لم أحاول التطرق الى قضية الهاشمي من قريب لعدة أسباب منها وأولها هي طريقة التعامل معها منذ البداية الى وصوله الى تركيا,وقد أصدر القضاء العراقي حكما عليه بالإعدام ولعدة مرات,وصدرت عليه مذكرة حمراء بإلقاء القبض عليه لكن تركيا ,يبدو هكذا,أقوى من كل ألوان أوامر القبض بحق أي مجرم تريد حمايته,ومع كل هذا التعنت التركي تبقى تركيا المستفيدة الأولى من الاتفاقيات مع العراق وبكافة المجالات.لكن الأمر اليوم تعدى الحكم على طارق الهاشمي ووصل الى دعوة الأخير "للمجاهدين" الى الذهاب الى نصرة إخوانهم الشعب السوري وربما سوف يصلون الى العراق حيث يقول "اليوم في سوريا وغدا في بغداد" وهو الضليع باللغة العربية حيث عليه أن يذكر دولة مقابل دولة وليس دولة مقابل عاصمة. يعلق طارق الهاشمي في بيانه على المؤتمر الذي انعقد في مصر وصدر قرار من المجلس الإسلامي الأعلى ألتنسيقي,حيث يعتبر المبادرة تاريخية قلّ نظيرها"
بعد أن فقد الهاشمي كل مسؤوليتها في العراق وصدر قرار قضائي بتجريمه وحصل على الحماية التركية والخليجية جاء لينصر المستضعفين في سوريا أمام المد الفارسي ويدعو المجاهدين إليها حيث يذكر في بيانه"يدعو الى مصالحة بين الحكام والشعوب على أساس قراءة جديدة لتحدي فارسي حقيقي" ودعا"بموجبه المسلمين حكومات وشعوبا في مشارق الأرض ومغاربها نصرة لإخوانهم المستضعفين من أبناء الشعب السوري" .تحدي و صلافة سياسية لا حدود لها من رئيس الحزب الإسلامي سابقا ورئيس,ربما, مجموعة من "المجاهدين" لفترة قادمة حيث يقول"الصراع مرشح للانتقال من سوريا الى العراق وغيره, وحيث تطوع "ألآلاف من ماليزيا واندونيسيا للتطوع للجهاد".لا أعلم أين هؤلاء "المجاهدون" من قضية القدس والأراضي التي تحتلها إسرائيل,هل قضية العراق وسوريا هي أهم من فلسطين التي باعها العرب والمسلمين الى إسرائيل وباتفاق مع أمريكا؟أم إن العمى الطائفي والسياسي الذي ابتلى به الهاشمي يدعوه الى إصدار مثل هذا البيان الهابط لحفظ مركز له في حمى القضية؟من يدفع بهؤلاء القتلة الجدد الى المنطقة ومن يمولهم؟لقد دعم حكام سوريا الإرهابيين القادمين من الخليج والمغرب العربي ودولا أخرى في ضرب العراق وقتل أبناءه في تعاون مريب مع دول الخليج و حُذّرت سوريا من انتقال الإرهاب ألبها فيما بعد لكن غرور حكامها طال وقته,وماذا حدث بعد هذا أن بدا الإرهاب يضرب سوريا وبقوة في حين كانت أماكن تدريبهم هناك.واليوم تتبنى تركيا نفس الموقف المخزي بدعم وتسليح وإدخال الإرهابيين الى سوريا بهدف إسقاط النظام هناك.ولكن اللعبة السياسية لن تتوقف الى هذا الحد فمثلما انقلب السحر على الساحر في سوريا هناك احتمال كبير أن تحدث نفس المسرحية في تركيا,وقتها أين يذهب اردوغان ومن يحميهم وفي مقدمتهم طارق الهاشمي الذي يدعو علنا "المجاهدين من مشارق الأرض ومغاربها لنصرة المستضعفين في سوريا"؟لقد رأى الجميع ما تبثه بعض القنوات عن مجاهديي الهاشمي حيث يجلسون في الأرض وبأيدهم الأسلحة وعلم القاعدة ويدعون فيه الشباب لحزم أمتعتهم والتوجه الى سوريا,لان الجنة بانتظارهم.وقد قضى احدهم ونشرت صورته حيث لم يعلم أهله بشأن سفره الى سوريا,ولا يعلمون هل وصل الجنة أم لا, لكن دموعهم مازالت تنهمر. لقد اكتوا الشعب العراق بنار القوى الإرهابية لسنين عدة وليومنا هذا حيث القتل والتفجيرات أصبحت شبه يومية بعد فترة استقرار امني نسبي,لكن قوى الإرهاب تتحالف مع الشيطان من أجل زعزعة الأمن في العراق.وعليه على من يدير العملية السياسية أن تعي جيدا إن الإرهاب سوف لن يدخر أية وسيلة لتصعيد إرهابه أمام تفاقم الأزمات السياسية والتعنت والتشبث بالسلطة وتعطيل دور البرلمان في إقرار القوانين المهمة والتي تهم مصالح أغلبية الشعب وقوتهم اليومي لابل إنسانيتهم حتى.على الدولة أن تعقد العزم لإنهاء كل الخلافات السياسية وتبدأ بالحوار الجدي مع كل القوى الفاعلة على الساحة السياسية وأن لا تقتصر على رموز الأزمة نفسها لانهم سوف لن يصلوا الى حل حيث إنهم المسببون فيها وسوف لن يكونوا الحل لان الثقة قد انعدمت فيما بينهم وأن حصل اتفاق فيما بينهم فسرعان ما يبدأون بالتنصل من بنود اتفاقاتهم لأنها تبنى أساس على إسقاط الآخرين وتقاسم السلطات بين طرفين أو ثلاث .الفراغ السياسي وتأزم العلاقات وتوقف العملية السياسية عند منتصف الطريق وانتشار البطالة وقلة الخدمات وانتشار الفساد والتستر على الفاسدين يشجع الإرهاب ومن يقف معهم في تدمير ما بقى من العراق.
وأخيرا ,فطارق الهاشمي المدان من قبل القضاء العراقي لم يمتلك الشجاعة لان يقابل القضاء ليدافع عن نفسه وبدلا عن هذا لبس لباس بن لادن ليصبح إرهابيا جديدا يضيف الى تأريخه الأسود صفحات جديدة وليقود مجاميع الإرهابيين القادمين من ماليزيا واندونيسيا وليقودهم من نصرة المستضعفين في سوريا الى المستضعفين في العراق,لكن عليه أن لا ينسى أن من يدفعه الى ذلك هم في طريقهم الى الأفول,فأين المفر؟وعلى الدولة العراقية الآن أن لا تسكت سكوت الموتى أمام تحريض الهاشمي وتعتبره "زوبعة في فنجان" لان الخليج معه وتركيا معه وأمريكا معه الآن، لحين القضاء عليه بعد جلب بقايا القاعدة من الدول الإسلامية البعيدة.
|