بين الحاكم والمحكوم -3 -

أقول
بعد الانتخابات العامة التي جرت في البلاد 30 / كانون الاول / 2004 اصبحت السلطة التشريعية هي ( الجمعية الوطنية ) التي خولها قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية ان تنتخب مجلس الرئاسة المكون من ( رئيس الجمهورية ونائبين ) يتم انتخابهم بقائمة واحدة من قبل الجمعية ، والمجلس هو الذي يسمي مرشح الكتلة البرلمانية ذات الاغلبية المطلقة لتشكيل الوزارة ، وعلى رئيس الوزراء المكلف ان يقدم وزاراته الى الجمعية لنيل الثقة . 
اكتملت هذه العملية بعد ولادة عسيرة في غضون شهر نيسان / 2005 ، وهذه الفترة من التأخير أثرت كثيرا على انجاز وثيقة الدستور من خلال التأخير الحاصل في تشكيل الوزارة واللجان ، كما سيرد لاحقا . 
وبعد انجاز النظام الداخلي للجمعية الوطنية وتسمية ( 27 ) لجنة دائمية تمت تسمية اللجنة الدستورية ( المؤقتة ) من ( 55 ) عضوا من اعضاء الجمعية الوطنية ، لقد كانت ( قائمة الائتلاف الموحد والكتلة الكردية والقائمة العراقية ) مضافا اليها بعض الكيانات السياسية التي فازت بمقاعد معدودة في البرلمان العراقي . ( هؤلاء صوت الجمعية عليهم ) اضيف اليها لاحقا لهذه اللجنة (16) عضوا مضافا اليهم عضو من الصابئة المندائية في العراق ، وبذلك تكون اللجنة الدستورية ذات الـ ( 71) عضوا هي اللجن المكلفة دستوريا بموجب قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية باعداد وثيقة مسودة الدستور الدائم للعراق . 

ولنتابع التأريخ 
1 ـ بدأ العمل في اعداد المسودة ابتداء من 1 / 6 / 2005 وبطريقة منهجية ، حيث تم مناقشة المبادئ العامة التي يتفق عليها والتي سوف يتم بموجبها اعداد المسودة ، وقد استغرقت اللجنة وقتا كبيرا في هذه المبادئ بالنظر لكون اللجنة مشكلة من كافة مكونات الشعب العراقي ( قوميات واديان ومذاهب واقليات ) ، وتجري ولاول مرة في العراق حرية الحديث والمطالبة بالحق دون قيود او مراقبة . وهذه المبادئ اسس جديدة لنظام الحكم في العراق لاسيما ( الفدرالية ) مثلا . 
2 ـ انبثقت عن اللجنة الدستورية سبعة لجان فرعية ، انيطت بها مهمة اعداد ابواب مسودة الدستور ، وقد روعي في تشكيل اللجان تمثيل الكتل والمكونات جميعا ، بما في ذلك رئاسة اللجان ونيابة الرؤساء والمقررين ( حيث شكلت قائمة الائتلاف 28 عضوا ، والقائمة العراقية 8 اعضاء ، وقائمة التحالف الكردستاني 13 عضوا ، والباقي من  القوى السياسية والطوائف والا ديان ) . 
3 ـ باشرت اللجان اعمالها وعقدت اللجنة الدستورية اجتماعات مطولة قدمت اللجان خلالها تقارير دورية لما تم انجازه من قبلها ، وجرت مناقشات مستفيضة لكافة التقارير والتي طورت  تدريجيا مع الزمن الى ابواب وفصول ومواد متفق عليها ، وعاد ممثلو الكتل والمكونات في اللجنة دوريا الى مراجعهم للبت في العديد من  النقاط الخلافية التي تراوحت بين ( 15  الى 17 ) . 
4 ـ طبقا لقانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية ، فقد اوصت اللجنة الدستورية باشعار الجمعية الوطنية بعدم الحاجة الى فترة تمديد ، وان مسودة الدستور جاهزة قبل 15 / 8 / 2005 ، وهذا ما حصل فعلا . 
5 ـ وتواصلا مع عمل اللجنة الدستورية شكلت لجنة صياغة الدستورية مكونة من عدد من المستشارين والخبراء القانونيين لوضع الصياغة النهائية ، وعند وجود مقترح يتعلق بتعديل او شطب او اضافة بعض الفقرات تعاد الى اللجنة الدستورية لغرض البت فيها ، وقد طور مشروع الدستور بهذه الطريقة بشكل كبير . 
