العراقي أكبر مخرب لبيئته

 

 

 

 

 

 

عندما تسير في شوارع بغداد سواء سيرا على الأقدام أو في سيارات النقل يمكن أن تلاحظ تطاير قناني ماء فارغة من نوافذ سيارات مسرعة ، يرميها ركاب بعدما يفرّغون في جوفهم ما تبقى من قطرات الماء ، وبلا مبالاة و عدم اكتراث ، بحيث لا يعنيهم إطلاقا على رأس من ستقع هذه القناني المتطايرة و إلى أين سينتهي به المطاف كنوع من نفايات مضرة للبيئة و لمنظر المدينة أيضا ؟!..
أما كون هذا السلوك الطائش و غير المسئول مضر للبيئة ومشوه لجمالية العاصمة في آن ، فهذا أخر شيء يمكن أن يخطر على بالهم ..
فما من شيء من هذا القبيل يخطر على بالهم قطعا !..
أما الظاهرة الأخرى فتكمن في رمي النفايات في أي مكان كان ، و بشكل عشوائي على الرغم من وجود حاويات كبيرة و صغيرة لرمي النفايات هناك لأنها موجودة لهذه الغاية أصلا و أساسا ..
و الطامة الكبرى هي أن هذه الظواهر قد استحالت إلى نوع من التطبع و التعود في السلوك الاجتماعي العام ، وجزءا من نشاطات الحياة اليومية و ضمن تعايش عجيب كله انسجام ووئام !!..
بينما نادر ما تلتقي مع تجمعات بشرية تتعايش مع النفايات بكل هذا الانسجام !!..
ليزاح الستار عن أخطر ظاهرة اجتماعية سلبية و كارثية فعلا ، إلا وهو الافتقار إلى الوعي البيئي المتجسد أصلا بمحبة البيئة الصديقة و ثقافة الحفاظ عليها و حمايتها من جشع أو من لا مبالاة و إهمال الإنسان ذاته ..
فالإنسان العراقي ـــ طبعا هنا لا نقصد التعميم ـ قطعا ــ يخرب و يفسد بيئته بهمة ومثابرة ، و كأنه يعيش لغده فقط ، فهو يزبّل و يزبّل في كل مكان ، و يرمي مزابله في أي كان مكان تطاله يده ، و بدون أية رأفة لا بنفسه ولا بالبيئة أو بالطبيعة :
فالمزابل و النفايات والأنقاض تتواجد و تعلن عن نفسها أمام البيوت و على محاذاة الأرصفة و عند الساحات المحيطة ، وهي تتراكم بأكوام من أشياء بلاستيكية و صناعية أخرى ، تتراكم و تزداد ، حتى يشعر الأمر باستحالة تنظيفها بشكل نهائي حتى يوم الحساب !!..
على الرغم من وجود حاويات كبيرة و صغيرة و كناسين و سيارات نفايات تنقلها بين حين و أخر ..
و من الطبيعي أن تجذب هذه النفايات و القاذورات الجرذان و الصراصير و الذباب بروائحها النتنة و العفنة ، وهي أي الجرذان ، تركض بين الشوارع و البيوت قاصدة أكوام النفايات بدون خجل أو وجل ، ناهيك عن خوف : فهي تقف و تنظر إليك قليلا و كأنها مستغربة من وجودك المتطفل عليها و من ثم تمضي إلى شأنها هوينا هوينا !!..
فالوضع البيئي في العراق كارثي فعلا ، وأكثر كارثية من كل ذلك هو عدم استيعاب و إدراك حجم و خطورة هذه الكارثة ، و تركها تكبر وتتضخم كسرطان جبار في قلب البيئة العراقية ..
فمن هنا نرى ضرورة القيام بحملة تثقيفية شعبية واسعة ، يجب أن تنصب على ضرورة و أهمية حماية البيئة و الحفاظ عليها ، و الدعوة إلى خلق البيئة الصديقة ، تقوم بها مؤسسات حكومية على منظمات بيئية وبمشاركة الصحافة و الإعلام والفضائيات ذات الاتجاه الوطني ..
فآنذاك ربما يمكن إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان ..