بغض النظر عن مصير الرئيس المصري محمد مرسي بعد مطالبة الملايين من شعبه برحيله، يظل الحراك الشعبي المنظم ، هو السبيل الوحيد للتعبير عن الاحتجاج ضد الاستبداد ، وفرض نوع جديد من الديكتاتورية بسرقة الربيع العربي لصالح قوى ، عندما وصلت الى السلطة كشرت عن أنيابها ، فألغت كل مظاهر الدولة المدنية ، وتجاهلت إرادة الشعب في تحقيق الديمقراطية ، وسعت بكل ما تملك من نفوذ وهيمنة ، لإجبار الآخرين على سماع صوتها لاعتقادها بانه الوحيد بحسب مزاعمها المعبر عن الإرادة الشعبية . يوم اطلق الشعب المصري هتافه الموحد "الشعب يريد إسقاط النظام " اضطر الرئيس المخلوع حسني مبارك الى استخدام البعران لمواجهة ملايين المحتجين المطالبين برحيله ، ولم ينفعه ابتكاره في توظيف الأباعر لتكون جزءاً من قوات الشرطة السرية والعلنية ومكافحة الشغب للدفاع عن بقائه في المنصب مدى الحياة ، فتبدد حلمه باستمرار اطلاق الهتاف من ميدان التحرير في القاهرة ، وتجدد اليوم ضد مرسي واتباعه . مايسجل لصالح مرسي انه لم يلجأ الى أسلوب سلفه في استخدام البعران في مواجهة المتظاهرين ، لان هناك من تبرع بهذا العمل لصالحه من فضائيات عربية وحتى عراقية تابعة لأحزاب دينية ترى في الإخوان المسلمين ، انهم خير من يمثل إرادة الأمة في تحقيق العدالة ، وإقامة أنظمة حكم ، اقل ما يقال عنها أنها عودة قسرية الى القرون الوسطى. "بِعران مبارك" أصبحت صفحة بالية غير قابلة للتداول في المرحلة الحالية ، والحاكم المستبد تخلى هو الآخر عن هذا الأسلوب ، لاعتماده على اتباعه في الدفاع عن الشرعية ، باستخدام العنف المدعوم بخطاب إعلامي موجه يحذر من محاولات الكفار وأذنابهم بالسيطرة على مقدرات الأمة، و هذا الخطاب يتطابق مع ما اعلنه الرؤساء المخلوعون قبل أيام من رحيلهم ، بان وجودهم على راس السلطة ، يعنى منع التنظيمات الإرهابية من الوصول الى الحكم . المتابعون للحراك الشعبي المصري من خبراء ستراتيجيين عرب وأجانب ، يصفونه بانه رسالة موجهة الى الحكام العرب جميعا وبلا استثناء ، تفيد بان الربيع العربي مازال يحتفظ بشرارته على الرغم مما افرزه من نتائج يعتقدها البعض بانها سلبية ، وانه ،أي الربيع اصبح اليوم سلاحا متاحا لمن يريد التغيير شريطة اعتماد التنظيم وبلورة موقف شعبي موحد تتبناه القوى السياسية الفاعلة المؤمنة بالديمقراطية ، وعن هذا الطريق بالإمكان فهم الدرس المصري ، واستنساخه في بلد آخر يعيش شعبه فصول مأساة ، القت بتداعياتها على الأوضاع الأمنية والسياسية ، ومهدت الطريق لولادة الحزب الحاكم ، ليكون زعيمه او أمينه العام هو الشخص الوحيد القادر على قيادة البلاد ، لما يمتلكه من شرعية اكتسبها من "صناديق الاقتراع" ، ودعم من قاعدة شعبية واسعة ، على استعداد للدفاع عنه بتظاهرات مضادة لمعارضيه من دون الحاجة الى استخدام البعران في توطيد التجربة الديمقراطية. |