6 ـ وتواصلا مع عمل اللجنتين ( اللجنة الدستورية ولجنة الصياغة ) فقد رحلت النقاط المختلف عليها الى القادة السياسيين ( رؤساء الكتل والاحزاب ) من داخل اعضاء الجمعية الوطنية ومن خارجها ، لاسيما خلال الاسبوع الثاني من شهر آب ، حيث عقدت اجتماعات ولقاءات كان الهدف منها تذليل نقاط الاختلاف، الا ان القيادات السياسية لم تستكمل حل النقاط المختلف عليها مما ادى الى طلب تمديد فترة تسليم المسودة اسبوعا واحدا ، اي جعله في 22 / 8 بدلا من 15 / 8 ، وقد اتخذت الجمعية الوطنية قرارا بالاجماع لتعديل هذه المدة الواردة في الفقرة ( أ ) من المادة ( 61 ) من قانون ادراة الدولة للمرحلة الانتقالية . 
7 ـ في يوم 22/ 8 / 2005 لم تستكمل القيادات السياسية حل نقاط الخلاف ، لتجاوز الحرج الذي يقتضي حل الجمعية الوطنية ، والدعوة الى انتخابات جديدة . 
اعتمدت وثيقة شروع الدستور الدائم مع عدم التوافق على ثلاثة نقاط اساسية ، على ان يتم حلها خلال الايام الثلاثة اللاحقة ، ومضت الايام الثلاثة ولم تستكمل معالجة نقاط الخلاف.
وبالرغم من أن آلية وطريقه مشروع الدستور والتمديد لثلاثة ايام لم تكن قانونية ، حيث ان التمديد لثلاثة ايام اتخذ من رئيس الجمعية الوطنية فقط ، دون ان يكون مخولا بهذه الصلاحيات ، وحاليا الجمعية الوطنية في ازمة قانونية حقيقية.
ا ن اول سلطة في العراق بعد عام 2003 كان مجلس الحكم المكون في 25 عضوا وكان ممثلا للشعب العراقي . شكل في 13/ 7 / 2003 واستمر حتى 30 / 6 / 2004 حيث شكلت الحكومة المؤقتة برئاسة الدكتور اياد علاوي وقد كانت هذه الحكومة ( الوزارة ) تمتلك السلطتين التشريعة والتنفيذية وقد استلمت السيادة في 30 / حزيران / 2004 وهي التي هيئات للانتخابات التي تم فيها انتخاب الجمعية الوطنية التي خولت بموجب قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية بكتابة دستور العراق الدائم . 
كان لي الشرف ان اكون محافظا للبصرة وعضوا في مجلس الحكم ووزارة لشؤون المحافظات في الحكومة المؤقتة ثم عضوا في الجمعية الوطنية وعقودا في نقابة الدستور . 
لثلاثة ايام اتخذ من رئيس الجمعية الوطنية فقط ، دون ان يكون مخولا بهذه الصلاحيات ، وحاليا الجمعية الوطنية في ازمة قانونية حقيقية .

الفصل الاول

في الآفاق المبادئ الجديدة الواردة في مشروع دستور العراق الدائم 
1 ـ لأول مرة في العراق يحدد النظام السياسي بانه ( جمهوري نيابي ديمقراطي اتحادي ) وان السيادة للقانون والشعب مصدر السلطات وشرعيتها ، يمارسها عبر مؤسساتها الدستورية ، وان اللغة التركمانية واللغة السريانية لغتان رسميتان في المناطق التي يتواجدون فيها ، ويتم تداول السلطة سلميا عبر الوسائل الديمقراطية المنصوص عليها في الدستور ، ويحظر على كل كيان او نهج يتبنى العنصرية او الارهاب او التكفير او التطهير الطائفي او يحرض او يمهد او يمجد او يروج او يبرر له ، وبخاصة حزب البعث الصدامي ورموزه ، وتحت أي مسمى كان ، ولا يجوز ان يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق ، وان العراق يحترم التزاماته الدولية ، وان القوات المسلحة تحت سيطرة القيادة المدنية . 
