ضوء على نتائج إنتخابات نينوى

 

نتائج أنتخابات مجلس محافظة نينوى التي جرتْ قبلَ أيام .. أفرزتْ النتائج الآتية : حصول قائمة التآخي والتعايش الكردية ، على المركز الأول ب (11) مقعداً . وقائمة مُتحدون التي يتزعمها أثيل النُجيفي ب (8) مقاعِد . و إئتلاف الوفاء لنينوى ب (4) مقاعد . إئتلاف نينوى الموحد (3) مقاعد . وتجمع البناء والعدالة (3) مقاعد . إئتلاف العراقية الموحَد (2) مقعد . وكل من إئتلاف نخوة العراق ، وتحالف نينوى الوطني ، وتجمع عشائر أم الربيعَين ، وإئتلاف الجماهير العراقية ، وقائمة عراق الخير والعطاء .. مقعداً واحداً . وكذلك مقعداً واحداً لكل من كوتا المسيحيين ، والإيزيديين والشَبك . وبهذا يصبح المجموع (39) مقعداً .
أدناه بعض الملاحظات حول النتائج :
- القائمة الكردية أي التآخي والتعايش ، حصلتْ على 11 مقعد ، أي حوالي 29% من مجموع المقاعد . أي انها فقدتْ جزءاً من حجمها السابق ، إذ كان لها (12) مقعدا في إنتخابات 2009 ، من مجموع 37 مقعدا . والآن (11) مقعد من 39 مقعَد . أي بالمُحصِلة ، فأنها فقدت حوالي 4% من قوتها السابقة ! .
- أثبتَتْ هذه الإنتخابات ، مرةً اُخرى ، للأحزاب [[ الصغيرة ]] ، وكما يقول المَثل الكُردي : " .. ان الدخول في شوالٍ مُغلَق ، مع الثعالب والذئاب .. فيهِ الكثير من المخاطِر والمَضار ! " . ولكن كما يبدو ، فأن معظم هذا الأحزاب ، تُلدَغ من جُحرٍ لأكثر من مّرة ! . فستةُ أحزابٍ منضوية تحت قائمة التآخي والتعايش ، تحتَ عنوان ( وحدة الصَف الكردي ) .. لم تحصل على أي مقعَد .. وهذه الأحزاب هي : حركة التغيير / الإتحاد الإسلامي الكردستاني / الجماعة الإسلامية / الحزب الشيوعي الكردستاني / الحزب الإشتراكي الكردستاني / حزب الكادحين . في حين إستحوذَ الحزبان الكبيران ، على جميع المقاعد : فثمانية للحزب الديمقراطي ، وثلاثة للإتحاد الوطني الكردستاني !. ففي حين ان مُرشحي خمسة أحزاب ، لم يحصلوا على أصوات تُذكَر .. فأن مُرشح الحزب الشيوعي الكردستاني ، حصلَ على أكثر من سبعة آلاف صوت ، من مناطق سهل نينوى ، ولا سيما في المدن والقرى الإيزيدية .. لكنها لم تكن كافية للوصول الى العتبة الإنتخابية .
- تسّببتْ " كوتا النساء " ، في فُقدان الحزب الديمقراطي الكردستاني ، لمقعد .. لصالح الإتحاد الوطني الكردستاني ! . حيث ان الكوتا فرضتْ شطب المرشح " الذّكر " الفائز الأخير ، وكان من الديمقراطي مُصادفةً ، وإحلال أقرب " المُرشحات " ، وكانتْ من الإتحاد مُصادفةً ! . وبهذا أصبحت النسبة 8 للديمقراطي و 3 للإتحاد ، بدلاً من 9 مُقابل 2 .
- رّكز الحزب الديمقراطي الكردستاني ، في هذه الإنتخابات ، جهودهُ لفوز مُرشحي " كوتا الأقليات " من المؤيدين لتوجهات الحزب . ولقد نجحَ بالفعل بالنسبة الى ممثل المسيحيين وكذلك ممثل الشَبَك .. وكادَ ان يفعلها ، بالنسبة لممثل الإيزيديين أيضاً .. لولا ان مُرشَح حزب التقدم الإيزيدي ، بزعامة النائب امين فرحان جيجو ، المُناوئ للحزب الديمقراطي .. حصل على أصوات أكثر من المُرشح المدعوم من الحزب الديمقراطي ، علما ان الفرق لم يتجاوز الخمسمئة صوت فقط ! .
- ستة أحزاب من مجموع ثمانية ، التي تُشّكِل قائمة التآخي والتعايُش .. قّدمتْ شكاوي وطعون ، بدعوى وجود تزوير وتجاوزات ، والغالبية العُظمى منها ، كانتْ ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني ! .. وهي ظاهرة غريبة شهدتْها إنتخابات مجلس محافظة نينوى : فالشكاوي والطعون ، كانتْ من " الحُلفاء " و " المتآلفين " في قائمة واحدة ، ضد حليفهم اللدود الحزب الديمقراطي الكردستاني . بل ان حتى أقرب الحلفاء ، أي الإتحاد الوطني الكردستاني ، والفائز بثلاثة مقاعد ، قّدمَ أيضاً شكاوي ضد الحزب الديمقراطي ! . بل ان العديد من الشكاوي ، كانتْ من الصنف " الاحمر " !.
