حفلة القتل بالهراوات التي جرت في كربلاء ليست حدثا فريدا.. فالوحش "سوات" من حقه ان يدهس من يختارهم وببساطة.. وهذا يسمونه في أعراف دولة الامن "عملاً بطوليا وطنيا"... في كل جريمة ترتكبها قوات"سوات" نجد من يخرج علينا ليوجه برقيات الشكر لهذه القوات الباسلة التي تحفظ الأمن وتنشر الأمان بين الناس. ولكي نفهم ما جرى في حادثة كربلاء علينا أن نعرف ان نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي يقضي الويك أند في كندا، والأخبار تقول ان وزير الدفاع يمضي إجازته العائلية في السعودية.. اعضاء في لجنة الامن والدفاع البرلمانية يصيفون في تركيا ولندن.. هل نسيت أحداً؟.. وهمهمات وهمسات تقول ان رئيس التحالف الوطني ضجر ولهذا قرر ان يرفه عن نفسه بالتزام الصمت. قبل ايام وقع تحت يدي كتاب بعنوان "الإنسان المهدور" وفيه يخبرنا المؤلف أن هذا النوع من البشر يعيش تحت ضغط القهر والاستبداد.. وهو انسان لايُعترف بطاقاته ولا كفاءته.. وليس من حقه أن يقرر مصيره.. لاتعترف السلطة أصلا بوجوده.. تقتله، تعذبه، تسجنه.. تزور إرادته.. تلغي وجوده لايهم.. فماذا يعني أن يضرب انسان من قبل قوات "سوات" ويموت سريريا.. هذا أمر طبيعي في بلد لاتهتزضمائر مسؤوليه لمقتل العشرات كل يوم.. فلا محاسبة لمن تحميه السلطة، ولا وجود لشيء اسمه عدالة واحترام للقضاء، وشعور بسيادة القانون..حتى لو فرح أعلام السلطة، ورقص مقربو المالكي لخبر اطمئنان اتحاد الكرة على صحة المدرب "المضروب" والذي اعتبرته قناة العراقية نصرا مؤزراً للحكومة.. فالعدالة لا تتحقق ما دام القاتل الشرس لايقترب منه احد.. وتحميه كل مؤسسات الدولة.. فالهدف في النهاية هو أن يحكم "مختار العصر" قبضته على هذا الشعب المهدورة كرامته. في كل يوم يخرج علينا رئيس الحكومة ومعه أجهزته الإعلامية والأمنية وهم يحذرون العراقيين من خطر جديد اسمه "الاعتصامات" وكيف أن اصحابها يريدون ان يهددوا الحياة الهانئة التي تعيشها مدن بغداد والبصرة والانبار وميسان والحلة، وقرأنا سيلا من البيانات والشتائم تطالب بتطهير العراق من هذه الزمر المتآمرة على مستقبل البلاد، وسعى البعض إلى إيهام الناس بان المشكلة ليست في غياب الأمن ولا في ارتال الفاسدين اللذين يعششون في معظم مؤسسات الدولة، ولا في غياب ابسط شروط العيش، ولا في البطالة وازدياد معدل الفقراء، ولا في فوضى التعليم، ولا في جيوش الأيتام والأرامل الذين يعيشون على هامش الحياة، وانما في اعداء النجاح المتربصين للانقضاض على المكاسب التي حققتها حكومة المالكي، وفي الوقت الذي يصر البعض على تجنيد القوات الامنية لخوض معركة المصير مع الموصل والأنبار.. تضبط كوارث الخروقات الأمنية مسؤولينا وهم متلبسون بحالة من العمى أصابت عقولهم قبل أبصارهم. حفلة الهراوات تفسر جنون السلطة في الدفاع عن الفشل، فنحن في ظل جماعة تريد الحكم ، لكنها لاتملك غير الاستبداد.. وهي في الوقت الذي تخوض فيه معركتها "المظفرة" ضد مدرب نادي كربلاء.. نجدها عاجزة عن حماية مدينة طوزخرماتو التي تذبح كل يوم من الوريد إلى الوريد.. وسط غفلة امنية وصمت حكومي مخجل.. ضحايا أبرياء ذنبهم أنهم صدقوا ان المعركة الأمنية حسمتها قوات "سوات" البطلة، وان السيد المالكي اكتشف من هم الأعداء، وسوف يقضي عليهم، فإذا بالمفخخات والمسلحون يتربصون بهم وفي وضح النهار وبسمع ومرأى من الأجهزة الأمنية. طبعا سأكون ساذجاً لو إني سألت عن الأموال التي أهدرت في تدريب قوات سوات "الشجاعة"، فالأرقام أكثر من قدرتي على الحساب، تضاف إليها السيارات المصفحة ومخصصات سكن وخطورة وما بينهما من الأموال التي تصرف بدون وجه حق.. يالمقابل لم نر لهذه القوات سجلا حافلا في الملف الأمني، بل إن العديد من قادتها كانوا جزءا من منظومة أطلق عليها "جماعة كل شيء تحت السيطرة" ، فيما العبوات الناسفة وكواتم الصوت والمفخخات تطارد العراقيين في المدن والقرى والأقضية. اجهزتنا الامنية تكشف كل يوم عن وحشية بدائية تقابلها، هشاشة وضعف، ونراها تعتمدعلى نشر الرعب، لا الكفاءة في الأداء، ربما لأن مفهوم الامن لدينا تغير من حماية أمن المواطن الى المحافظة على كرسي المسؤول.. حين يصبح ترويض الشعب هو الهدف، والرأي جريمة يستلزم الامر إنشاء قوات "سوات" خاصة .. فمسؤولونا يعتقدون ان تقدم البلدان لايتم عبر بناء موسسات للدولة تحمي أمن البسطاء، وتسعى لتوفير الخدمات لهم،وانما في انشاءاجهزة ترفع شعار نحن الوطن.. ترافقها جمل وعبارات كوميدية من عينة : " قواتنا تؤدي مهمة وطنية ".. ماجرى في كربلاء هو الاجابة التي تتحول الى سؤال.. لماذا تذبح الناس في الشوارع، بينما قوات المالكي " الباسلة " منشغلة باقامة حفلات القتل "بالهراوات"؟. |