2ـ وفي مجال الجنسية ، اعتبر المشروع ان العراقي هو من ولد لأب او أم عراقية ، وعدم جواز اسقاط الجنسية عن العراقيين بالولادة لأي سبب من الأسباب ، ويحق لمن اسقطت عنه طلب استعادتها ، وان الجنسية العراقية لاتمنح لاغراض سياسية او التوظيف السكاني المخل بالتركيبة السكانية في العراق ، وان الجنسية العراق حق لكل عراقي وهي اساس مواطنته . 
3 ـ وفي مجال الحرية الشخصية ، تم تأكيد جملة من المبادئ اتفق على ان تكون في الدستور ، بالرغم من امكانية معالجتها في القوانين ، وهي ما تناولته المادة ( 21 ) بتأكيد ان القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون ، ولا جريمة ولا عقوبة الا بنص ، والتقاضي حق مصون ومكفول للجميع ،وحق الدفاع مقدس ومكفول في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة ، وان العقوبة شخصية ،  وأكد مشروع الدستور على الغاء عقوبة الحجز ، على ان المادة الجديدة ان اوراق التحقيق الابتدائي تعرض على القاضي المختص خلال مدة لاتتجاوز اربع عشرون ساعة من حين القاء القبض على المتهم ، ولايجوز تمديدها الا مرة واحدة وللمدة ذاتها ،ومنح المرأة حق المشاركة في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسة ، كما أكد على عدم تسليم العراقي الى الجهات والسلطات الاجنبية . 
4 ـ وفي مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، أكد المشروع على حق العمل لكل العراقيين ، بما يضمن لهم حياة كريمة ، واجاز للعراقيين الحق في التملك في أي مكان في العراق ، على ان يحظر التملك لغراض التغيير السكاني ، كما كفلت الدولة حرية الانتقال للأيدي العاملة والبضائع ورؤوس الأموال العراقية ، وفي مجال الضرائب أعفى المشروع اصحاب الدخول المنخفضة من الضرائب بما يكفل عدم المساس بالحد اللازم المعيشة ، كما أكد المشروع على الأسرة اساس المجتمع ، وحق الاولاد على آبائهم في التربية والرعاية والتعليم ، وحق الآباء على الاولاد في الاحترام والرعاية ، ولاسيما في حالات العوز والعجز والشيخوخة .  وفي الوقت الذي أكد في المشروع على منع اشكال العنف والتعسف في الأسرة والمدرسة والمجتمع ، منع الاستغلال الاقتصادي للأطفال ، وقد توسع المشروع في الضمان الاجتماعي ، لاسيما في حالة الشيخوخة ، واكد على الزامية التعليم في المرحلة الابتدائية ، كما منح حق التعليم الخاص ،وأكد على الرعاية الصحية للأمومة والطفولة ، وأن الدولة ترعى المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة ، كما تكفل الدولة حماية البيئة والتنوع الحياتي والحفاظ عليها . 
5 ـ وفي مجال الحريات ، أكد المشروع تحريم جميع انواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الانسانية ، ولا عبر بأي اعتراف انتزع بالاكراه او التهديد او التعذيب ، وللمتضرر المطالبة بالتعويض ، وتكفل الدولة حماية انفرد من الاكراه الفكري والسياسي والديني ، كما حرم العمل القسري ( السخرية ، العبودية ، وتجارة العبيد ( الرقيق ) ، والاتجار بالنساء والاطفال ، والاتجار بالجنس ) .  كما كفل الدستور حرية التعبير عن الرأي وحرية الصحافة والطباعة والاعلام والنشر ،وحرية الاجتماع والتظاهر السلمي ، كما كفل حرية تأسيس الجمعيات والاحزاب السياسية ، ومنع الاجبار على الانضمام اليها او استمرار العضوية فيها . 
6 ـ كما أكد الدستور ان العراقيين احرار في الالتزام باحوالهم الشخصية حسب معتقداتهم او مذاهبهم او اختيارهم . كما كفل المشروع ممارسة الشعائر الدينية ، وحرية العبادة ، والتنقل والسفر والسكن ، ولم يجوز نفي العراقي او ابعاده او حرمانه من العودة الى الوطن . 
7 ـ وان الدولة تحرص على تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني ،ودعمها وتطويرها ، كما تحرص على النهوض بالقبائل والعشائر العراقية ، ومنع الاعراف العشائرية التي تتنافى مع حقوق الانسان . 
