التركمانُ أقلية قومية، لكنها عريقة الوجود في العراق، وحكمت بلاد الرافدين لأكثر من نصف قرن، وأسس التركمان دولتين هما (الخروف الابيض) و(الخروف الاسود) وهما تحديدا الاصل التاريخي والجذر الحي للعثمانيين ودولتهم فيما بعد. انتشر التركمان في اسيا عموما واثروا في ثقافتهم وعمقوا من الحضارة العربية الاسلامية، وهم من المسلمين الأقحاح الغيارى، وبرز منهم شعراء وكتاب في التاريخ والفقه، وامتاز التركمان بإجادة المقامات، وفي مرات كثيرة تنسب المقامات التركية الحديثة للتركمان. وفي كركوك تنتشر (القوريات) بطريقة ممتعة ومذهلة. ليس التركمان أمة مجهولة، وهم من عشائر وقبائل معروفة للقاصي والداني، ونشط ابناؤهم في القرن الماضي بعيد تأسيس الحكم الوطني عام 1921 في خدمة الدولة العراقية، فبرز فيهم كبار قادة الجيش والوزراء والشخصيات الادارية المرموقة، وربما كان اسم المرحوم اللواء الركن (عمر علي) في حرب فلسطين عام 1948بطل معركة جنين يقدم على اسماء جميع الضباط العراقيين الذين شاركوا في حرب فلسطين، ورويت عنه حكايات بطولية تصل الى مستوى الاساطير!. منذ عام 2003 استهدف التركمان بطريقة مثيرة للاستغراب، وتعرض الالاف من ابنائهم الى الابادة الجماعية من خلال القتل والسيارات المفخخة والاغتيالات.. لقد خسر التركمان مئات الكوادر الممتازة التي استشهدت في عمليات خسيسة وجبانة دبرت من قوى شوفينية حاقدة. التركمان كالعرب والكورد، فيهم مسلمون توزعوا على اكبر طائفتين في العراق، والملاحظ ان المناطق والاقضية والنواحي التي تسكنها اغلبية تركمانية شيعية هي التي تتعرض للإبادة والقتل بالمفخخات والانتحاريين، بينما يتعرض التركمان السنة في مدينة كركوك الى العمليات الاجرامية ذاتها.. وفي كلا الجريمتين يكون الفاعل مجهولا!. لماذا يستهدفون التركمان؟ ومن المستفيد من العمليات الارهابية ضد التركمان؟ ولمصلحة من يتم تفريغ المناطق التركمانية من سكانها الاصليين بأسلوب التهجير القسري؟!. بالطبع يقف التركمان عموما بمختلف طوائفهم واديانهم ضد مبدأ (كركوك كردستانية)، ويقاتلون بكل ما أوتوا من قوة ونفوذ (الاطماع) الكردية في كركوك.. ولكن هذا الكلام لايعني ابدا اتهام الكورد او لصق الجرائم بالعرب السنة في كركوك الذين يناضلون من اجل (عراقية كركوك)!. الاهداف السياسية التي اعلن عنها الكورد او العرب باتجاه كركوك لا يمكن ربطها بالجرائم التي تستهدف التركمان، وان هناك (قوى) شريرة تستثمر مطاليب الكورد على اساس انهم المستفيدون من ارهاب التركمان.. ان هذه القوى الشريرة هي وراء التفخيخات والاغتيالات التي تنفذ بدم بارد ضد التركمان. يبدو لي ان التركمان هم في المرتبة الثانية بعد المسيحيين العراقيين في قائمة الابادة والتهجير من العراق، وإلا بماذا تفسر العمليات المنظمة ضد التركمان؟! والى من يعطى العراق خالصا من قومياته واقلياته القومية والدينية؟ من المستفيد الوحيد من قتل التركمان؟ هل هي مخابرات دول الجوار أم عصابات الداخل القابضة للثمن مقابل ارتكاب هذه الجرائم البشعة ضد التركمان المسالمين الفقراء؟!. |