المالكي والأربعون مقرباً

ما هي المؤامرة التي يحذروننا منها؟  لا احد يعرف.. من هو العدو الذي يتربص بالانجازات الكبيرة التي قدمها  رئيس الوزراء ومعاونوه؟ سيقولون لك انهم اصحاب الاجندات الخارجية..ومن هم هؤلاء؟ ايضا ستجد امامك من يطلق في الهواء جملا وعبارات منتهية الصلاحية.. المواطن يعرف جيدا ان هناك مؤامرة واحدة فقط  لا غير  اسمها مقربو رئيس الوزراء، الذين يسعون بكل طاقتهم السير بالبلاد الى كارثة محققة.. مجموعة لاتمتلك رؤية سياسية، لكنهم يشعلون الحرائق ليل نهار.. هؤلاء الذين يقولون للعربي ان الكردي عدوك، وان ابن الموصل يتربص بابن ميسان، وان الليبراليين  قوم كفرة لامكان لهم في بلاد الهداية والايمان، وان المسيحيين ضيوف غير مرغوب بهم، وان البلاد تحتاج الى قبضة حديدية تعيد لها امجاد "المهيب الركن".

خطب وشعارات تريد ان توهم الناس ان هذا الشعب لايمكن ان يحكمه الا حاكم مستبد يفرض سلطانه على الجميع، يريدون ان تصبح الخديعة بديلا للسياسة، العاب تتكرر وكأن الناس لم تغادر عصر القائد الملهم، لنجد ان البعض يريد ان يقيم لنا وباسم الديمقراطية نظاما يقوم على الاقصاء والغاء الاخر، واحتكار الدولة بكل مؤسساتها.

مقربون يتصورون انهم جيش من الملائكة الصالحين سيعلموننا معنى الفضيلة ويأخذون بأيدينا الى طريق  الهداية.

إنها العقلية القديمة نفسها التي رافقت صدام لعقود وزينت له افعاله وخطاياه، ومارست اقصى اساليب الخداع من اجل ترويض الشعب وقهره.

مقربون يعتقدون ان الحاكم ليس بشرا مثلنا، يصيب ويخطأ، يضحك ويبكي، بل هو ملاك  يحلق بأجنحة بيضاء، ووجه سمح، لا يأتيه الباطل من خلفه ولا من امامه.

مقربون يتطيرون من اي نقد، ويقيمون الدنيا ويقعدونها اذا ما تجرأ احد على الاقتراب من قلاعهم الحصينة، يؤمنون بان كل من يعترض سياسة رئيس الوزراء وأداءه  الوظيفي "خائن" " و"خارج على القانون" و"ينفذ أجندة اجنبية".

في كل ازمة نرى الاربعين مقربا يخرجون من " جرارهم "  ليطلقون تصريحات تخاصم المنطق والعقل،  محاولين ارهاب  الناس من خلال قربهم من صاحب القرار، يسعون إلى تشويه الحقائق، حين يؤكدون بأن الذين يعارضون  صولات المالكي على البنك المركزي، وعلى اقليم كردستان، هم مجموعة من المندسين والخونة الذين يسعون إلى تخريب العملية السياسية.

لعل من عجائب وغرائب السياسة العراقية  ان نجد وزراء ومسؤولين في الحكومة قد آثروا الصمت، فيما الاربعون مقربا  احتفظوا لأنفسهم بحق التصريح حصرا، محاولين من خلال ظهورهم المكثف عبر وسائل الإعلام فرض واقع سياسي يخدم مصالحهم.

ليس لي اعتراض في أن يتحرك جماعة الاربعين مقربا  بالمساحة المسموح لهم بها كسياسيين، ولكن من غير المعقول أن يتحركوا طوال الوقت على اعتبارهم  ناطقين باسم الحكومة في الوقت الذي لايزال فيه السيد الناطق الرسمي علي الدباغ -اطال الله عمره -  يمارس مهام عمله بعد ان نال رضا السيد المالكي وتم تجديد البيعة له كناطق وبعقد  حكومي.

ما يصرح به الاربعون مقربا هذه  الأيام يثبت بالدليل القاطع، كيف أن لغة الحوار السياسي تحولت في زمن الديمقراطية العراقية إلى لغة مشحونة بعبارات وجمل تثير النعرات الطائفية، وتسهم في خلق حالة من الاحتقان السياسي.

من حق أعضاء جمعية الاربعين مقربا  أن يعتنقوا ما يشاؤون من أفكار، ومن حقهم أن يتحدثوا كما يريدون، ولكن عليهم أن يخبرونا بالانجازات العظيمة التي تحققت، وعن البرنامج الطموح الذي نفذته حكومة المالكي، لكن قبل ذلك عليهم أن لا يلصقوا فشلهم وعجزهم  على شماعة المؤامرات الخارجية، فالمؤامرة الحقيقية هي استمرار الاربعين مقربا  في تسميم حياتنا واشعال الحرائق في كل الاتجاهات. 

وفي النهاية سأعيد السؤال: الى متى ستظل جماعة الاربعين "مقرب"  تحذرنا من المؤامرات والاجندات الخارجية؟ والى متى ستستمر هذه اللعبة  التي يراد منها ترويض الشعب، ليخرج علينا في النهاية احد اعضاء جمعية المقربين يخبرنا بان السيد رئيس الوزراء محبوب من جميع افراد الشعب وان   99٪ من  العراقيين  تؤيده وستفديه بالروح والدم.