- رّوجتْ الأطراف " الخاسرة " دعايات فيها بعض المُبالغة .. إذ إدَعَتْ ، ان الحزب الديمقراطي الكردستاني .. جلبَ في منطقة فايدة والشيخان ، عُمالاً " بنغلاديشيين " عاملين في التنظيف ، لكي يُصّوتوا ! . وقال البعض الآخر ، ان تجاوزات سافرة حصلتْ في سنجار ومخمور وسهل نينوى .. وقيل ان معظم منتسبي البيشمركة والقوى الأمنية ، صّوتوا أكثر من مّرة ! .
على أية حال .. أدى الكَم الكبير من الشكاوي والطعون ، الى ان تقوم المفوضية المستقلة للإنتخابات ، بعد التحّقُق ، بإلغاء عددٍ من الصناديق ، يربو على المئتَين .. وبذلك فلقد خسرتْ قائمة التآخي والتعايُش ، حوالي السبعين ألف صوت ! . أي بمعنى آخر ، فلقد فقدتْ أربعة مقاعد في مجلس المحافظة .. فلو حُسِبتْ هذه الصناديق أيضاً ، لأصبح عدد مقاعد القائمة (15) بدلاً من (11) .
- عموماً .. وبما ان مقعَدَي كوتا المسيحيين والشبك ، هُما من المؤيدين الأكيدين ، للحزب الديمقراطي الكردستاني .. فأن مجموع أعضاء القائمة الكردية ، يصبحون (13) ، وبالتالي يُشكلون الثُلث تماماً . ومن جهةٍ أخرى .. ان كُتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني ، لوحدها ، أصبحتْ تمتلك عملياً .. عشرة مقاعد في المجلس .. وهي أكبر كتلة على الإطلاق .
- من النقاط المضيئة .. حصول أمرأتَين ضمن قائمة التآخي والتعايُش ، على مقعديهما .. عن طريق حصولهما ، على أصوات تؤهلهما بجدارة ، وليسَ عبر " كوتا النساء " . بل ان السيدة " رُقَية " جاءتْ الثالثة في عدد الاصوات في القائمة ، متفوقة على معظم " الرِجال " ! .
- على الرغم ، من ان قائمة " متحدون " بزعامة أثيل النُجيفي .. حازتْ على نفس عدد المقاعد للدورة السابقة ، أي ثمانية مقاعد . إلا انها خسرتْ بعض الشئ .. إذ كان لها ثمانية مقاعد في 2009 ، من مجموع 37 ، والآن ثمانية من 39 . وتبينَ ان التبريكات التي كانتْ فضائية النجيفي ، تبثها خلال الأيام القليلة الماضية ، حول " الفوز الكبير " .. كانتْ مُبالغة كثيراً ! . ومع ان أثيل النجيفي ، بادر فوراً بعد إعلان النتائج ، الى عقد مؤتمرٍ صحفي ، قالَ فيهِ ، بأنه هو وقائمته ، وبالتحالف الوثيق مع قائمة نينوى المتحدة " التي تمتلك ثلاثة مقاعد " .. هُم مَنْ يُمثلون الوجه العربي الحقيقي للموصل ، وهُم مَنْ سيشكلون الحكومة وسيكون المحافظ منهم . 
ومن الطبيعي ، ان أثيل النجيفي ، حتى لو تحالفَ مع قائمتَين او أكثر، لن يستطيع .. تشكيل الحكومة المحلية [[ من دون ان يُنّسِق ويتحالف مع القائمة الكردية ]] . 
- من المتوقع ، ان يتغير شكل مجلس المحافظة عن دورة 2009 . فالكُرد الذين هُمِشوا لثلاث سنوات ، وحتى عندما عادوا الى المجلس قبل سنة ، فأن دورهم كان هامشياً . لكن اليوم إختلفتْ الأمور كثيراً .. والموازين تغيرتْ .. فسوف يحصلون على أحد المناصب الرئيسية بالتأكيد : أما المحافظ أو رئيس مجلس المحافظة " ولأنه من المتوقع ان تتكرس العلاقة الإيجابية بين قائمة التآخي وقائمة متحدون " .. فربما سيقبل الكرد ان يكون أثيل النجيفي مُحافظاً .. وتبقى رئاسة المجلس لهم .. إضافة الى مناصب أخرى ورئاسة بعض اللجان المهمة !.
....................................
* التنافس المرير ، بين الكتل السياسية المدعومة بشكلٍ أو بآخر ، من المالكي .. من جهة ، والكتل التي يرعاها أسامة وأثيل النُجيفيين ، والذي أدى الى تشرذُم الأصوات العربية .. وكذلك الإقبال الضعيف على الإنتخابات مِنْ قِبَل العرب عموماً في الموصل ، ليأسهم ومللهم من وعود الطبقة السياسية الفاسدة .. ساعدَ الكرد عموماً ، على الحصول هذه المرة أيضاً ، على ثلث عدد مقاعد المجلس .
* أظهرتْ الإنتخابات بجانبها الكردي : يأس وندم أحزاب المعارضة الثلاثة : حركة التغيير / الإتحاد الإسلامي / الجماعة الإسلامية .. من الدخول في قائمة واحدة ، مع الحزبَين الكبيرَين .. ولا أعتقد بانها ستُكرِر ذلك في المستقبل القريب ! . وحتى الحزب الشيوعي الكردستاني ، لايخفي إستياءه وتذمره ، من تجربة إنتخابات مجلس محافظة ديالى والغبن الذي لحقه هناك ، والحصار الذي واجهه في سهل نينوى أيضاً . بل ان الإتحاد الوطني الكردستاني ، كذلك ، لم يكن راضياً ، عن طريقة التعامل التي مارسها حليفه الحزب الديمقراطي ! .
كُل هذه المؤشرات ، تدعو الى القلق .. والى ضرورة إجراء مُراجعة نقدية جادة .