نقطة نظام عراقية


نقط النظام هذه ليست للاطلاع ، وانما هي محاور تم خرقها ، وباتت تشكل تهديدا كبيرا لكيان الدولة العراقية وامن افرادها من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفكرية ومجمل المنظومة الاخلاقية . لذلك فهي موجهة للساسة العراقيين ربما بأحزابهم ، او الى الشعب العراقي بمكوناته القومية واطيافه الدينية ، او الى المؤسسة التشريعية البرلمانية ، او الى المؤسسة القضائية ، او الى منظمات المجتمع المدني ، او انها تخاطب كل هؤلاء .

نقطة النظام الاولى : ان الساسة العراقيين وكياناتهم السياسية يخضعون لتأثيرين خاطئين في عملهم السياسي ، اولهما العمل بعقلية المعارضة لا عقلية الدولة ، حتى لمن يشغل اعلى المناصب او يستحوذ على مراكز القرار ، لذلك صارت كل مؤسسة حكومية عبارة عن ثكنة مخابراتية ودائرة توجيه سياسي للكيان الذي يديرها . وثانيهما فقدان الهوية السياسية لكل حزب ، وتبني العمل الارتجالي نظريا وعمليا ، وبالتالي لا توجد خطط استراتيجية ، ومن ثم لا احلاف او توافقات سياسية دائمة او طويلة الامد ، وبالتالي الخضوع لتأثير الموجات الناشئة على الارض ، والتي عادة تهدم ما تم انجازه سياسيا خلال فترة سابقة لتبني بناءا ارتجاليا وفق توافقات جديدة حديثة الولادة .

نقطة النظام الثانية : وضوح الفشل التام للإعلام العراقي الرسمي والخاص والحزبي في ايصال جرائم النظام الصدامي البعثي والتركة الثقيلة التي تسبب بها من خلال حماقاته واجرامه الى الرأي العام العالمي او العربي والاسلامي . بينما لاحظنا ان بضعة افلام سينمائية مصرية قليلة جاءت بعد سقوط مبارك مباشرة كانت كافية لجذب الرأي العالمي الرسمي والشعبي نحو تطلعات الشعب المصري وفضح نظام مبارك ، الذي يمكن عد فترة حكمه لمصر فترة استراحة قياسا بما عاناه الشعب العراقي من نظام البعث الصدامي . وقد سرى هذا الفشل الاعلامي الى التغطية التي كان يجب توفرها لمسايرة معاناة العراقيين سياسيا وامنيا وخدميا واقتصاديا بعد سقوط الصنم ، بسبب دخول وسائل الاعلام العراقية لعبة التوافقات والمصالح النفعية الحزبية والتجارية للسياسة في العراق ، فيما كانت القنوات الخاصة تبحث عن ضربات فردية لأشخاص بعينهم لأهداف ثأرية او شخصية ، او انها ترغب بانهيار العملية السياسية العراقية بمجملها ، حنينا وانتقاما لنظام صدام الذي كانت تنتمي الى منظومته الانتهازية .

نقطة النظام الثالثة : نستطيع القول ان النظام القضائي العراقي اسوأ نظام يشهده العالم دون مبالغة ، ولازال لا يمتلك شخصيته ، ويعيش متملقا ، لا الى جهة بعينها ، بل الى كل من يتولى السلطة او القوة على الارض . وهذا الوضع ليس لسبب جديد ، بل هو ناشئ عن ابقاء العهد الديمقراطي الجديد على المنظومة القضائية لنظام صدام الاجرامي ، والتي تعرف كما نعرف انها كانت عبارة عن دمية خائفة وظيفتها اخافة الآخرين وقمعهم ، وبرقبتها دماء عراقية طاهرة بريئة . وقد تسبب ببقائها مسؤول الادارة المدنية الامريكية في العراق تحت الاحتلال ، لأهداف واضحة تتلخص في انشاء دولة الفوضى وغياب القانون ، كما تم العمل عليه في دول الربيع العربي ، سوى مصر التي تمتلك نظام قضائي نكن له الاحترام ، ذا شخصية عالية الاستقلالية في العهدين القديم والجديد ، رغم اخطائها بسبب تعاملها الاداري مع قوى امنية كانت تعمل تحت تأثير نظام دكتاتوري . وحين استلام حزب الدعوة السلطة في العراق عمل على الاستفادة من هذه المنظومة القضائية السيئة ، لا العمل على تغييرها ، فوفر لها الحماية التشريعية والامنية ، بالتعاون مع كيانات سياسية اخرى راغبة بوجود سلطة قضائية يمكن التأثير عليها ، ووفرت هي له غطاءا قانونيا مناسبا لتحركاته ، حتى تم التحكم بملف قبول القضاة الجدد عن طريق عضو حزب الدعوة وليد الحلي ، مما عقد المشهد وانتج منظومة قضائية اكثر انتهازية وتداخلا مع السياسة . لكن وللأمانة واحترام قلمي فهناك مجموعة من القضاة تمتلك الاستقلالية والشجاعة اللازمة لتولي الفصل النزيه ، الا انها تعاني حربا شرسة ضدها حكوميا وميليشياتيا وحتى من السلطة القضائية الاعلى .

نقطة النظام الرابعة : بسبب الفوضى السياسية وكذلك اتفاقات ما قبل احتلال العراق وبسبب فوضى الاقتصاد التي انتجها نظام البعث الصدامي وتركها للعراقيين ، تحت مبدأ ( سويلهم قانون ) وتأثرا برغبة اقتضام النصيب الاكبر من الكعكة العراقية بالتعاون مع الشركات الدموية العالمية ، بما فيها شركات دول الجوار جميعا ، لازال الاقتصاد العراقي بلا هوية ولا استراتيجية ، ولا يستطيع سياسي او اقتصادي عراقي ان يجد له توصيفا علميا . وواضح جدا ان هناك رغبة سياسية داخلية وخارجية كبيرة في قتل الصناعة العراقية وبيع مشاريع الطاقة وحسر الزراعة ، لكن هذه الرغبة لازالت تواجه رأيا عاما داخليا معاكسا ، بسبب وطنية العراقي العالية رغم خضوعه لعواطف السياسة ، مما ادى الى صدور قرارات جديدة تلغي او تعدل قرارات سابقة قاتلة اصدرها نفس الساسة ، صارت تمثل خطوة اولى صحيحة باتجاه النمو ، لكن مع بقاء فوضى التعريف والهوية والاهداف .

واليوم يمكن القول ان خروج العراق من اغلال الفصل الاممي السابع يوفر فرصة تاريخية امام الارادة الوطنية لبناء الاقتصاد العراقي , بأبعاده الصناعية والزراعية والتجارية الوطنية , في بلد قلّ ان يوجد مثل مؤهلات نموه الطبيعية والبشرية عالميا .

نقطة النظام الخامسة : لا يمتلك احد توصيفا مقنعا لعلاقة الاكراد واقليمهم بالمركز الاتحادي ، فهو رسميا اقليم اتحادي له وضعه الاداري الداخلي ، لكنه يخضع للسلطات الاتحادية الامنية والاقتصادية وما يتعلق بحقوق الانسان واحترام الدستور الاتحادي والعلاقات الخارجية ، وعلى هذا الاساس يأخذ حصته من الميزانية الاتحادية - التي تأتي من الثروة الجنوبية غالبا - ، الا ان الواقع يخبرنا ان الجيش الاتحادي لا يستطيع التقدم خطوة واحدة داخل حدود الاقليم ، وكذلك يقوم الاقليم باتفاقات اقتصادية خارج الارادة الاتحادية ومضعفة لاقتصاد المركز ، كما ان هناك قوانين تخالف الدستور الاتحادي ، سيما التي تتعلق بوضعية رئيس الاقليم - المسكوت عنه - والتشريعات التي لا تلتزم رأي الشريعة الاسلامية كما يطلب الدستور . ويقوم الاقليم منفردا وفي انتهاك واضح للأمن الوطني والحدود الاتحادية العراقية باستقبال او دعم ميليشيات اجنبية غير عراقية ، خلافا للرغبة الوطنية .

