ساعاتٌ حاسمة، لشعبِ مصر الحَي

 

في العادة .. تقوم " الثورة " بصورةٍ عفوية ، وبلا تخطيطٍ مُسبَق . ونادراً ما يُستطاع السيطرة على مُجرياتها أو توجيه حركتها ، ولا سيما في اللحظات الحاسمة . بالتأكيد ، هنالك أسبابٌ للثورة ، وكذلك هنالكَ على الأغلب ، مَنْ يمتطي الثورة ويكون المستفيد الرئيسي منها ، من دون ان يكون ، مُشاركاً فعالاً في أحداثها .. ولكن ما يجري في مصر اليوم .. حدثٌ إستثنائي بكل معنى الكلمة : فأحزاب المُعارضة المعروفة ، تحت إسم " جبهة الإنقاذ " عجزتْ في الحقيقة ، خلال السنة الماضية ، عن تحشيد حركة شعبية قوية ، تقف بِمجابهة تعسُف سلطة الإخوان المسلمين .. ولكن بالمُقابِل إنبثقتْ قبل أسابيع قليلة ، نواة حركة شباب ، لجمع تواقيع ، تحت إسم [ حركة تمرُد ] .. إبتدأتْ في القاهرة ، لتمتد الى كافة انحاء مصر ، وجمعتْ أكثر من عشرين مليون توقيع ، وبمطلبٍ مُحّدَد : ( إجراء إنتخابات رئاسية مُبكِرة ) وتحديد يوم الاحد 30/6 .. لخروج مظاهرات سلمية عملاقة في كافة ساحات المدن المصرية .. للمطالبة ، بإنتخابات مبكرة . ان مايقوم به الشعب المصري خلال هذه الأيام : هو القيام بثورة ، او بمعنى أدق ، إستكمال ثورة 25 يناير 2011 ، التي سرقها الإخوان المسلمين وفّرغوها من محتواها الثوري . الفرق هنا .. ان هذه الثورة ، ليست عفوية ولا مُفاجئة .. فالملايين من النساء والرجال ، وّقعوا وأبدوا إستعدادهم مُسبَقا ، للمشاركة الفعالة والمستمرة في التظاهر السلمي ، الى حين تحقيق الأهداف . إنها بِحَق ترجمة عملية ، لِما يمكن ان يقوم بهِ شعبٌ ساخط .. ودرسٌ ينبغي ان تستفيد منه الشعوب الاخرى .
كتبتُ منذ يومَين أنصاف مقالات ، عن الوضع في بغداد وأقليم كردستان وعفرين وعامودا .. لكنني لم أستطع إكمالها ونحّيتها جانباً .. ففي الحقيقة ، ان الحدث المصري يشدني شّداً .. وأتابع ما يجري لحظة بلحظة .. فلا يُتاح لكَ كل يوم .. ان تُشاهِد بالصوتِ والصورة ، [ صناعة التأريخ مُباشرة ] .. بما يرافِق ذلك ، من مفاجآت ، ومآسي ، وبطولات ومواقف إنسانية رائعة ، وتصرفات وحشية ، وردود افعال ، وتضحيات جسيمة .. وبروز إنتهازيين ، وظهور زعماء من داخل الحركات الشبابية .. وسقوط أنظمة .. وهزيمة فكرٍ رجعي ، وبداية لإنحسار موجة الإسلام السياسي .. وولادة أُمَةٍ حّية .
......................
ان الثماني والأربعين ساعة القادمة .. كما يبدو ، ستكون حاسمة في تأريخ مصر ، والمنطقة عموماً .