الحسّ الأمني والخطر الجرمي

 

الحس الأمني هو الشعور او الإحساس المتولد داخل النفس ، والمعتمد على أسباب وعوامل موضوعية تؤدي الى توقع حدوث الجريمة بقصد منعها او ضبط مرتكبيها اذا وقعت بهدف القصاص من مرتكبيها . ويعتمد الحس الأمني على عناصر ذات طبيعة مزدوجة تحدد طبيعته وتباعد بينه وبين ما قد يختلط به من وسائل المعرفة الاخرى ووسائل الادراك المتباينة . واهم الخصائص التي تميز الحس الأمني نوعان من الخصائص احداهما ذات الطبيعة الوجدانية او الحسية ، والتي تتمثل في اتجاه الانطباع الداخلي او الشعور والاحساس الذاتي نحو امر ما يجعل صاحبه يسلم بوجوده ويعتقد في حدوثه ، او يتجه الى التسليم بامكانية حدوثه ، فاذا ما صدق ذلك الاحساس كانت النتيجة منع جريمة قد يعد لها ، او استجلاء حثيثة تؤدي الى كشف غموض جريمة وقعت بالفعل وثاني الخصائص هي العناصر الموضوعية التي تظهر بمظهر التوقع العقلاني المعتمد على الفكر والاستنباط ... لهذا فان الحس الأمني هو جماع لكلا النوعين من العناصر لا يتحقق الا بتكاملها ، ولعل هذا هو الذي يباعد بين الحس الأمني بهذا المضمون ، وبين غيره من وسائل الإحساس الوجداني المجرد كالحدس والتخمين ، ويعرف في ذات الوقت من جهة الموضوعية بين الحس الأمني ووسائل الإدراك العقلي المجرد كالتفكير والتحليل والإحصاء . ان الحس الامني يجب ان يتمتع بتلك الطبيعة المزدوجة التي تتمثل في .. توقع وشعور وجداني الى احساس عقلاني الاسباب ... ففي العمل الامني نحن بحاجة الى الشعور الوجداني والتسبب العقلاني ، تحقيقا للحس الأمني ... واذا اردنا إيضاحاً اكثر ، فان الحس الأمني بجمعه لكلا العنصرين يضمن النجاح المطلوب في المواجهات الأمنيّة سواء في منع الجريمة ابتداء او في مجال مواجهتها وضبط الجناة منها انتهاء ، وان دور العناصر الوجدانية في سرعة الانطباع او الاتجاه نحو تصور معين ، او توقع محدد ، او تخوف بذاته يدفع رجل الشرطة الى سرعة التصرف باجراءات ما كان يستطيع القيام بها لو استغرق عقله بالتفكير فيها ، بينما يتجسد العنصر العقلاني في ضرورة ترشيد الميل والابتعاد به قدر الإمكان عن الهوى البين وتسخير العقل فيما نريد تحقيقه حتى نستطيع تحقيق الحس الأمني بكامل أهدافه . إننا اذ نؤكد على ان الحس الأمني اذا اجتمعت فيه العناصر الوجدانية والعناصر العقلانية تحقق المرجو منه ، وان اقتصار الأمر على أي منهما فقط يباعد بين ما يتصوره رجل الشرطة وبين الحس الأمني بمفهومة الفني الدقيق . ان العمل الامني عندنا وهو يواجه خطر الإرهاب والجريمة لا يتحقق باجتهادات عاطفية او وجدانية ، بل يتحقق بكل الإمكانيات التي تحقق الحس الأمني ، ذلك الحس الذي يتعين على الجميع زيادة زخمه ، والاقتناع بضرورة وجوده والعمل على تنميته لما له من دور فعال في مجال المواجهة الأمنية ومكافحة الإرهاب .