كن أسداً كي لا تكون عقيقة

 

انتهت عمليات توليد مجالس المحافظات ، بعضها ولد بعملية قيصرية ، بعضها ولادته طبيعية ، بعضها ولد ميتا ، بعضها ولد مشوها له ثلاث آذان واربعة السن وقلبه بين رجليه ، بعضها كان حملا كاذبا فحزنت الممرضات لفقدان الهدية ، ويستحب ان يذبحوا للمولود عقيقة ، اصبحت بعض المحافظات هي العقيقة ، حمل الآباء مواليدهم مع صوت الهلاهل ، انتهى مشهد الولادة بكل مافيه من ضحك على الذقون وبكاء على الاطلال ، وبدأ مشهد التحالفات من اجل تشكيل الحكومات ، يجلس الشركاء وبعضهم وجوههم كالاقنعة الملونة ، وبعضهم يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على مافي قلبه وهو الد الخصام ، منهم من يستقبل شركاءه بعينين دامعتين تختصران خبرة طويلة في الاستجداء السياسي ، ولو استثمرت هذه الخبرة في خدمة الناس لما بقي في البلد مظلوم ، وبعد اللف والدوران ينتهي الاتفاق وما تحت الطاولة أبشع مما فوقها فويل لكل همزة لمزة ، بعضهم بارع في عملية شراء البشر ، وليس كل رجل يصلح للبيع ، بامكانك ان تشتري الف خروف وتسوقها ولكنك لا يمكن ان تشتري أسدا واحدا ، سوق النخاسة السياسية بضاعتها رجال كالخراف والشراء على مرحلتين ، قبل الانتخابات صفقات لشراء الناخبين وبعد الانتخابات صفقات لشراء الفائزين والفرق كبير بين الصفقتين ، فرق في البضاعة والسعر والدوافع والنتائج ، ووسط الفوضى يقف فريق من الناس مازالوا يعتقدون بأن لديهم بلدا وشعبا ولديهم واجب مقدس ، ومازالوا يتكلمون بلغة التكليف لا التشريف ، ويعتقدون انهم سيموتون ذات يوم وان بعد الموت حسابا ، لم تتسلل الى قلوبهم خفقة الالحاد العملي ، هؤلاء ارادوا احياء المهنية في السياسة والادارة ، وفي مجالس المحافظات واجهوا النمط القديم من التفكير ومفرداته الشهيرة واهمها اسئلة المتصدي للأمر : كم سيأخذ وليس كم سيعطي ، استغلال الذكاء لا في تطوير الفاشلين بل في افشال الناجحين ، التخطيط الدقيق لاخراج اهل الشرف والكفاءة والنزاهة من ساحة الخدمة ، كيفية تصفية الخصوم الناجحين باساليب في منتهى الدناءة بالكذب والوشاية والتشويه والتسقيط ، كيفية التخلص ممن يريد خدمة الناس لصالح من يريد خدمة نفسه ، كيفية تهميش واقصاء من يحب شعبه لصالح الذي يحب نفسه ، التغني بكل القيم العليا وفعل كل ما ينافيها ، الكائنات الفاسدة لا يمكن اقناعها بأنها فاسدة ، لانها مختومة القلب والسمع والبصر ... المخلصون في مجالس المحافظات أقلية ستجد نفسها مطوقة بالمناوئين من ذوي العيون الحمراء ، سيكثر عدد اكباش الفداء ونحر العقائق احتفاء بالمواليد ، لا يمكن ذبح الأسد عقيقة لمولود جديد ، فهذه وظيفة الخراف فقط . والسؤال دائما : اذا كان الاشرار والفجار واللصوص قادرين دائما على تشكيل عصابات متماسكة متضامنة متعاونة على الاثم والعدوان وهي دائما منتصرة منعمة جاثمة على صدر هذا البلد فلماذا لا يعمل الأخيار والابرار على تشكيل فريقهم متعاونين على البر والتقوى متضامنين لأجل اقامة العدل وخدمة الناس ، والنصر مضمون لهم في الدنيا والآخرة ؟ لماذا يعمل الاشرار بمجموعات ويعمل الاخيار افرادا مشتتين ؟ اليسوا هم الاجدر بالنظم والاتحاد والعاقبة لهم ، اليس العاقبة للمتقين ؟