وقد تسبب بهذا التمرد الكردي الصريح حالة الانقسام السياسي للأحزاب العراقية غير الكردية بمكوناتها الاجتماعية والدينية ، وسياسة المصالح الحزبية الضيقة ، التي افضت الى انتهاز الاكراد الفرصة واللعب على كل الحبال ، دون رعاية لمصلحة الشركاء في الوطن ، ولازالت السياسية الحزبية ورغبة الاكراد الانتهازية قائمة ، سيما مع الخبرة التي اكتسبوها من وجودهم الحزبي والدولي . بالتالي فأحزاب المركز واحزاب الاقليم يسيران بالعراق نحو المجهول ، والتوصيف الادق لإقليم كردستان انه اقليم متمرد ، يستنزف نتيجة سياسات المركز الخاطئة ثروة الآخرين ، حتى تسنح الفرصة المناسبة لإعلان الانفصال .

نقطة النظام السادسة : افرزت الاحداث والوقائع في المحافظات ( السنية ) او المختلطة طغيان البداوة السياسية وغياب المنطق العقلاني في التعامل ، وحنينا جامحا الى الدكتاتورية الطائفية . واكدت استمرار العقل العسكري الذي نشأ بسبب افرازات الصحراء وعمل على تركيزه الاحتلال البريطاني والانظمة الطائفية المتعاقبة على حكم العراق . كما اكدت العمليات الدموية التي تمت على يد جماعات ارهابية او مخابراتية للنظام السابق بالتعاون مع اجهزة مخابرات دولية وتوفير الحواضن الاجتماعية لها في هذه المحافظات ان هناك احتقارا جليا لباقي شركاء الوطن ، وعدم النظر اليهم بعين الاحترام باعتبارهم تابع وخادم قفز على سلطة سيده . مما يعني امكانية واضحة لعودة الاجرام البعثي الصدامي في حالة عودة هؤلاء الى الى السلطة . كما ان الاصرار على تخريب كلما جديد انشئه العهد الديمقراطي وتفجير العراقيين الابرياء بنسائهم واطفالهم في الاسواق والمدارس والمساجد وغيرها ، لهو دليل عدم الرغبة في وجود الشركاء حد العمل على ابادتهم . والغريب ان هذه المحافظات تطلب من الآخرين السكوت دون انشاء اي ردة فعل ضد هذه الممارسات ، وجأر هذه المحافظات بالعويل في حالة تدخل السلطات المركزية لحفظ امن الناس واعراضهم واموالهم ، في غياب واضح للأعراف الانسانية والعشائرية والدينية .

كما افرزت هذه الاحداث في تلك المحافظات حقيقة الانعدام الكلي لوجود قيادات مركزية دينية او عشائرية او سياسية او نخبوية ، مما انتج فوضى في الخطاب ، كما فسرت لنا وضع بعض سياسيي هذه المناطق رجلا في العملية السياسية واخرى ضدها .

فيما كشف الخطاب الطائفي الاستفزازي على منصات متظاهري تلك المحافظات عن عدم وجود ارتكاز فكري سوي هناك ، رغم قرون من الجوار مع الآخرين ، ورغم علمهم اليقيني ومشاهدتهم كيف يعيش ( السنة ) في محافظات عراقية ليست سنية بكل احترام ، وممارستهم لحقوقهم الدينية والاقتصادية والاجتماعية بكل حرية ، وجوامعهم لم ينقطع فيه الاذان حتى اليوم في محافظات لا يشكلون فيها حتى 1% ، فيما تعيش تلك المحافظات ( غير السنية ) اختلاطا دينيا وقوميا منسجما حد صعوبة تمييز الافراد وفق الهوية .

