الاسلام السياسي.. تقدم سريع وتراجع أسرع

 

 

 

 

 

 

   بعد فشل النظم العلمانية الشمولية من شيوعية وقومية وغيرهما  في تحقيق أماني الشعوب فلجوئهما الى القمع والقوة المفرطة ضدها اي الشعوب، فلقد طرح الاسلام السياسي نفسه كبديل عنها واخذ بالانتشار سريعاً سيما بعد انهيار المعسكر الشيوعي وأفلاس الحكومات العلمانية، والذي توج بمد اسلامي سياسي توجه وكما الشيوعية الى الفقراء من الكادحين والفئات المسحوقة جدا في المجتمع مثل اليتامى والارامل والمقعدين وكل المستضعفين، الى ان تمكن من تسلم السلطة في تونس ومصر وقبلهما في تركيا وقد تليها سوريا اذا قدر للاخوان المسلمين احراز النصر فيها، وكان الاسلام السياسي الشيعي في ايران ومن ثم العراق قد سبق الاسلام السياسي السني في انتزاع السلطة من العلمانيين الى ان اصبح الجميع على اعتقاد راسخ من ان النظام الاسلامي قدر المسلمين وعلى وجه الخصوص بعد وقوع ما يسمى بالربيع العربي. غير أن  الاحداث التي تلت صعود الاسلاميين الى الحكم في الاقطار التي ذكرناها واخرى ايضاً اتخذت من الاسلام منهجاً لها في الحكم كالسودان مثلاً، والزاخرة اي الاحداث، بالاغتيالات والاختطافات والمصادمات  الدموية و و و...الخ خيبت امال  الجماهير في الاسلام السياسي الذي تحولت مصر وتونس والعراق في ظله الى مايشبه الخراب والدمار، واخذت انظمتهم وهي مابرحت فتية تتعرض الى هزات  قوية حتى في مصر قلعة الاخوان والاسلام السياسي، الامر الذي لم يحصل مع الانظمة الشمولية التي شهدت استقراراً لافتاً ولسنوات من وصولها الى الحكم، وهكذا يتراءى للمراقب لتلك الاحداث، ان الاسلام السياسي في حكم التراجع الذي يجري بوتائر سريعة فاقت تقدمه السريع لتسلم السلطة وكما كان الجميع يتوقع النصر له. مثلما كان الجميع يتوقع انتصار (حتميا) للشيوعية قبل انهيار الاتحاد السوفيتي. فان هذا الجميع الان بات ينتظر مغادرتهم  للسلطة وفي حال تم ذلك فان نكسة مميته ستطالهم بحيث لن يستطيعوا النهوض منها، ويوماً بعد اخر تزداد الاوضاع سوءاً في البلدان التي يحكمونها وشرعت الجموع بالتحرك لأسقاطهم، وسوف يجر اخفاقهم وضعفهم الى الحاق الاذى حتى بالدين الاسلامي والعمل على اضعافه مثلما ادى انهيار الشيوعية الى اضعاف الماركسية وعزوف الناس عنها، ويعزز من هذا التنبؤ، انه الى جانب بلوغ انظمتهم اي الاسلام السياسي حافة الانهيار جراء الفوضى المستمرة، فان الصراعات بين السنة والشيعة، اخذت تحتدم بشكل يبدو وكاننا امام دينين مختلفين وشعبين مختلفين. والمعركة الان اصبحت بدرجة اولى اسلامية- أسلامية، ولقد علمتنا التجارب ان الايوديولجيا اساس الفرقة بين معتنقيها، فالخلافات التي كانت تسود الفصائل الشيوعية كانت تفوق بكثير خلافاتها مع الراسمالية، عليه فان الخلافات بين فصائل الاسلام السياسي ستكون على اشدها في المستقبل، ومن هذا الفهم، اذا كان الاسلاميون خارج الحكم خطوة الى الامام، فان وجودهم فيه ليس خطوتان الى الوراء فقط بل عشرات الخطوات وهكذا اثبتت تجربة حكم الاسلام السياسي بأنها الاقصر عمرا مقارنة بألتجارب السياسية العلمانية على اختلافها ناهيكم عن اثبات فشلها الذريع وهي في المهد، وان غداً لناظره قريب.