العراق مابعد البند السابع من المستفيد ؟

 

ترى هل سيتغير الوضع في العراق بعد التوصية بخروجه من البند السابع، لطالما سألنا انفسنا هذا السؤال لكن جوابه في المنظور بالطبع لا، حيث تحيط بالعراق اليوم أكثر من منطقة تأثير، وكل تلك  المناطق تترك ظلالها على مساحة واسعة من رقعة الشطرنج التي تدار عليها موازين الصراع الأقليمي والدولي في العراق ، إنتقاماً أوبسط نفوذ وهوما يشكل خلالاً في أداءه السياسي المتعثر أصلاً منذ الاحتلال وحتى الساعة التي طلب فيها بان كي مون خروج العراق من البند السابع.
الكويت متربصة تدفع لكسب اكثر مايمكن أن تكسبه قبل رحيل نوري المالكي الذي شكل بالنسبة لها ( مارد المصباح) متى ما رغبت بأقتطاع جزء من البصرة مسحت على ظهره، فأجابها السيد المالكي بالسمع والطاعة، حتى باتت أقطاعية الكويت على مقربة من باب بيتي إن سلم بيتي منها، وتناست تلك الكويت وحكومتها أن رئيس الوزراء العراقي يقود حزباً دموياً ،كان من ضمن مانفذه هو الشروع بعملية إغتيال أمير الكويت الراحل والمؤسس للمشكلة التي تفاقمت في التسعين من القرن المنصرم جابر الأحمد، (وهذا لايعني إننا نعفي الطرف الأخر من خطأ ما حصل)، بسيارة مفخخة على شارع الخليج العربي عند توجه الأمير لمقر عمله ، وتم توجيه الإتهام لعناصر حزب الدعوة المدعوم من إيران ، وأعترفوا بجرمهم.
تناست الكويت حادثة الأمير وباركت لحزب الدعوة ما أقترف عبر تعاملها المباشر مع زعيمه، وحرمة الأمير ودمه المراق لا ضير، طالما أن هناك أمتاراً متزايدة تدفع لهم ويتم السكوت عنها من قبل من باع العراق وشعبه.
الأقليم هو الأخر على مقربة من هذا الوصف ، حيث يمارس التوسع اقتصادياً فيما يخص النفط والمستقطعات الأخرى ، ناهيك عن المطالبة بما يسمى بالأراضي المتنازع عليها، وهو وصف لم نألفه من قبل ، إنما كرس نتيجة إتفاقيات المالكي المنفردة مع  حكومة الأقليم ، وضمنه وصفاً في الدستور الذي أسس لتمزيق العراق عبر بنوده ،ليزداد قوة على حساب بغداد التي باتت غير قادرة على رده أو ايقاف تمدده هو الأخر، نتيجة ضعف أداء حكومة المالكي وعدم حسمها للأمور ، بل لتهربها المتكرر حتى من الإتفاقات التي يذيلها المالكي نفسه بتوقيعه ومن ثم يتراجع عن تطبيقها، ما زرع عدم الثقة في طبيعة التعاملات بين الطرفين، وهو ماينعكس على عدم الاستقرار في الشارع العراقي نتيجة الأزمات التي تكررت ولن تنتهي.
إيران ، وهنا الطامة الكبرى، فالسياسة العراقية إن وجدت فهي تابع لإيران تنفذ ماترغب هذه الشريرة من رغبات دون حساب للشأن العراقي، حتى باتت عملية أخراج تلك الدولة المارقة من  طائلة العقوبات مرهونة بالأقتصاد العراقي الذي يسعى القائمون عليه وبجهد حثيث للتقليل من آثار العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران نتيجة إصرارها على مواصلة العمل ببرنامجها النووي، ومن جهة أخرى مواصلة دعم النظام السوري بالمال العراقي ومؤكد أنها توصية من إيران لأستمرار قتل اهلنا في الشام وتخريب بلدهم، لصالح بقاء الاسد على سدة الحكم ، كونه يمثل محوراً مهماً ومباشراً من محاور الدعم لحزب الله اللبناني ، حيث تؤكد المصادر السياسية أن زواله مرتبط بزوال نظام الأسد ، وهو مايشكل تهديدا مباشراً لطهران بفقدها حليفاً استراتييجياً تنوي السيطرة من خلاله على المنطقة.
