الشفافية الدولية: العراق يقبع في حضيض قعر معدلات الفساد بالعالم

 

 

 

 

 

 

بغداد: كشفت منظمة الشفافية الدولية، أن العراق يقبع في "حضيض قعر معدلات الفساد بالعالم"، مما أدى إلى "إذكاء" العنف السياسي والحاق "الضرر" بعملية بناء دولة "فعالة ونقص" بتقديم الخدمات إذ ما يزال العراق "فاشلاً" في توصيل الخدمات الأساس بشكل كافي، وأن 23% من أبنائه ما يزالون "يعيشون بفقر مدقع"، وفي حين بينت أنه على الرغم من المبادرات الحكومية لمكافحة الفساد، فإنها ما تزال "متعثرة" ولم يأت إعلان رئيس الحكومة نوري المالكي، بمكافحة الفساد خلال 100 يوم في العام 2011 الماضي، بـ"أي نتيجة ايجابية"، شككت بإرادة الحكومة والتزامها بجهود مكافحة الفساد.

وأوردت المنظمة في تقريرها، أنه "بعد بداية صعبة تمثلت بعدم الاستقرار المؤسساتي أصبح النظام العراقي الجديد خلال السنوات الأخيرة يدرك تحديات الفساد الضخمة التي يواجهها"، مشيرة إلى أن "عمليات الاختلاس الضخمة وأساليب الخداع وغسيل الأموال وتهريب النفط وحالات الرشاوى والبيروقراطية المنتشرة قد رمت بالبلاد في حضيض قعر معدلات الفساد في العالم، مما أدى إلى إذكاء العنف السياسي والحاق الضرر بعملية بناء دولة فعالة ونقص بتقديم الخدمات".

وذكرت المنظمة، أنه على الرغم من "مبادرات البلاد في مكافحة الفساد وتوسع أطر العمل في هذا المجال منذ عام 2005 فلم يستطع المسؤولون لحد الآن ايجاد منظومة نزاهة قوية وشاملة في البلاد"، مبينة أن "التدخل السياسي في عمل هيئات مكافحة الفساد وتسييس قضايا الفساد بالإضافة إلى ضعف منظمات المجتمع المدني والافتقار إلى الأمان والموارد ونواقص الشروط القانونية قد حجمت بشكل كبير من قدرة الحكومة على كبح حالات الفساد المستشرية".

ورأت منظمة الشفافية، أن "ضمان نزاهة إدارة موارد النفط الكبرى المتزايدة ستكون من أكبر التحديات التي ستواجهها البلاد على مدى السنوات المقبلة".

وذكرت المنظمة، أن "الجانب الاقتصادي الآخر خارج القطاع النفطي، ما يزال ضعيفاً وغير قادراً على خلق فرص عمل مما تسبب بارتفاع معدلات البطالة بنسبة 20%"، لافتة إلى أنه على الرغم من "الاستثمارات الضخمة فما يزال العراق فاشلاً في توصيل الخدمات الأساس بشكل كافي، وأن 23% من العراقيين ما يزالون يعيشون بفقر مدقع حسب تقرير الامم المتحدة لعام 2013".

وقالت منظمة الشفافية، إن "تدفق أموال إعادة الاعمار الضخمة بعد العام 2003 قد طغت على إمكانيات القطاع العام الضعيفة وغير المنظمة في المراقبة"، مضيفة أن هناك "اجماعاً واسعاً على أن الفساد منتشر في العراق وإنه يشكل تهديداً أمام جهود بناء دولة، حتى ان المالكي اطلق على الفساد في العام 2006 تسمية الإرهاب الثاني في البلاد".

وأوضحت المنظمة، أن "العراق ما يزال وبشكل متكرر يحتل مراتب هابطة في أغلب مؤشرات الفساد الدولية، ففي العام 2012 احتل العراق بحسب تقرير مؤشر الفساد CPI المرتبة 169 كأكثر البلدان فساداً من بين 175 دولة، مع احرازها 18 نقطة من معدل 100 نقطة"، مؤكدة أن هذه "المؤشرات تدلل على أن العراق يقع في ذيل قائمة أضعف الدول إدارة لملف مكافحة الفساد".

