الطعام قبل الكلام ..

 

يتصدر الاكل والشرب والجنس قائمة الحاجات الطبيعية للكائن البشري التي تضمن بقاءه وديموته وبدونها يفنى ويزول , كما لايمكن للالة البشرية ان تعمل وتنتج وتتفاعل و (تطمئن) من دون ذلك الثالوث , طبقا لعلماء النفس والاحياء . هذه القاعدة العلمية يسعى ما يطلق عليهم(قادة الرأي) الى طمرها , خصوصا في المجتمعات المتخلفة , وهؤلاء القادة هم السياسيون وبعض رجال الدين والقبائل اضافة الى الشخصيات الاجتماعية البارزة المنتفعة من السلطة الحاكمة والتي تقتات من فتات الموائد . فمن خلال التصريحات الحماسية والخطب الرنانة وقال فلان نقلا عن علان يتم الالتفاف على رغبات الانسان وتظليل اماله وامانيه والافادة من جهله وعماه واستغلال مشاعره ووجدانه وذلك لضمان طاعته وسكوته , وسوقه الى دهاليز التشاحن والتباغض , وزجه في أتون الماضي , كي لا يستثيره وجوده الانساني المتعطش الى السعادة والهناء . ان اخطر ما يطال الانسان جهله بحقوقه وعدم معرفته اسس عيشه في الحياة , حينها تقع المصيبة ويحل البلاء , فكيف بادمي ان يطالب بما لا يعيه , وينادي بما يجهله , هل يمكن للشعارات الوطنية والحزبية والحماسية التي تلهب المشاعر ان تشبع جائعا ؟ هل يمكن للمواعظ والخطب والروايات ان تروي ظمأن ؟ اتقدر النصائح والارشادات الغير منسجمة مع الطبيعة البشرية ان تزوج شابا او شابة وتوفر لهما السكن اللائق والعيش الرغيد . لماذا لايسأل نفسه كل من يتقزم امام الانتهازيين ويتمترس خلفهم عن القيمة الممنوحة من ذلك , أما احس بثقل جاثم على ظهره , وان احدا يحاول ان يتسلق على شخصيته التي خصصها الله له وميزه عن باقي البشر وألأنام . ان العواقب الكارثية تحدث حينما يصاب الانسان بداء النقص ويعمل جاهدا على ملئ ذلك النقص بحشوات فكرية لاتتلاءم وطبيعة ذلك الداء , كما يوصف العلاج الخاطئ لمرض معين , فكم ياترى هي الاعراض السلبية التي قد تصل احيانا الى الموت . لكن موت داء النقص يبقي الروح في الجسد غير انه يميت الدوافع الانسانية الايجابية الكامنة في النفوس ويأجج جذوة النفور من الاخرين , بل حتى العمل على ايذائهم بشتى الوسائل اذا ما سمحت الضروف بذلك . قادة الرأي الفاسدين في بلداننا النامية او(النائمة) يعملون بكل ما أوتوا من قوة على جعلنا (ناقصين) بكل المقاييس , في الحقوق والانسانية والحرية والكرامة , وفق قاعدة (الجوع يجلب الطاعة) . لكن حذار ... فقد يجلب الثورة ايضا ..