وكل ذلك تسبب في سهولة انجرار ابناء تلك المحافظات لمشاريع غير سوية خارجية او داخلية ، حيث فقدانهم الارتكاز الفكري المناسب والعمق الحضاري اللازم لاستيعاب معطيات الساحة ، فراح الكثير منهم يخضعون لمشاريع دول وحكومات في الخليج مثلا ، كانت هي السبب الذي افرز هجرة الكثير من عشائر تلك المحافظات السنية من نجد والحجاز او غيرها الى العراق ، كما في الهجرة الشمرية ، وهي ذات الحكومات والدول التي فتحت اراضيها للقوات الاجنبية التي اسقطت حكم رجالات هذه المحافظات ، بعد عداوة طويلة واستنزاف للثروة والقوة العراقية الوطنية .

لكن من الواجب اليوم نصح ابناء هذه المحافظات : ان العودة بعقارب الساعة الى الوراء امر ندرك وتدركون انه مستحيل ، والعمل على انسلاخ محافظاتكم عن جسد الوطن لن يضر سواكم ، لان محافظاتكم هي الافقر في الموارد الطبيعية والبشرية ، رغم وفرة الاثرياء لديكم اليوم ، لكننا نعلم انه ثراء افرزه التمييز الطائفي للنظام البعثي الصدامي السابق والعلاقات المخابراتية حاليا . كما ان مستقبل محافظاتكم في حال الانفصال واضح لكل مراقب موضوعي ، حيث ستتحول الى اردن ثانية تبحث عن علاقات تدعم اقتصادها الهش ، اما من الناحية السياسية والاجتماعية فسيكون التصادم والصراع كبيرا بسبب التناقض الكبير في مجتمعاتكم بين فكر ديني متشدد وفكر علماني مفرط ، يتوزع بينهما العقل العسكري والتأثير العشائري بنفس البداوة ، دون وجود ضابطة عليها اجماع ، سواءا دينية او قبلية او نخبوية ، مما يؤدي كما هو المتوقع والمؤسف الى تنازع لا تحمد عقباه . كما ان خضوع قيادات كبيرة لتأثير السياسة والمال الخليجي سينتج مستقبلا بناء قواعد ضخمة لقوات اجنبية معروفة ، خصوصا بوقوع تلك المحافظات في مجال استراتيجي ، ووفرة الاراضي الصحراوية . اما المناطق المتنازع عليها مع الاكراد فكلنا ندرك انها محمية اليوم بوجود السلطة المركزية وشركاء الوطن ، واذا ما تم سحب ايديهم عنها فندرك جيدا كما تدركون انكم لن تستطيعوا الحفاظ عليها ، سيما كركوك المهمة .

نقطة النظام السابعة : لازالت الاجواء السياسية في جنوب العراق ووسطه تخضع لثقافة الكاريزما ، ويعود تأثير ذلك لاحقا على الاجواء الاقتصادية والخدمية والاجتماعية وحتى الامنية . وللأسف فان الايام والاحداث كشفت ان هذه الكاريزمات فارغة المحتوى ، لا تملك الثقافة والفكر اللازمين ، و تفتقر الى حسن النوايا ، كما انها تعمل بآلية الخداع البصري على جماهيرها .

ان ثقافة الكاريزما ليست دخيلة على المجتمع الشيعي ، الا انها كانت مختصة بالقيادة الدينية المرجعية ، حين كانت تلك القيادة من نسيج الشعب العراقي تفهمه ويفهمها ، الا ان ظهور خطان للمرجعية الدينية في العراق - حركية عاملة و كلاسيكية خاملة - تسبب بضعف دور المرجعية ، مما ادى الى انتقال ثقافة الكاريزما الى مستويات ادنى . وادى حسر بعض المرجعيات المضخمة اعلاميا دورها الى ادنى مستوى بعيدا عن الشارع الى ظهور قيادات محلية متنازعة ، تستخدم الدين كغطاء ، وتدمج معه مختلف الاسلحة الخطابية التي تناسب الساحة الشيعية التي تتميز بالبعد الفكري والجدلية ، ومن هذه الاسلحة التحدث باسم المرجعية او دعوى الانتماء الى اخرى ، مستغلين سكوت الحية الخاملة عن كشف اوراقهم او موت اخرى لا تستطيع التبريء منهم وهي في القبر ، كما يضيفون الى ذلك ما يدغدغ العاطفة الشيعية من حماسة وادعاء الزهد او غيرها . لذلك كانت النتيجة السياسية والادارية شخصيات غير مهنية تفتقد الكفاءة , بل لا تعرف حتى صلاحياتها القانونية .

