تأريخنا فخرٌ والعيب فينا!!

 





كنت في جلسة ثقافية متنوعة , وقد اندهشت من العدوانية على التأريخ العربي من قبل بعض الأخوة المتحدثين , حتى أن أحدهم يريد أن يلغيه ليعيش من جديد بلا تأريخ , ويتمنى أن نصاب بالخرف حتى لا نتذكر شيئا , وكأنه يتجاهل أن الإنسان الخَرِف عالة على الحياة وعبئا كبيرا على المجتمع.
إن الأمم والشعوب التي لا تعرف تأريخها أو تنكره , تكون كالشخص الخَرِف تحتاج لرعاية تامة , فذاكرة التأريخ نور يضيء الطريق , وبوصلة ترشد البصيرة إلى الصراط القويم.
والإنسان بلا ذاكرة , يفقد معالمه ومعانيه الإنسانية كاملة , ويتحول إلى بدن بلا رأس.
فكيف يتجرأ الأخوة على نسف التأريخ , ولماذا نصل إلى هذا الحد من الفهم والتصور السلبي , المتعارض مع بديهيات الفكرة والوجود والحياة الصحيحة.
إن العلة ليست في التأريخ العربي والإنساني , وإنما في الإنسان نفسه , لأن قراءته للتأريخ وإدراكه للأحداث , واقترابه منها مبني على أسس سلبية , وقواعد إنفعالية منحرفة ومريضة , فهو ينظر إليه بعيون السوء والغضب والكآبة والكراهية والإنفعالية العالية , ولا يريد أن يضع الأمور في نصابها , بل يقطع رأس الأحداث عن مكانها وزمانها وآلياتها , ويرغمها أن تكون كما يحلو لتصوراته ورؤاه.
إن التأريخ قوة وفعل وتأثير وطاقة إبداعية خلاقة , وفرت قدرات التواصل والبقاء والتقدم , لكننا في هذا العصر , نشهد تنامي الهجمات العدوانية على التأريخ العربي , وفقا لبرامج منظمة وخطط مدروسة, لتحويل العربي إلى وجود باهت ومقطوع , ومجرد من القوة الحيوية والانطلاق الصحيح في الحياة.
فالذين يقرؤون التأريخ بعيون زائفة , ومَدارك منفعلة ومنحرفة , عليهم أن يتصالحوا مع التأريخ وأنفسهم , قبل أن يتوهموا ويوهموا غيرهم , بأن علينا أن نتخلص من تأريخنا لكي نكون , فنحن لا نكون إلا بالفهم الموضوعي الصائب للتأريخ , وتحليل أحداثه وفهم المعطيات الإيجابية والقوى المؤثرة فيه.
إن التأريخ العربي حالة إنسانية مشرقة ومؤثرة في مسيرة الحضارة البشرية , ولا يمكن التخلي عنه , ومن الواجب الوطني والإنساني أن نتفاعل معه بإيجابية , ونبدي وجهه المشرق , بعيدا عن تضخيم ما فيه من الحالات الأخرى والإمعان في الكتابة عنها , وتقديمه على أنه سوء وحسب , ونزيف دماء لا أكثر.
هذا تجني وخداع وتضليل , وهجوم على الوجود العربي المنير.
إن التأريخ العربي ساطع متوهج , ولا يمكن للأقلام السلبية أن تجرحه وتدميه.
فاستيقظوا وتنبهوا أيها العرب , وكونوا مع تأريخكم المجيد لا عليه!!