الجسر الميت المتوسط

 

انتشرت في عراقنا الجديد عراق الديمقراطية والقانون سياسة اللامبالاة بالأموال العامة والهدر الكبير فيها نتيجة ضعف الحكومة والمحاصصة وغياب القانون في حكومة تدعي القانون. فظهور جهات غير رسمية تكون سطوتها حتى على الوزراء والبرلمانيين والمسئولين اكبر من سطوت الحكومة بل وحتى سطوت الدين والضمير الذي فقد للأسف في اغلب الأحيان . ونتيجة للبيروقراطية والروتين الكبيرين الذي يعم وزاراتنا ودوائرنا الحكومية والذي عانينا ونعاني منه الأمرين. واستبشرنا خيرا بقدوم اغلب سياسيينا من خارج العراق(عودة الطيور المهاجرة)  وإقامتهم هناك لفترات طويلة في الدول الأوربية واعتقادنا مع أنفسنا وبعض المتطلعين والمبغضين للروتين بأننا سوف نطرق أبواب التطور التكنولوجي والعلمي والعمراني من أوسع أبوابه وإدخال الوسائل المتطورة في التعامل الحكومي والعمل على ترسيخ مشروع الحكومة الالكترونية  والتي نسمع بها ولا نراها وكأنها ضرب من الخيال وسراب يذهب مع ظهور الضوء والشمس (بالرغم من إن اغلب بل جميع الوزارات والدوائر الحكومية بل اصغر الوحدات فيها تملك خدمة  الانترنيت للهو وقضاء الوقت فقط) . ولكن سرعان ما صدمنا بان هؤلاء الساسة أصحاب الشهادات الفخرية والمزورة وكأنهم كانوا يعيشون هناك بأجسامهم فقط مانحين عقولهم إجازات إجبارية طويلة  همهم الأول والأخير جمع المال . أما في العراق  الذبيح فمنحوا ضمائرهم الأجازات الطويلة وبراتب تام لكي لا تحركهم تلك الضمائر إلى ما هو خير للبشرية . فالضمائر باتت ميتة لأغلب سياسيونا ومأجورة للبعض الأخر باستثناء القلة القليلة جدا جدا!!! والذي يجابه بحائط صد كحائط كرة الطائرة الذي يعيد الكرة بنفس القوة وعكس الاتجاه أو كأنهم في غرفة مليئة بمكبرات الصوت وهم يرفعون أصواتهم المجردة . فاليوم يتباكى بعض المحافظين(ليس المحافظين أخلاقيا طبعا وإنما محافظين المحافظات) على فقدان مناصبهم ويؤلبون الناس للخروج بالمظاهرات والمطالبات ببقائهم بمناصبهم (لدورات لاحقة ) التي تدر لهم خيرا من الشيطان حيث العقود الكبيرة وما شاكل ذلك  متناسين فشلهم السياسي والخدمي وكأن المنصب لا يتطلب إلا ارتداء بدله جميلة وربطة عنق مزركشة ويظهر بين الفينة والأخرى على شاشات التلفاز . أما المكار يد وأبناء الخايبة ف(يطبهم مرض) مع احتراماتي الشديد لأبناء وطني الغالي , متناسين بان هذه المناصب هي مناصب خدمية لا شرفية تهدف إلى خدمة أبناء وطننا وهم خدام للشعب. وما علي دواي إلا أنموذجا وشاهدا حيا على ذلك فهذا الرجل ما أن تسنم منصب المحافظ حتى ارتدى بدلت الشرف الزرقاء لكون ضميره وأخلاقه حتمت عليه ذلك فكان اقرب للجماهير العراقية قبل الميسانية وبات اغلب أبناء المحافظات تتمنى أن يكون دواي أخر في محافظاتهم ,فلم يرتدي البدلات الانكليزية والأربطة الفاخرة وتناول الطعام مع العمال في مواقع العمل ونزل بأخلاقه قبل منصبه .فالبيروقراطية والمحاصصة والفساد الإداري والمالي تؤثر سلبا على اغلب المشاريع الحيوية المرتبطة .ولعل مشروع ماء الرصافة شاهد من مئات شواهد العصر التي تنتابها الشبهات وكثر فيها الكلام وكذلك مشروع متنزهات صدر قناة الجيش الذي وبغض النظر عن مدته ومشاكله الجمة لا اعرف كيف اقتنع المخططون لهذا المشروع أن يكون متنزها كبيرا وعائليا في وسط شارعين للخط السريع ؟. ومجسرنا الميت منذ أكثر من أربع سنوات الذي خطط لولادته في اكبر منطقة ازدحاما في بغدادنا الحبيبة (منطقة باب المعظم) يعاني من إهمال كبير من قبل السادة المسئولين من محافظ ومجلس محافظة بغداد السابقين ولم يتم إكماله ولا نعرف الأسباب الحقيقية لذلك هل لان العقد مع الشركة مفتوح ؟ أم تم التعاقد مع الشركة على العسر واليسر مثلا؟ أم إن الشركة ومن باب شيلني وأشيلك استلمت كامل أجورها مقدما (وكامت بالخونة) مع (دير بالك على عمك) مع الاطمئنان بعدم وجود محاسب ورقيب إلا الله وهو من أيسر الأمور في عصرنا هذا وبوجود أحزابنا الدينية وقلة إيماننا.