وكل ذلك يكشف عن حاجة المجتمع الشيعي الى حملات تنوير كبرى ، تكون جريئة وعميقة وصادمة ، خصوصا بعد محاولة اشغال الشارع الشيعي بصراعات خارجية تحت تأثير الخطاب الطائفي الخادع والكاذب ، مما سمح بالتخلص من الكثير من الشباب الحركي الذي يمكن دفعه باتجاه المعارضة للوضع القائم .

نقطة النظام الثامنة : لازالت العبارة الدستورية ( لا يجوز سن قانون يخالف الشريعة الاسلامية ... ) كاشفة عن حقيقة دعوى جميع الاحزاب العراقية التي تتخذ الاسلام شعارا سنية او شيعية ، مع انتشار كل ما يخالف الشريعة من معاملات ربوية ومحلات خمور ونوادي الرقص واحكام قضائية غير شرعية ... الخ ، حتى بعد مرور عشر سنوات على توليهم السلطة ، وهي اكثر من سنين يوسف ، وكافية لمن اراد التغيير . الا ربما قانون الاحوال الشخصية الجعفرية الذي اعدته و عرضته وزارة العدل العراقية حاليا على المرجعيات الدينية ، والذي لا نعلم هل سيرى النور ام لا ، وكذلك ما استشعرناه من رغبة صادقة لدى رئيس مجلس النواب السابق محمود المشهداني لو توفر له الغطاء الاسلامي المناسب حينها .

نقطة النظام التاسعة : قطاع الطاقة العراقي كما هو واضح يخضع لمبدأ الفيلم المصري ( الدكتاتور ) بكلمة ( بيع ) ، ومجرد تسليمه لأشهر شخصية هزلية عراقية معروفة شعبيا بالكذب المفرط ومتهمة في بعدها الوطني وحقيقة انتمائها للتراب العراقي ، وهي شخصية ( حسين الشهرستاني ) ، حيث ان هناك قناعة منتشرة في الشارع العراقي ان الحكومة اذا ارادت استمرار احدى الازمات وتعقدها ترسل الشهرستاني اليها ، نقول ان مجرد تسليم ملف الطاقة لهذه الشخصية هو تصريح بالقتل مع سبق الاصرار والترصد . فهذه الشخصية عبرت بصراحة وفي دوائر رسمية عن احتقارها لمؤسسات الطاقة الوطنية وعدم ثقتها باليد العراقية ، وعمدت الى تغييرات ادارية تسببت في ضياع الكفاءات الوطنية ، ولعل اهمها العقلية النفطية الوطنية ( جبار لعيبي ) ، فيما قضت على مفهوم احترام حقوق العامل والموظف العراقي عبر الغاءها للعمل النقابي في جميع قطاعات الطاقة ، مما تسبب بنمو سريع ومخيف للوبيات متنفذة داخل الادارات ، شعارها الدكتاتورية وطمس حقوق المنتسبين .

والاهم ان الشهرستاني اشرف على اكبر جريمتين للاقتصاد الوطني عموما والقطاع النفطي خصوصا ، حين اخرج وبقرارات جائرة مبنية على قاعدة عدم الثقة باليد الوطنية جميع الشركات النفطية العراقية الكبرى من دائرة فرص تطوير الحقول النفطية العراقية ، تمهيدا للجريمة الاكبر التي منحت الشركات الاجنبية - غير الواضحة المعالم على الارض - نصف ارباح الثروة النفطية العراقية الضخمة ، بعقود شراكة ، كان من الممكن جعلها عقود خدمة .

