الإرهاب لا يفرق بين مكونات الشعب العراقي

 

إن استمرار مخطط الابادة الجماعية على الوتيرة نفسها لمختلف مناطق ومكونات الشعب القومية والدينية والعرقية يجعلنا ندرك أن الإرهاب بمختلف أنواعه وأشكاله وعناصره وآلياته لا يفرق بين عربي أو كردي بين مسلم أو مسيحي أو آيزيدي أو صابئي في كل عملية إرهابية، فان الضحايا هم من العراقيين الذي قد لا يكونوا منتمين أو لهم مواقف مضادة مع أحزاب الإسلام السياسي أو أية أحزاب أخرى لكنهم ينشدون الأمان والعيش بسلام وعائلاتهم ومع المجتمع، لكن الإرهاب لا يرى فيهم إلا مشروعه الجهنمي القتل ومزيداً من القتل بانتقاله من منطقة لأخرى ومحافظة إلى محافظة ولو أمعنا النظر لوجدنا انه يختار الأنسب لمشروعه الإجرامي، وهاهو ومنذ فترة غير قليلة جعل التركمان العراقيين هدفاً وذلك لخلط الأوراق فتارة تتهم جهات كردية وثانية عربية وبما أن التركمان كحالة عراقية لا تختلف عن غيرها من القوميات فتارة نجدها ضد الشيعة منهم وأخرى ضد السنة والهدف معروف خلق الفتنة عن طريق الابادة لكل الأطراف ودون استثناء ولكن إظهاره وكأنه دفاعاً عن طرف وبالضد من الطرف آخر، ففي مناسبات عديدة أظهرت الحقيقة بأن الذي يفجر في منطقة ذات تكوين معين يعود للتفجير والقتل في منطقة أكثريتها من مكون معين وبهذا يخلق تداعيات وكأنها حرباً طائفية أهلية، ولهذا لو وضعنا كركوك وطوز خرماتو كنموذج للكشف عن حقيقة التفجيرات لوجدنا أن ما نذهب إليه صحيح كل الصحة ففي كركوك التفجيرات تنتقل من حي أغلبيته تركمان إلى حيَ أغلبيته كردية أو آخر الأغلبية فيه عربية أو مسيحية بينما تتواصل التفجيرات بالضد من الحسينيات والجوامع ، ونشهد أيضا المجازر التي قامت في طوزخرماتو بالضد من التركمان مع العلم أن المواطنين التركمان مقسومين ما بين السنة والشيعة لكن القتل والإرهاب لا يميز بينهم بل يقوم بأعماله الإرهابية ضد التركمان حصراً ثم اتهام الكرد أو الإقليم لخلق الانقسام والعداء بين مكونات الشعب وبتحريض من أئمة الإرهابيين إن كانت المنظمات الإرهابية التكفيرية أو الميليشيات السرية المسلحة، ومع شديد الأسف أننا نشاهد عدم فاعلية الأجهزة الأمنية في الكثير من القضايا بشكلها الحقيقي وليس ما نسمعه أو نقرأ عنه من تصريحات ووعود تذهب أدراج الرياح، فهناك على ما يبدو عجز يؤخذ عليه من قبل هذه الأجهزة لان استمرار التفجيرات والقتل في كركوك وطوز خرماتو أصبح تقريباً يومياً وكأنها تكاد أن تكون شبه مستحيلة ولا يمكن محاصرتها فكيف إنهائها بشكل تام، وبينما القوى الإرهابية تسرح وتمرح نجد الصراع غير المبدئي بين البعض من القوى السياسية يتصاعد في وسط من الاتهامات والتلميحات تاركين العلة الأساسية بدون علاج، وطوزخرماتو ومنذ سنين تتحمل المآسي ، هذه المدينة التي تُعد من المدن العراقية الفسيفسائية بالتلوينات الشعبية ، التركمان ويبدو أنهم ملاحقين خطوة فخطوة ، والكرد متهمين وملاحقين ، والعرب اتهامات بالبعث لكنهم يدفعون الثمن من التفجيرات حالهم حال البقية، وهذه المدينة تضرب يومياً بدون الالتفات إلى التحرك الجاد من قبل المؤسسات الأمنية لحماية حياة أبنائها وللحفاظ على ممتلكاتهم بينما مسؤوليها أساتذة في وضع اللوم على عاتق الإقليم والبيشمركة والكرد وغيرهم ـــ فلماذا هذه المواقف المكشوفة بالتحيز؟ ولماذا هذا الإهمال؟ أم هناك من يريد أن يستمر الوضع بالتدهور والاضطراب بهدف عدم الاستقرار وخلق نوع من العداء بين مكونات المدينة الواحدة، ولهذا وليس من باب الدعاية فقد حمل مجلس محافظة صلاح الدين يوم الأربعاء 26/6/2013 الأجهزة الأمنية المسؤولية لكنه حاول حرف الحقيقة وعدم تشخيص أساس المشكلة الذي تمر ليس على طوزخرماتو فحسب بل إنما العراق، ولمجرد متابعة الأخبار سوف نجد أن التفجيرات لم تكن لها جغرافية محددة طبعاً باستثناء الإقليم الذي يعيش حالة من الاستقرار الأمني وكان المفروض بالحكومة الاتحادية وأجهزتها الأمنية الاستفادة من تجربتهم والاتعاظ من عملهم المثمر، وأشار مجلس محافظة صلاح الدين أن المشكلة في " دور اللواء 16 من الجيش الذي انسلخ عن حكومة المركز " لكن المجلس المذكور تناسى انه متهم من قبل أكثرية التركمان بتراخيه وتفريقه حتى بين التركمان أنفسهم وتناسى أيضاً بالنسبة للواء المذكور القرارات التي حاولت تهميشه ونقله إلى أماكن أخرى بحجة " أنهم كرد وانحياز هذا اللواء إلى الإقليم وإدارته الأمنية" وهذا قفز على الواقع ولا يمكن أن يأتي بحلول عملية لكي تتخلص طوزخرماتو أو كركوك والتركمان من هذا القتل المبرمج، وليس التعكز على طالبات لتشويه الواقع وتغيير الأنظار باتجاه آخر فهذا المجلس يطالب وهو أمر مضحك حقاً " بسحب عمليات دجلة والبيشمركة من الطوز " ولا نعرف كيف سيحمى المواطنين كل المواطنين من آلة الإرهاب المدمرة؟ ومع ذلك فان المجلس أشار بعد ذلك بحق أن "الأجهزة الأمنية وقيادة عمليات دجلة تتحمل مسؤولية ما جرى، كونها تتحمل أخلاقيا ورسميا وقانونيا واجب المحافظة على أرواح المواطنين في المناطق التي تخضع لمسؤوليتها"، مؤكدا أن "ما حصل يوم أمس هو نكبة كبيرة، وجريمة نكراء، راح ضحيتها قيادات تركمانية ومدنيون أبرياء" بالتأكيد أنها نكبة لحقت بأبناء شعبنا من التركمان في طوزخرماتو وهي جريمة لا يمكن السكوت عليها ويجب أن تتحمل الأجهزة الأمنية وقوات دجلة المسؤولية بدلاً من إلقاء التهم جزافاً وتحميل الآخرين عجزهم وتقاعسهم.
إن التأكيد من قبل البعض من السياسيين العراقيين على استمرار التفجيرات ضد التركمان في طوزخرماتو فقط دون غيرهم ممكن دحضه بالملموس وبسهولة لأن كركوك وبمختلف مناطقها تتعرض لمثل هذه الأعمال الإجرامية مع العلم أن كركوك لا يوجد فيها " اللواء 16 من الجيش" والمتهم بأنه تابع للإقليم حتى تبرر جرائم التفجيرات بسببه، فكركوك والتركمان الذين فيها وغيرهم من المكونات القومية والدينية والعرقية والمذهبية تعاني من المأساة نفسها مثلما تعاني جماهير طوزخرماتو، كما تعاني جماهير العاصمة بغداد وأكثرية المحافظات من التفجيرات والاغتيالات وتدمير البنى التحتية مثلما تعاني الجماهير في طوزخرماتو أو كركوك، ولمجرد متابعة أخبار هذه الجرائم التي ترتكب سوف يصل المرء إلى هذه الحقيقة فمثلما يقع تفجير في مدينة " الثورة " الصدر الآن يعقبه تفجير في منطقة الاعظمية ثم تفجير سوق شعبي في وسط مدينة بعقوبة، ومثلما يقع تفجير في الانبار أو تكريت أو نينوى أو بعشيقة هناك تفجيرات في الإسكندرية وبابل والبصرة وهلم جرا، واليوم ظهرت قضية جديدة ولكنها قديمة وهي القتل على الهوية حيث بدأت القوى الإرهابية بشقيها السلفي والأصولي عملية قتل المواطنين الأبرياء على هويتهم أي بالمعنى الواضح على أسمائهم، فأي مكون مُفضل وحيد عند المجرمين الإرهابيين!، وأي فئة لا يطاولها العقاب غير الشرعي ولا القانوني! ومع ذلك فنحن ندين ما تقوم به الميليشيات المسلحة أو المنظمات الإرهابية من أعمال إجرامية ضد أبناء شعبنا من التركمان ونطالب الحكومة وبشخص القائد العام للقوات المسلحة أن يتحملوا مسؤوليتهم أمام التاريخ وأمام ملايين العراقيين الذين يطالبون باتخاذ أقسى العقوبات القانونية والاهتمام بأمن وسلامة المواطنين الذين يتعايشون في طوزخرماتو أو كركوك وعدم التقاعس أو الإهمال أو التراخي لأن حماية هذا المكون عبارة عن حماية جميع المكونات التي تتعايش في العراق منذ مئات السنين والتاريخ اكبر شاهد أمين.