسارة القوائم الكبيرة أكثر عدد من الاصوات بالعد التنازلي .

ما يدور في كواليس غرف السياسة اليوم البحث عن قانون إنتخابي ملائم يتناسب مع كم الأحزاب والقوميات والأديان , للأعداد للأنتخابات التشريعية المقبلة رغم تعطل أقرار قانون الأحزاب , نظام ( سانت ليغو ) سيكون اول الانظمة المستبعدة لتضاربه مع مصالح الكبار , وأكثر ما يطرح في اروقة السياسين العودة للقائمة المغلقة لضمان وصول نخب القوائم الكبيرة , وهذا ما يولد التراجع في الوعي الديمقراطي وقلة في شعور الناخب بالمسؤولية لكونه مقيد الاختيار بالقائمة مع الضغوط التي تمارس عليه , وهذا ما يدعو القوى لأستخدام الصراعات الطائفية والمناطقية والقومية لحشد الجمهور لقوائم تشكل على أساسها بعيد عن القوى المدنية , وبذلك يبقى المواطن محل للتجارب التي تصب في مصالح ومغانم القوى السياسية .