ديمقراطية بدون ديمقراطيين

 

غريب ان يرفع نائب بصري دعوى ضد ابن مدينته الصديق الصحافي والاديب ناصر الحجاج . لمجرد ان ظهر في صفحته اعلان في الفيس بوك عن فتح دورة لتعريف البرلمانيين بمعنى العمل البرلماني وطبيعة العلاقة بين السلطات الثلاث وواجبات ومسؤوليات النائب، وهو ما اعتبره النائب المشتكي اهانة لكل النواب .( رغم ان الكثير منهم يحتاجونها والله)
غريب ان لا يتحمل نائب عن الشعب هذا المستوى البسيط جدا من النقد الذي يمارسه صحافي من أبناء مدينته ،متسلحا بما كفله له الدستور من حرية الراي والتعبير . 
الدعوى هذه تعدّ الاولى بشان مادة مكتوبة على شبكة الانترنت . وهي تحمل عناصر ضعفها : فلا قانون حاليا يختص بما ينشر على الانترنت ، فهو عالم افتراضي فضلا عن وجود امكانية كبيرة لاختراق حساب اي شخص ولصق اية صورة او اعلان عليه وهو ما اتعرض له دائما . فلا يمكن الاحتجاج بمادة على الانترنت كدليل ضد شخص ما . وحتى لو كانت هذه المادة منشورة في جريدة ورقية ، فلا يمكن لاي قاض مهما كان مستواه متواضعا ان يقبل بمضمونها دليلا على وجود جرم لعدم وجوده أصلا . كما ان المحكمة التي رفعت امامها ليست ذات اختصاص ، فقد انيطت كل دعاوى الاعلام بمحكمة سميت محكمة النشر وهي تستعين بمستشارين متخصصين رغم عدم وجود قوانين تحدد مصاديق لمصطلحات ومفردات مثل "القدح والسبّ والتشهير والطعن " كي لا تبقى تحتمل التاويل . 
من الصعب رؤية سياسي ممثل للشعب لا يطيق سماع نقدٍ من صحافي . فالصحافي يراقب السياسي ، ومن واجبه ان يعطي رأيا ناقدا او تقييميا لاداء السياسي . حتى السخرية السياسية جائزة بل يعتبرها البعض ضرورية لاي نظام ديمقراطي ولذلك نراها مادة اساسية في المحطات التلفزيونية والاذاعية (ومعها الكاريكاتير السياسي الصحافي) في الدول الديمقراطية .
متسلحا بهذه الخبرة عاد الصديق ناصر الحجاج من غربة ثلاثة عقود متصورا ان العراق بات ديمقراطيا وانه يمكن ان يساهم في تدعيم النظام السياسي الجديد بما كسبع من عمله في وسائل اعلام مهنية . يا صديقي انا سبقتك الى العودة باربع سنين لاكتشف ان الديمقراطية جاءتنا مفاجئة ،وان الوعي والثقافة والنفوس ما زالت مشبعة بالدكتاتورية والاستبداد .
ناصر : هل الامر محصور بغيرة على سمعة النواب أم ان أحدا يريد مكانك في ادارة تلفزيون البصرة ؟