من الواضح أن يوم غد سيكون من الأيام المصرية المشهودة، فالدعوة التي أطلقتها حركة "تمرد" لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة بعد فشل الرئيس المصري محمد مرسي في ادارة البلاد وتحقيق أهداف ثورة 25 يناير، لقيت استجابة شعبية واسعة للغاية في غضون فترة قصيرة، ولم يتخلف عن التجاوب معها سوى الإخوان المسلمين وحلفائهم من الإسلاميين المتشددين. ومنذ أن أعلنت القوى الثورية ومجمل فصائل المعارضة المصرية عزمها على تنظيم تظاهرات مليونية يوم غد، نظّم حزب الإخوان المسلمين الحاكم وحلفاؤه حملة تخويف قوية من أعمال عنف مفترضة في هذا اليوم. في إطار هذه الحملة صوّرت الدعاية الاخوانجية الأمر وكأن نيلاً آخر سيجري في مصر ليفيض بدماء المصريين، وان الدولة المصرية ستنهار وتنفتح أمام المصريين أبواب جهنم. الهدف واضح، هو ترويع الناس لحملهم على عدم المشاركة في التظاهرات التي تحضّرت لها محافظات البلاد كلها. واذا لم يتحقق هذا الهدف فثمة هدف آخر رديف وهو التجهيز لاتهام قوى المعارضة الداعية إلى التظاهرات بممارسة العنف الذي يبدو ان الإخوان المسلمين قد أعدوا العدة للمبادرة به. القوى والشخصيات التي دعت الى التظاهرات أكدت وكررت التأكيد على الطابع السلمي لتظاهراتها التي اختير لها موعد يتوافق مع مرور سنة على تولي الرئيس مرسي الرئاسة، لكن قادة الاخوان المسلمين وحلفاءهم وأجهزة دعايتهم ظلت تنفخ وتزيد النفخ في نار التحذير من وقوع أعمال عنف. تظاهرات يوم غد كان الإخوان وحلفاؤهم قد استبقوها بتظاهرات مضادة جرت يوم الجمعة الماضي (تكررت أمس)، فقد خرج أنصار الرئيس مرسي في تظاهرة كبيرة في القاهرة وُصفت بانها مليونية، ومع ذلك لم تشهد أي حادث يعكّر صفوها، فمعارضو الرئيس مرسي لم يبدر عنهم أي فعل يشير إلى سعيهم لإثارة أعمال العنف بأي شكل ومواجهة حق أنصار الرئيس في التظاهر السلمي تأييداً له. وما دام معارضو مرسي قد تصرفوا على هذا النحو فمن المنطقي التوقع أنهم سيحرصون على أن تجري تظاهراتهم غداً بسلمية تامة أيضاً. أي ان معارضي مرسي أثبتوا عملياً سلميتهم، وبالتالي فاذا ما وقعت أعمال عنف يوم غد فلابد أن يكون وراءها الإخوان المسلمون وحلفاؤهم الذين لم يترددوا في شتيمة المعارضين وتكفيرهم واعتبار حركتهم (التظاهرات) "خروجاً على الشرعية"، و"انقلاباً على الديمقراطية"، و"مؤامرة تمتد خيوطها الى الخارج"، و"محاولة لإعادة النظام السابق"، واذا لم تستطع قوات الأمن منع الإخوان المسلمين من تنفيذ ما خططوا له سيعني ذلك أن الاخوان استخدموا جهاز الدولة التي يديرونها لتحقيق ما اعتزموا القيام به لسفك الدماء وتحميل المعارضة المسؤولية عنه. اليوم المصري المشهود، غداً، سيكون اختباراً أخيراً للإخوان المسلمين وحلفائهم، ولموقع الدولة المصرية، وبخاصة مؤسستي الجيش والشرطة، في الصراع السياسي الذي من واجب هاتين المؤسستين ضمان سلميته.
|