الربيع العربي : على ماذا يجب ان نثور ؟ |
واهمون اولئك الذين يرفضون النهل من اوربا،ان الحضارات هي منعطفات ومراحل وهذه العلوم في وقت ما كانت لدى المسلمين في قمة التخلف الاوربي ثم اخذها الاوربيون وطوروها ولذا من الواجب علينا الاستفادة من تراث أجدادنا" (الطهطاوي) فسر بطرس البستاني الانحطاط في الثقافة العربية على انه نتيجة لتراجع جودة التعليم ، وان الحضارة العربية في اوج ازدهارها كانت بسبب ارتفاع مستوى الفكر و التعليم وصارت نموذجا يحتذى به لاوربا ، الا ان العرب لم يحافظوا على هذا الازدهار وقلت حظوظهم في التقدم والسباق مع اوربا بمجرد ان اهملوا القراءة. ثار العربان على الاستبداد الذي صنعوه بانفسهم ، وغيروا الانظمة الحاكمة المستبدة،واستبشرنا بذلك خيرا على اعتبار ان من قام بهذه الثورات هم الشباب من النخب المثقفة او على الاقل الطبقة التي تحمل بعض الوعي نتيجة التواجد على الشبكة العنكبوتية التي تتيح قدرا جيدا من التعرف على الامم الاخرى و الانفتاح على الاخر . وشعرت في لحظة ان هذه الثورات هي نتيجة للوعي العربي الذي دفعه للعودة مرة اخرى (سؤال التخلف) الذي ما انفك مفكروا عصر النهضة مثل شبلي شميل(1850-1917) و فرح انطون(1874-1922) جورجي زيدان(1861-1914) ، يعقوب صروف(1852-1917) سلامة موسى(1887-1958) و نقولا حداد(1878-1954) الذين كان جدالهم قائم في ان المشكلة الحقيقية في العالم العربي تكمن في ثقافته . كنت اظن ان سؤال الحرية الذي يعني الازدهار و التقدم بكل اشكاله كان هو الدافع وراء هذه الثورات في العالم العربوي ، ولاتلوموني اذ اسميه (العربوي)ومنذ ان حدث ما حدث في ليبيا والطريقة البشعة و الدموية التي قتل فيها القذافي مرورا بما يحدث بمصر اليوم ، وسوريا التي كشف الشعب و النظام على السواء الروح الدموية و الوعي الجرائمي الكامن في نفوسهم وبيئتهم وضميرهم .ايقنت باننا في عصر الاشباح التي تتلبس ثوب الحرية التي لاتفهم عنها شي. بعد كل هذا لم اجد من هذه الثورات اي شيء يدل على مفهوم الثورة الفعلية ، فحسب الاحصاءيات المحلية و الدولة حول مستوى القراءة و التعليم في العالم العربوي ، فقد نشرت صحيفة الرأي الاردنية ان إجمالي ما تنتجة الدول العربية من الكتب يساوي 1.1 % من الانتاج العالمي.وقالت الصحيفة "ما زال الجفاء في أوجه ما بين المواطن العربي والكتاب، فالدراسات الدولية الأخيرة حول معدلات القراءة في العالم أوضحت أن معدل قراءة المواطن العربي سنويا ربع صفحة، في الوقت الذي تبين فيه أن معدل قراءة الأمريكي 11 كتابا، والبريطاني 7 كتب في العام." يكره المسلمين العلمانية وهم لا يدركون معناها الحقيقي اصلا ، والسبب بسيط لانهم لا يقرأون ولو قرأوا فلن يفهموا ولن يدركوا ان مفكري عصر النهضة ادركو ان وعي التخلف يكمن في الوعي الحقيقي في نقد المسلمات (التي جعلها من يركب على ظهورهم) مسلمات لا ينبغي النقاش فيها ، ثم عاشوا استنادا للمعطيات القديمة ، ولا انسى ما قاله لي احدهم بان الانسان في العالم العربوي بامكانه ان يحمل وينقل الحجارة لمدة 24 ساعة على ان يفكر لساعة واحدة فقط . إنها سياسة تعليمية ذات عواقب وخيمة: فالآن أكثر من أي وقت مضى، في فترات التغير التاريخي، تحتاج البلدان العربية لا سيما إلى علماء وباحثين من أجل بناء الهياكل الحكومية المدنية من أحزاب ووسائل إعلام ونقابات. لتحرير الوطن العربي من دوره الاستهلاكي السلبي، يتطلب الأمر، وفقاً للخبراء دوليين، السماح للتلاميذ والطلبة بالمزيد من الديمقراطية والشفافية والمشاركة في صنع القرار. وليس هذا فحسب بل ان الانفاق على التعليم لا قيمة له مقابل التعليم القديم و المناهج التي عفا عليها الزمن، ان الثورة الحقيقية اليوم هي ثورة التعليم لا ثورة الدم. |