ابتدأ أمير قطر الجديد مشواره مع السلطة في التضحية بأكباش ترعرعت وسمنت في حظيرة قطر الخيانية وكان لها دور خطير في زعزعة امن واستقرار المنطقة, فانهمكت وسائل إعلام ومحللين مؤدلجين للتمجيد بالأمير الجديد, وإسباغ نعوت الكياسة والاعتدال عليه, والحديث عن سياسة تصحيحية (لتميم) يصلح فيها ما أفسده خلفه, إلا إن المتتبع للحدث السياسي يدرك جيدا أن قطر لن تتخلى عن دورها كواسطة لتنفيذ المشاريع الصهيو- أميركية وإشغال المنطقة بأزمات مستديمة تتحدد فيها خارطة جيو- سياسية جديدة تكون فيها الغلبة لإسرائيل كقوة إقليمية, حتى وان اظهر (تميم) بوادر التخلي عن أسلحة قطر الفتاكة وأذرعتها الأخطبوطية الضاربة التي عهدتها المنطقة وتلظت بسعيرها, والتخلص منها كأكباش تضحية لإثبات حسن النوايا.
أول أكباش أمير قطر الجديد كان (خالد مشعل) زعيم " حركة حماس" الذي انكشفت جاسوسيته وعمالته بانسحابه المفاجئ من معسكر المقاومة إلى معسكر المؤامرة مع بدء الأزمة السورية, فكانت التضحية به هي الفصل الأخير من عملية إسدال الستار عن حركة جهادية حقيقية آلت إلى مشعل بعد سلسلة من الاغتيالات المتتالية طالت قياداتها المعهود عنها بالتمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية, و"مشعل" الذي اكتفى الموساد بمحاولة فاشلة لاغتياله في "عمان" وخرج منها بطلا شعبيا وطد بعدها علاقاته مع دمشق ونقل مقر إقامته إليها, وتحالف مع "حزب الله اللبناني" وأشرك مقاتلي "حماس" في تدريبات "حزب الله" لاكتساب المهارات القتالية, فكانت وسيلة بارعة لكشف خططهم وأساليبهم لإسرائيل, وكان مقاتلي "حماس" في طليعة القوى الإرهابية التي ساهمت في تدمير سوريا, فانتهت مهمة "المشعل" بتحويل بوصلة الصراع لحركة حماس من مقاومة إسرائيل إلى مجابهة قوى المقاومة, ومن منظمة جهادية إلى منظمة إرهابية تخدم مصالح الغرب وإسرائيل.
الكبش الثاني المترعرع في الحظيرة القطرية هو الشيخ الأخواني (يوسف القرضاوي) صاحب الفتاوى السياسية المثيرة للجدل, الذي طفا إلى السطح في غفلة من الزمن بدعم مادي وإعلامي هائل ليستقطب الأضواء ويسحب بهيئته "هيئه علماء المسلمين" الوهمية البساط من تحت أقدام بقية العلماء المسلمين رغم كل ما يحيط به من شبهات, و"لتميم" ثار قديم مع "القرضاوي" حينما كان يتمتع بحماية الدوائر الغربية وإصداره فتوى نقلتها الجزيرة بتاريخ "5 آب 2005" تقضي بإقامة الحد على الأمير "تميم" على خلفية شذوذه الجنسي وممارسة اللواط خلال إقامته في لندن وافتضاح أمر علاقته بعشيقه البريطاني (مايكل هيرد) وتردده على ملهى ليلي للشواذ الجنسيين في لندن, ودعا إلى إقامة الحد الشرعي عليه ورجمه حتى الموت حسبما تنص عليه الشريعة الإسلامية, ومع نهاية دور "القرضاوي" وإنهاء حماية الدوائر الغربية والإسرائيلية له فيبدو إن التضحية بشيخ زائف أشعل فتن طائفية مازالت نيرانها مستعرة أضحت من المسلمات لترقيع صورة متهرئة لأمير شاذ.
ولعل آخر الأكباش المحتضرة هي صاحبة عصب السبق في صناعة الفبركات الإعلامية, والتضليل والتهويل والغش والخداع قناة الجزيرة, حيث ما عادت لهذه القناة المعتلة القدرة على استقطاب المشاهد العربي وانخفضت نسبة المشاهدة إلى 10% فقط مما كانت تحظى به قبل الثورات العربية, فيما شطبها المتتبع للحدث السياسي من قاموسه كمصدر من مصادر معلوماته, فإعادة هيكلة القناة ورسم سياساتها من جديد مع الاستغناء عن الكثير من كوادرها الذين باتت طلتهم تصيب المشاهد بالاشمئزاز والقرف, تبدو ضرورية لبث الروح فيها من جديد وتمكينها من استعادة مشاهديها مجددا وغرس مفاهيم جديدة متسايرة مع الخطط المعدة للأمير الجديد, فدور قطر مازال محوريا في المنطقة لما تملكه من موارد مالية متراكمة ورغبة في السباحة عكس تيار الرغبات العربية والإسلامية, فسياسة قطر البراغماتية المرسومة بعناية فائقة في دهاليز المخابرات الأميركية والموساد مهيأة لتكون في حالة من التجدد المستمر, وصناعة دائمة للبدائل الجديدة من أدوات التآمر أو إعادة تأهيلها لتكون بإمرة الأمير الجديد في تنفيذ سياساته الجديدة.
|