تقليعة الديمقراطية الجديدة

 

 

 

 

 

 

من الامور الغريبة العجيبة التي احيانا لانجد لها تفسيرا منطقيا  وموضوعيا يمكن ان يمنحنا القناعة بما يحدث على الساحة العربية من غرائب وعجائب ، اليوم العالم يتفاخر ويتباهي بما وصلت اليه انظمته السياسية من ممارسات ديمقراطية  حيث بمرور الزمن يبدع في خلق المناخات الجديدة  لتوسيع  مفهوم الديمقراطية  وعدم اقتصارها بعلاقتها في تشكيل النظام السياسي ، بل  جعل الية الممارسة الديمقراطية  الاساس في بناء المجتمع بكل قواعده ابتداءا من ممارستها بين اعضاء الاسرة الواحدة في تحديد اولويات مصالحها بمشاركة الجميع في وضع اسس تنظيم  تكاتفها وانسجامها واولويات متطلباتها ، وكذلك ممارسة الديمقراطية بين فريق العمل في اي قطاعاتها المختلفة لتنظيم العلاقة بين  بين الموظفين ومرؤسيهم  تقنين الواجبات والمسؤوليات والمشاركة الفعلية في اتخاذ القرارات المتعلقة بمسيرة العمل ، بالاضافة  الى تضمين الانظمة التي تحكم  عمل الفعاليات المجتمعية الاسس الديمقراطية في ميزات او اليات فعالياتها لتحقيق الغايات المتوخاة من انشائها ، ووصل الامر في المجتمعات المتحضرة التي تتمتع بالانظمة الديمقراطية الحقيقية ان يشارك اطفال رياض الاطفال والمدارس التمهيدية  رغم  صغر اعمارهم او طلاب المدارس في مختلف المراحل الدراسية في اتخاذ القرارات التي تتعلق  بشؤونهم المدرسية من خلال طرح افكارهم وارائهم بكل حرية وبناء منهج عمل مشترك مع مدرسيهم ومعلميهم في ممارسة ديمقراطية تعطي لكل منهم قيمة متساوية متكافئة للمشاركة في اتخاذ التوصيات والمقترحات بالحياة الدراسية ، ولكن لازالت انظمة الحكم في منطقتنا  تعيش عالم  التوريث والخلافة السلطوية بعد ان اصبحت تلك الممارسات  مواضيع عفى عنها الزمن وتدرس في مادة  التاريخ  كأحداث نسيا ومنسيا ، واليوم تخرج علينا الصحف والقنوات الفضائية العربية تهليلا وتعظيما  وتبجيلا على ممارسة فريدة وسابقة حضارية في تطبيق جديدة للديمقراطية  بعد تنازل الامير الى ابنه ولي العهد واعلان المبايعة بين افراد الاسرة الاميرية ، واعتبارها ممارسة ديمقراطية جديدة  تتجاوز المعنى التقليدي اللغوي المستمد من اللغة اليونانية حكم الشعب بنفسه ، وتتحول الى ان حكم  الدولة والامارة يختزل بافراد الاسرة الحاكمة نفسها وعلى الباقي من الشعب السمع والطاعة ونحن في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين،  وبدأت الاقلام المثلومة تكيل المدح والتغزل والاشادة  بذلك التنازل التاريخي والحضاري وتناقلته وسائل الاعلام العالمية كحدث عالمي نقلت وقائعه مباشرة وعلى عنوان الاخبار العاجلة ، ليطلع العالم باسره على الديمقراطية الجديدة.