8 ـ ان هذه الحقوق والحريات لايمكن تقييدها ، واذا ما وجدت حقوقا اخرى واردة في المعاهدات والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الانسان التي صادق عليها العراق والتي لاتتنافى مع مبادئ واحكام هذا الدستور فبامكان الفرد والمواطن .

السلطات الاتحادية : 
وفيما يتعلق بالسلطات الاتحادية ، استحدث الدستور غرفتين هما النواب ومجلس الاتحاد ، الاخير لدراسة القوانين المتعلقة بالاقاليم والمحافظات غير المنتظمة بأقليم قبل عرضها على مجلس النواب . والثاني يتولى التشريع. 
وتأكيدا على تجاوز السيطرة الاستبدادية الشمولية اعطيت الصلاحيات الواسعة وقيادة الدولة الى رئيس مجلس الوزراء الذي يسميه رئيس الجمهورية كمرشح عن الكتلة النيابية لاكثر عدد . 
بينما يبقى رئيس الجمهورية رمزا للعراق مع صلاحيات محدودة بعضها شكلية والاخرى رمزية بروتوكولية .
ولغرض ضمان احترام الدستور وتفسير نصوصه انيطت بالمحكمة الاتحادية العليا هذه المهمة التي سوف يكون من بين اعضائها فقهاء الشريعة الاسلامية الذين سيتولون مدى مطابقة القوانين لأحكام الدين الاسلامي طبقا لاحكام المادة الثانية من الدستور التي نصت على ان دين الدولة الرسمي الاسلام ولا يجوز سن قانون يتعارض مع : 
أ ـ ثوابت احكامه . 
ب ـ مبادئ الديمقراطية . 
ج ـ الحقوق والحريات العامة ، كما سوف يكون من بين اعضائها فقهاء في القانون . 
ان هذه المحكمة سوف تفصل في النزاع الذي يحصل بين الحكومة الاتحادية وحكومات الاقاليم والمحافظات وحكومات الاقاليم بعضها البعض الأخر والاقاليم والمحافظات وكل ما يتعلق بتطبيق الدستور او القوانين الاتحادية . 
وتقديرا لمكانة حقوق الانسان ، استحدث الدستور المفوضية العليا لحقوق الانسان لمراقبة احكامها ، كذلك مؤسسة الشهداء والمتضررين من جرائم النظام السابق . 
ولغرض تنظيم ( عمل الوظيفة العامة ) فقد تم استحداث مجلس الخدمة العامة لغرض اعادة تنظيم وتطبيق المؤهلات والمعايير المطلوب توفرها لمن يرغب العمل في سلك الوظيفة العامة ، فقد تخبطت المقاييس وجرى تجاوز كبير في هذا الحقل. طيلة الفترة من 13 / 7 / 2003 حتى الوقت الراهن وسوف تستمر الى ان يعمل مجلس الخدمة الاتحادي . 

الفدرالية : 
لأن الدستور اقر النظام الاتحادي وهو المرادف لـ ( الفدرالية ) ، بالرغم من اعتراضنا على المصطلح وتسميته الفدرالية فقط دون ذكر الفدرالية وان مدلول الفدراليةاوسع انتشار في العلوم الدستورية او القانونية والادارية والسياسية في مصطلح الاتحادية  ، لما تعني كلمة الاتحاد من اندماج اكثر من دولة ، والعراق دولة بسيطة واحدة تفوض صلاحياتها ( سلطانها ) الى الاقاليم والمحافظات  فقد اقر الدستور وحدات ادارية على شكل اقاليم ، واجاز لمحافظة واحدة ان تكون اقليما باحدى الطريقتين : 
1 ـ طلب من ثلث اعضاء مجلس المحافظة . 
2 ـ طلب عشر من القاطنين في المحافظة 1 / 10 السكان القاطنين في المحافظة  . 
كما سمح للاقليم الاندماج باقليم اخر ، وقد منحت الاقاليم صلاحيات واسعة جدا ، كما تم ابراز دور رئيس الاقليم على حساب رئيس الوزراء ، من خلال الصلاحيات العديدة المسطرة الى رئيس الاقليم دون ذكر للصلاحيات التي يتمتع بها رئيس وزراء الاقليم وهذا خلاف لنهج الدستور الذي اسس على التركيز على النظام البرلماني ( النيابي ) ودور الكتلة البرلمانية الأكثر عددا ، والدور لرئيس الوزراء اكثر من دور رئيس الجمهورية ( رمز الدولة ) . 
