الغاء الرواتب التقاعدية.. لماذا الآن ؟!

 

المحافظة على المال العام مسؤولية الجميع، وهدر المال العام يعني ببساطة صرفه في غير موقعه، المال العام وجد للمنفعة الجماعية وفي المجالات المخصصة له، اليوم هناك مطالبات بالغاء الرواتب التقاعدية لاعضاء مجلس النواب ومجالس المحافظات، هذه المطالبة ان كانت وليدة اليوم او قبل هذا التاريخ من الناحية الرسمية، ولكنها كانت من الشارع العراقي قبل اكثر من هذه الفترات المعلنة، المطالبة هذه تأتي في سياق الحفاظ على المال العام وهي خطوة تلاقي تجاوب في الشارع العراقي ولاسباب ليست خافية على احد، تساؤلات كثيرة تبحث عن الاجابة لماذا اثارتها الان تحديدا؟ المطالبون بها هم من الذين يتقاضونها خلال هذه الدورة البرلمانية او تلك التي سبقتها، وكتلهم والكيانات التي ينتمون اليها سبقوهم بذلك سواء في المجلس الوطني المؤقت او الجمعية الوطنية ومن استمر في التسلسل الزمني لحد الان. والتساؤل الاخر من قام بتمرير هذه الرواتب التقاعدية في مجلس النواب؟ ومن الذي وافق عليها عند مناقشة قانون الموازنة التي تحتوي على هذه التخصيصات المالية؟ ومن الناحية الدستورية من سيطالب بالغائها؟ اذا جاءت المطالبة والاقرار عن طريق تشريع قانون من مجلس النواب سوف يتم الطعن بها من المحكمة الاتحادية استنادا الى تفسير سابق للاتحادية بان القوانين او مشاريعها يجب ان تقدم من قبل السلطة التنفيذية الى مجلس النواب استنادا الى المادة 60 اولا من الدستور وان كان مقترح لقانون يقدم من قبل 10 من اعضاء مجلس النواب او من احدى لجانه المختصة وفق الفقرة ثانيا من المادة اعلاه وعند الموافقة يتم تشريع قانون بذلك وحسب السياقات المتعارف عليها، المبالغ التي تم الاعلان عنها كبيره جدا وحسب رئيس لجنة شؤون الاعضاء النيابية في تصريحات صحفية فان المبالغ التي تصرف سنويا في هذا المجال (بحساب بسيط قمنا بدراسة المبالغ التي تصرف للرواتب التقاعدية لاعضاء مجالس النواب والمحافظات دون اعضاء المجالس المحلية والاقضية والنواحي في شهر واحد يعادل 9 مليارات و60 مليونا وفي سنة واحدة 108 مليارات و796 مليونا, وتابعت" خلال الـ8 سنوات الماضية للجمعية الوطنية والمجلس الوطني المؤقت ومجلس النواب السابق والحالي واعضاء مجالس المحافظات المبلغ المصروف تقريبا وربما اكثر 654 مليارا و290 مليونا ) هذا باستثناء مجالس الاقضية والنواحي، مبالغ كبيرة جدا تصرف هكذا، حقيقة القول الشارع العراقي رغم تفاعله الايجابي مع هذه المطالبة الا انه غير مقتنع بان يحدث اي تغيير ،وذلك لقناعته بان مايتم طرحه الان ماهي الا دعاية انتخابية استباقية للانتخابات النيابية القادمة ،التساؤل الان لماذا لايقوم اصحاب مثل هذه الطلبات بالتنازل عن رواتبهم وامتيازاتهم كي يكونوا قدوة للاخرين؟ ويتم اعلان ذلك رسميا في وسائل الاعلام، وهل بامكان النواب في الكتل الاخرى الموافقة على مثل هذا الطلب؟وهل يكتمل نصاب الجلسة لمناقشة هذا المشروع؟ وهل يشمل الطلب اعادة ماتم صرفها خلال السنوات السابقة ولحد اليوم، ام المطالبة تشمل ايقافها من الان فصاعدا؟ اوهل المشمولين اعضاء مجلس النواب فقط ام الوزراء ايضا واصحاب الدرجات الخاصة؟ حتما الحرص على المال العام هو الهدف من تقديم هكذا طلب، الا ان التوقيت لم يكن مناسبا في خضم الاوضاع السياسية السائدة وباتت كل خطوة الان في الشارع العراقي تحسب في سياقات الحملة الانتخابية واستباقا لها، ولو تم عرضها قبل اشهر من الان لكان لكل حادث حديث.