وجاء في تقرير المنظمة، أن هنالك "عمليات تهريب كبرى للنفط على الأصعدة كافة، حيث تستخدم الأنشطة الفاسدة في هذا القطاع لتمويل كبار المجاميع السياسية والدينية وشخصيات ومجاميع إجرامية مسلحة ومليشيات"، وقدرت "كمية النفط المهرب للمدة من 2005 إلى 2008 بحدود سبعة مليارات دولار".

وعدت المنظمة، أن "وزارتي الداخلية والدفاع من أكثر مؤسسات القطاع العام تأثرا بحالات الفساد، وغالبا ما توسم صفقات السمسرة والعقود العسكرية بفضائح فساد"، مبينة أن "تخمينات هيئة التدقيق العليا تقدر أن ما يقارب من 1.4 مليار دولار قد فقدت في حالات احتيال وفساد في صفقات وزارة الدفاع لعام 2005 فقط، وخلال العام 2008 كشف مدير هيئة النزاهة السابق راضي الراضي، عن وجود حالات فساد في صفقات وزارة الداخلية تقدر بملياري دولار وكذلك وزارة الدفاع  بأربعة مليارات دولار، وان من أشهر هذه العقود المشبوهة هو عقد شراء أجهزة كشف المتفجرات المزيفة مقابل 85 مليون دولار".

واعتبرت المنظمة، أن "حالات الرشاوى تشكل جانباً آخر من الفساد الإداري في الأجهزة الأمنية حيث يضطر المتطوع الجديد لدفع خمسة آلاف دولار للانخراط في العمل"، وتابعت أن "استطلاعاً أجري عام 2011 الماضي، وجد أن 64% من المواطنين العراقيين دفعوا رشاوى لعناصر في سلك الشرطة وهذا ما يجعل من جهاز الشرطة بحسب تقرير الشفافية الدولي لعام 2011، من أسوء المؤسسات إدارة في العراق".

وفي محور خدمي آخر، أوردت منظمة الشفافية في تقريرها، أن "لدى الكهرباء أسوء ملف إدارة في العراق حيث ما يزال فاشلاً في تقديم خدمات كافية للمواطنين منذ أكثر من عشر سنوات على الرغم من القيام باستثمارات ضخمة في هذا القطاع منذ عام 2003"، لافتة إلى أنه في "الوقت الذي تم فيه انفاق 27 مليار دولار على قطاع الكهرباء منذ عام 2003 فانه تمت زيادة التجهيز بالكهرباء لـ 1000 ميكا واط فقط وبالمقارنة فان إقليم كردستان زاد من توليده للطاقة الكهربائية بكمية 2000 ميكا واط بإنفاق استثماري مقداره واحد مليار دولار فقط".

وذكرت المنظمة أيضاً، أن "مكافحة الفساد لم تكم من الأولويات العليا لسلطات الاحتلال، لكنها بزغت إلى أعلى مهام الأجندة السياسية خلال السنوات الاخيرة عندما بدء كل من المسؤولين الأميركيين والعراقيين إدراك مدى كلف وتأثير الفساد على اعمار وتطوير العراق، حيث اتخذ العراق أول خطوة خلال العام 2007- 2008 بتبني معاهدة الامم المتحدة لمكافحة الفساد وصاغ عقب ذلك بالتعاون مع برنامج الامم المتحدة للتنمية استراتيجيته الوطنية الشاملة الأولى لمكافحة الفساد 2010- 2014 التي تشمل كل وزارة ومؤسسة عامة"، مستدركة أنه على الرغم من "كل هذه المبادرات فما تزال جهود مكافحة الفساد متعثرة في العراق، ولم يأت إعلان رئيس الحكومة نوري المالكي، بمكافحة الفساد خلال 100 يوم في العام 2011 بأي نتيجة ايجابية".

وتابعت المنظمة، أن "جهود الحكومة ببسط أيديها على المؤسسات المستقلة ما تزال مستمرة بدون أي رادع"، مدللة على ذلك بـ"سيطرة مجلس الوزراء على هيئة النزاهة ودعوته لطرد رئيس الهيئة بعد تصريحه بعدم التزام الدولة بمكافحة الفساد، مما يشير إلى أن إرادة الحكومة السياسية والتزامها بجهود مكافحة الفساد أمراً مشكوكاً فيه".