قول في فتوى شلتوت |
مالنا كلما تصاعدت وتيرة المد الطائفي جردنا فتوى الامام شلتوت التي يجيز فيها التعبد على المذهب الامامي . لا اعتراض على مبادرة امام الازهر التاريخية التي يشهد الله وحده كم واجه بسبب اصدارها من تعنت دايناصورات التحجر . لكنني اتساءل ماذا كان سيكون موقفنا لو ان الشيخ المرحوم لم يصدر مثل هذه الفتوى ؟ هل كان ينبغي لنا ان ندس رؤوسنا في الرمال خجلا وحياء من مذهب يستوحي وجوده من الولاء لعلي بن ابي طالب ويستقي احكامه الشرعية من مؤسس اكبر واقدم جامعة اسلامية الامام الموسوعي جعفر الصادق "عليهما وعلى نبينا السلام ". من تسول له نفسه الغاءك والغاء ما تؤمن به جملة وتفصيلا لا يعيده الى رشده حتى وان جئته بكتاب من محمد بن عبد الله حرره بوحي من الامين جبرائيل "عليهما السلام" . والعكس يصح ايضا ، فان من يقبل بك اخا في الاسلام او حتى نظيرا له في الخلق فلو راى منك الويل والثبور لما تغيرت قناعاته قيد انملة . ما ذنبنا اذا كان الاخر يجهل بنا كجهله بموعد موته ، و طبيعي جدا ان جزءا من هذا الجهل المطبق تعود اسبابه الى الاكتفاء بالاستماع عن المذهب من خطباء التحريف والتحريض ، ما يغني عن العودة الى مصادرنا الموثوقة . يقول الشيخ الدكتور عدنان ابراهيم انه منذ الطفولة شعر بان عدد الكتب المحجوبة عن القراءة في مكتبات مدينته "غزة" الفلسطينية اثار انتباهه ومعه اثار تساؤلاته المشاغبة . وعندما يستثار الانتباه والتساؤل تبدأ مرحلة البحث عن الحقيقة وتقصي آثارها . هذا الشعور ولد عند شيخنا ابي محمد "متعه الله بالعافية" روح التحدي والاكتشاف بعيدا عن سطوة الكهنوت المظلم ، وكانت النتيجة ان يتمرد الدكتور عدنان على واقعه المرير ليتحول في غضون سنوات الى داعية تنويري يذكر بالمصلحين الكبار اعلى الله مراتبهم الشريفة عندما وجد له ندحة للتحرك في النمسا . طبعا ارجو الا يفهم من حديثي بان النبش عن الحقيقة مقصور على المذاهب السنية فحسب . فما تغلغل في مذهب اهل البيت خلال القرون العشرة الماضية جعل هذا المذهب في زاوية منفرجة يتسع انفراجها كلما تقادم الزمن . ومن ظن اننا في مأمن عن التحريف والتخريف فهو واحد من اثنين اما جاهل اقفل على دماغه بلا عودة ، او عالم يرى ان اصلاح المذهب سيدفع اتباعه لان ينفضوا من حوله وهذا بالنسبة اليه الكارثة التي ما بعدها كارثة . الخسارة التي تكبدها التشيع في مصر لا شك فادحة وصعبة التعويض ، الا ان افضل الارباح وادومها هي تلك التي تاتي في اعقاب الكوارث ، كما ان افضل الصداقات هي تلك التي تعقب العداوات فيصبح خصمك كانه ولي حميم . مِن جنى هذه الطامة الكبرى انها - رغم فداحتها - دفعت بالانسان المصري الى التحري عن معنى التشيع اكثر من ذي قبل واصبح الحديث عن المذهب محور لقاءات تلفزيونية ضاق بها الفضاء . فبعد ان كانت دراسة التشيع او جانب منه محصورة في قاعات الازهر الشريف فانها بعد اليوم ستتحول الى ظاهرة شعبية يسهّل منها انتشار تكنلوجيا الارتباط التي توفر المصادر بسهولة . هذه ليست نبوءة مني انما قياس على واقع عشته قريبا ولمسته لمس اليد . فالكل يعلم ان حب الاستطلاع والتعرف على الاسلام عبر الكتب تجاوز الضعف بعد احداث سبتمبر ٢٠٠١ وترتب على ذلك تحول الكثير من الاميركيين الى الديانة الاسلامية . اتمنى على القارىء الا يفهم من حديثي انني مسكون بالدعوة للتشيع ونشره في مصر او سواها ، فقد - والله ثلاثا - التقيت خلال حياتي بمسلمين على المذهب السني هم احفظ لتراث علي واهل بيته من طوابير شيعة يمضي واحدهم عامه في صقل سيفه لما يظنه مواساة للامام الحسين "ع" في عاشوراء ، لكنه لا يتفرغ ساعة في الاسبوع او حتى الشهر لقراءة آيات من المصحف الشريف تكشف له المزيد من الحق ليتبعه ، والباطل ِ ليجتنبه . رحم الله الشيخ حسن شحاتة وكل الشهداء الابرار. |