ولماذا لا يرحل المالكي؟

 

يزعل منا فريق رئيس مجلس الوزراء زعلاً شديداً لأننا لا نكفّ عن نقد السيد نوري المالكي وكبار مساعديه عن الطريقة التي يديرون بها الحكومة، بل الدولة برمتها لأن السيد المالكي في ظلّ ضعف مجلس النواب وتنازله عن الكثير من سلطاته وصلاحياته أفسح في المجال أمام الحكومة لتتغوّل وتكون أقوى منه فتفرض هيمنتها وإرادتها ليس فقط على البرلمان نفسه وانما على السلطة القضائية والهيئات المستقلة كذلك.
نحن نرى ان السيد المالكي وحكومته فشلا فشلاً ذريعاً وقصّرا تقصيراً كبيراً في القيام بما مطلوب منهما وفقاً لالتزاماتهما الدستورية وتعهداتهما الانتخابية. وعلامات الفشل واضحة وإمارات التقصير بيّنة يُعلنها على نحو صارخ انهيار الأمن والتفشي المتفاقم للفساد المالي والإداري وسوء الخدمات العامة وبخاصة الكهرباء والصحة والتعليم، فضلاً عن البطالة والفقر في بلد يعوم على بحيرة من النفط والغاز وتزيد موازنته السنوية عن مئة مليار دولار.
الموقف من فشل السيد المالكي وحكومته وتقصيرهما باتت تشاطرنا فيه قوى سياسية يتشكل منها الائتلاف الوطني العراقي الذي مكّن السيد المالكي من تولي حكومته الحالية والسابقة، اضافة الى قوى سياسية أخرى داخل البرلمان والحكومة وخارجهما. بل ان قسماً كبيراً من الشعب العراقي يرى هذا أيضاً، ففي انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة مُنيَ ائتلاف دولة القانون وحزب الدعوة الاسلامية بخسارة كبيرة، ومن المرجح أن يواجها المصير ذاته في الانتخابات البرلمانية التي لم يتبقّ على إجرائها سوى ثمانية أشهر، ما لم يُعدّل السيد المالكي وحكومته من سياساتهما على نحو كبير، وهذا أمر غير وارد في ما يبدو.
في مصر تجري الآن ثورة شعبية كبيرة هي الثانية خلال سنتين، والسبب هذه المرة ان الرئيس الإخواني محمد مرسي وحكومته فشلا في تحقيق ما وعدا به. المصريون لم يُمهلوا رئيسهم المنتخب وحكومته أكثر من سنة لكي يحاسبوهما ويطلبوا إجراء انتخابات رئاسية مبكرة للإتيان برئيس جديد وحكومة جديدة يحققان ما اندلعت من أجله الثورة على نظام حسني مبارك قبل سنتين.
السيد المالكي وحكومته الحالية أمضيا الآن نحو ثلاث سنوات في السلطة وسجلا فشلاَ أكبر من فشل الرئيس المصري وحكومته. هذا الانفلات الأمني المتفاقم يكفي وحده لأن يتقدم السيد المالكي باستقالة حكومته اعترافاً بعدم قدرتها على مواجهة الإرهاب وتحقيق الأمن للعراقيين بعد عشر سنوات من الخلاص من نظام صدام.
لماذا يريدنا السيد المالكي وفريقه أن نقبل بالانهيار الأمني ونهب المال العام وتردي الخدمات العامة والعيش مع الفقر والبطالة ونستسلم صاغرين للإرهابيين وللفاسدين والمفسدين؟ لماذا لا يحقق السيد المالكي وحكومته للشعب ما يريده أو يرحلان فيفتحان الباب أمام شخص آخر وحكومة أخرى يُمكن أن ينجحا في ما فشل فيه المالكي وحكومته؟.