السيبندي في المعنى الاصطلاحي هو المنحرف الذي لا أخلاق له , ومعظم السياسيون العراقيون قد جسّدوا هذا المعنى نصا وروحا , أو كما يقول الماديين شكلا ومضمونا , بل وأضافوا له ابعادا جديدة لم تكن معروفة من قبل , فهم سيبندية بامتياز , فالسياسي العراقي كذّاب ومنافق وفاسد وغير أمين ولا عهد له , والسلطة بالنسبة إليه هي الغاية والهدف , ولهذا فكل الوسائل الدنيئة والخسيسة مباحة له ومشروعة من أجل الوصول للسلطة , فهو يستخدم الدين والشعائر الدينية ويلعب على معاناة الناس وآلامهم ويستغل عواطف الناس ومشاعرهم الساذجة من أجل تحقيق أهدافه , والمشكلة أنّ الأحزاب التي تتولى إدارة البلد أصبحت تغص بهولاء السيبندية , وأينما تلتفت تصطدم بهم . ويخطأ من يعتقد أنّ الصراع على تشكيل الحكومات المحلية هو من أجل تقديم أفضل الإدارات والكفاءات المخلصة والنزيهة من أجل تقديم أفضل الخدمات للناس , بل إنّ الصراع هو صراع على السلطة والمال والنفوذ , ولا فرق بينهم جميعا , فهم من طينة واحدة , والجميع قد تابع مهزلة تشكيل الحكومات المحلية في عموم المحافظات الأثني عشر وآخرها مهزلة حكومة ديالى المحلية , حيث وجّه التيار الصدري ضربة قاصمة لتحالف الكذّابين , فمعيار الكفاءة مفقود في كل هذه الحكومات . والحقيقة إنّ الذين انتخبوا هؤلاء السيبندية هم الأغلبية المغفّلة من أبناء الشعب , فهذه الأغلبية المغفّلة والساذجة لا زالت تعتقد أنّ أحزاب الإسلام السياسي تنتهج الإسلام نهجا وعقيدة وسلوكا , وكأنها لا ترى فساد هذه الأحزاب وفساد قياداتها , فهي تستحق أن يتوّلاها ويحكمها هؤلاء السياسيون السيبندية , فمن غير المعقول بعد كل هذا الفساد أن يعاد انتخاب الفاسدين مرة أخرى , في الوقت الذي كانت هنالك فرصة لإزالتهم وانتخاب غيرهم من العناصر الكفوءة والمخلصة والنزيهة , فلا حجّة لهذه الأغلبية المغفّلة بعد الآن وقد أدارت ظهرها لقوى التيّار الديمقراطي التي كانت تمثّل الأمل في التغيير والبناء . ولا أدري كم من الوقت تحتاج هذه الجموع المغفّلة لتدرك أنّ أحزاب الإسلام السياسي ليست بإسلامية ولا تحمل من الأخلاق الإسلامية مثقال ذرّة , وهم جميعا فاسدون ولا يختلفون عن بعضهم البعض , حيث أنّهم قدّموا للناس أسوء الناس وأبعدهم عن المبادئ والقيم والأخلاق . لقد كانت هذه الانتخابات فرصة حقيقية للتغيير والانتفاض على الفساد , ولكنّها ضاعت ولا أمل للتغيير في الوقت الحاضر , فالجهل قد سيطر تماما على عقول الناس وعواطفهم , وأصبحت هذه الأحزاب تقدّم لهم هذا الجهل على شكل عقيدة ودين , وهنا الطامة الكبرى . فتحالفات هذه الأحزاب في تشكيل الحكومات المحلية , قد بيّنت بشكل جلي أنّ همّ هذه الأحزاب هو السلطة فقط , والسلطة بالنسبة إليهم هي المال والنفوذ وشراء الذمم وليس غير ذلك , وما يسمعه الناس عن توقيع مواثيق للشرف هو أكذوبة , فهذه المواثيق هي للانقلاب على الشرف , وإذا أراد الناس فعلا أن يتخلّصوا من سيطرة هولاء السيبندية على مقاليد السلطة , فعليهم أولا التخلص من الجهل , فهو البوابة التي ينفذ منها هولاء السيبندية وأحزابهم . فهذه الأحزاب قد تفننت في تجهيل الناس وجعلهم يدورون في حلقات مغلقة من الجهل والخرافة , لتتفرغ هي لنهب المال العام , فمعظم قيادات هذه الأحزاب أصبحت تملك مئات الملايين إن لم يكن المليارات من الدولارات خلال هذه الفترة القصيرة , بالرغم من أنّ معظمهم كانوا حفاة قبل سقوط النظام الديكتاتوري , وجلّهم كان يعيش على المساعدات الاجتماعية في بلدان اللجوء , فيا ترى هل سينهض يوما رجلا مثل سعد جريو رحمه الله ليقول للسيبندية من أين لكم هذا ؟ . |