لذلك فأن خروج العراق من نطاق مايفرضه البند السابع يعد انتصاراً للسياسة الإيرانية وليس بالضرورة العراقية، ذلك أن ما سينتج عن عملية خروج العراق هذه هو فائدة لإيران على حساب العراقيين وثرواتهم ، ولن ينالهم منها شيء ، طالما أن القرار فارسي بأمتياز في بغداد.
أمريكا تتخذ موقف المتفرج عن بعد، وتعمل في الخفاء لضمان مصالحها من بعيد، دون أن يكون لها تأثير مباشر على مجريات الأمور، وهي ترى أن البلد بات يشكل الحديقة الخلفية لنظام طهران، وبسكوتها هذا تمنح الإيرانين مشروعية التحرك دون وجل أو خوف من إحتمالات أن تكون الإدارة الأمريكية راضية أو غير راضية عما يحصل في العراق.
روسيا وهذه تتخذ الخندق الملاصق لإيران منذ أمد طويل ، وسيطرة إيران تعني إن لها الغلبة على الموقف الأمريكي في العراق على الأقل ، وأن مايعود بالنفع على طهران مؤكد سيكون للشريك الروسي حصته منها، دون أن يحرك ساكناً أو يبذل جهداً، لذلك تجد روسيا مستميتة بالدفاع عن الأسد ونظامه القمعي ، لكي يستمر بقاءه وهو مايشكل مصلحتها العليا ومصلحة إيران معها طبعاً.
تركيا والخليج يتهم المالكي وحكومته تركيا وبعض من دول الخليج بالدخول على خط الأزمة الدائرة في العراق، لكن دون سند يذكر،مايعني أن اتهامات الرجل ليس أكثر من هواء في شبك، وتركيا حتى وإن تدخلت أو كان لها حضور على الساحة العراقية فهي ليست بالكثافة التي عليها إيران والاجرام الذي تمارسه لبسط نفوذها على الساحة العراقية، ( وهذا لايعني اننا نغض الطرف عن التدخل التركي إن وجد، بل العكس نرفض كل اشكال التدخلات ومن أي طرف)، أما عن دول بعينها من الخليج يسميها رئيس الوزراء ومن بحكومته إتهاماً لها بالتدخل فذلك غير وارد وغير مقبول ولا تأثير له ، إن قرأنا المشهد بدقة وبعيداً عن الطائفية، أو محاولة تحويل الأنظار عما يحصل في العراق من إجرام منظم ، بل قل إرهاب دولة.
هذه هي الأطراف الأقليمية والدولية البارزة والمؤثرة على الساحة العراقية ، والتي ترتبط مصالحها بخروج العراق من البند السابع، ناهيك عن المليشيات التي تشكل حجر السبق في تركيز دعائم حكومة السيد المالكي ، والتي تدعمها إيران صراحة ، سواء في العراق أو سوريا، وهي التي تقاتل الى جانب نظامه كما يفعل حسن نصر الله ،والرجل صاحب أكبر مليشيات في الشرق الأوسط تعمل لخدمة النظام الإيراني بالمطلق.
خارطة متشابكة من المصالح لا نُبرأ منها أحد بدء من الولايات المتحدة وصولاً الى حسن نصرالله والكويت ، كلها تعمل على تدمير العراق وقتل أهله ، وهو مايصب في مصلحة إيران دون سواها، لذا على العراقيين أن لايفرحوا، فما هو قادم لن يكون بأحسن حال مما مضى ، إن لم يكن أسوء. وأن نصيبهم من البند السابع ، سيكون إنعكاسه على طهران ونصر الله وبشار الأسد، ولن ينالهم سوى مزيداً من المفخخات والقتل والتدمير لأستمرار هذا التحالف الشرير.