نقطة النظام العاشرة : القطاع الامني والعسكري في العراق فقد الروح التغييرية التي رافقت سقوط الصنم 2003 ، وعاد بتأثيرات الانتهازية الحزبية والعقلية الادارية النفعية الى ثوب خدمة الحاكم وقمع المحكوم . سيما بعد الخطوة المتعمدة التي عمدت اليها الاحزاب الحاكمة - واهمها الدعوة - بإرجاع القيادات والضباط الصداميين ، والذين جعلتهم الدماء التي في اعناقهم لا يستطيعون العودة الى عالم الانسانية . كما مظاهر القهر والرشوة والافتراء والتكبر والتسيب عادت جميعها معهم ، بما في ذلك سرقة الاموال والرواتب والارزاق ، رغم ثرائهم الفاحش . فيما يفتقدون حد البلادة الى ثقافة حقوق الانسان واحترام كرامة الناس . والى الان لم تعمل الدولة العراقية على تخليص المجتمع من عناصر ربتها انتهازية وفوضى ثلاثين سنة بعثية ، وايجاد البديل المناسب ، لا لصعوبة ذلك ، بل لحاجة تلك الاحزاب لأمثال هؤلاء الذين تجذبهم الاموال وترعبهم العصا . والاهم ان الكثير من هذه القيادات الامنية والعسكرية تعمل بازدواج مع الدولة ومع الارهاب ومع الخارج ، تحت تأثير انتماءاتها السابقة و بريق المال وشهوة النفوذ . فيما أتساءل احيانا : الا ترى هذه القيادات العسكرية العراقية المستوى المهني والاستقلالي الكبير والحيادي للقيادات العسكرية في دولة قريبة وعلى تواصل معهم كمصر مثلا , فلماذا لازالوا ( صبيان الحاكم ) واين هيبة هذه المؤسسة التاريخية , هل ضاعت وسط الليالي الحمراء ؟ .

نقطة النظام الحادية عشر : حتى الان لم يجد شيوخ وزعماء العشائر او مدراء وقادة المؤسسات والدوائر العراقية شخصيتهم ، ولازالوا لا يدركون دورهم الحضاري . فهم ضائعون تحت تأثير الانتماءات والولاءات . لم يدرسوا التأريخ ، ولم يحددوا الاهداف ، وليس لديهم رؤية صحيحة للمشهد ، تخضع تحركاتهم وقراراتهم لأمزجة وعقليات خلقتها واوجدتها منظومة اجتماعية وسياسية وادارية فاسدة سابقة ، اقل ما يمكن وصفها حينها بانها الفوضى . لذلك يكون الانسان دائما هو ضحية المشهد .

نقطة النظام الاخيرة : هدر كرامة الانسان العراقي في دوائر الدولة , حيث لا احترام لشخصه ، كبيرا او صغيرا ، رجلا او امرأة ، وتركه لساعات واحيانا الى ايام تحت الشمس اللاهبة ، او بين انقاض وزوايا الدوائر التي تنفث حرارة اجهزة تبريد المسؤولين ، في طوابير واقفة لا تحلم بلحظة تشبه الراحة ، وتعامل خشن ، يكون فيه المراجع الحلقة الاضعف . كل ذلك تحت غطاء عقول ادارية عتيقة ، تعتبر توقيعها - بعد ايام - منة ، وقضائها لمعاملة او صرف مستحقات او رواتب انجاز ، تستغرب حين تحدثها عن حقوق الانسان ، وتتهمك بالغلو او ضعف الادراك حين تطلب اليها توفير قاعات استراحة يقضي فيها مراجعوها وقت الانتظار ، ولن تفكر يوما في ان ترفع ضمن خططها التنموية توفير الاموال اللازمة لإنشاء تلك القاعات التي تعتبر في دول العالم المتقدم من واجبات الادارة لكل مؤسسة , حيث تعاني ادارات تلك المؤسسات ضيقا في التفكير ناشئ عن ضيق بناياتها .