والتالي فالسلطات التي يتمتع  رتب الاقليم يجب تقيدها ومهجا الى رئيس وزراء الاقليم انسجاما مع وحدة التشريع الدستوري . 
مراحل انجاز الدستور 
لأول مرة في تأريخ العراق:
1ـ تكتب الدستور من قبل لجنة منتخبة جمعية وطنية منتخبة
2 ـ ثم يعرض الدستور للتصويت عليه دفعة واحدة في مثل الجمعية الوطنية.
3 ـ يتم الاستفتاء عليه  من قبل الشعب . 
4 ـ لايعتبرنا نافذا الا ننشره في الوقائع العراقية وتشكيل حكومة بموجبه .

الفصل الثاني 
التحديات 
السلبيات التي رافقت عمل اعداد مسودة الدستور 
1 ـ لم يحصل التوافق لصياغة مواد المشروع ، كما اتفق عليه في بداية جلسات اللجنة الدستورية ، وساد الاستحقاق الانتخابي بين كتلتي قائمة الائتلاف والتحالف الكردستاني ، وهذا انسحب الى اللجان وفلسفة مشروع الدستور بكثير من المواد ، ان لم يكن مجمل الاحكام التي وردت في الدستور . 
2 ـ تغييب كامل لدور اللجنة الدستورية ( المكلفة قانونا باعداد مسودة الدستور ) وهذا ما ظهر واضحا في الحفل البائس لتسليم المشروع الى رئيس  الجمعية الوطنية ، فلا احد يعرف من هي الجهة التي سلمت المشروع الى رئيس الجمعية الوطنية . 
3 ـ بروز واضح لدور السلطة التنفيذية الحالية في اعداد المشروع ، وهو يتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات . 
4 ـ تأخير وتجاوز على المدة المقررة من قبل القيادات السياسية العليا ، وهي غير مختصة قانون بالتدخل بالمشروع بغياب اللجنة الدستورية ، حيث يفرض كل ما يرد عن هذه القيادات في اللجنة ، وقد سميت ثمرته ( المطبخ ) . 
5 ـ بقاء العديد من النقاط المختلف عليها ، وكان يفترض ان يجرى النقاش المستمر لمسودة المشروع تواصلا مع القيادات السياسية وابناء الشعب لاحكام مواد المشروع والاستفادة من رأي ابناء الشعب ، اذا مايزال المشروع مسودة ، والمسودة قابلة لـ ( الاضافة ، التعديل ، التبديل ) حتى تأريخ الاستفتاء 15 / 10 / 2005 ، وهذه صلاحية اللجنة الدستورية . 
6 ـ لم يتم تحديد سقف لعدد المحافظات التي تشكل الاقليم ( بالتوافق بين الكتلتين ) . وهي بالتالي مطلقة والمطلق يجري على اخلاقه . 
7 ـ لم يتم تحديد العديد من صلاحيات الحكومة الاتحادية حيث خولت الى الاقاليم او مشتركا معها ، على سبيل المثال لا الحصر ( الجمارك ، الثروة النفطية والغاز ، التربية ، والتعليم ، الموارد المائية ، سياسة ، الاتصالات ، وسائل النقل البرية والبحرية ، الجوية ، النهرية ، القوات المسلحة ، الشرطة والأمن ، حرس حدود الاقليم ) وهذا مخالف تماما لسيادة الدولة والحكومة الاتحادية . 
8 ـ في حالة الاختلاف بين القانون الاتحادية وقوانين الاقاليم يعرض القانون الاتحادي على برلمان الاقليم ليقرر تطبيقه من عدمه ( مخالف لعلوية الدستور ) . 
9 ـ في الساعة 12 من ظهر يوم 22 / 8 / 2005 توافقت الكتلتان وطبع الدستور في غياب ( الكتلة العراقية ، العرب السنة ، والقوى الوطنية الاخرى ) ،وقدمت بغياب اللجنة الدستورية ؟!
10 ـ عدم وضوح ادارة اللجنة الدستورية ، ولم يظهر دور لنواب رئيس اللجنة الدستورية ( من الكتلة الكردية والقائمة العراقية ) ، ان هذا كان وراء عمل غير منظم في اللجنة الدستورية . 
11 ـ الملاحظ ان اغلب اعضاء اللجنة الدستورية من غير القانونيين او اساتذة القانون الدستوري ،وغلب على اعضائها صفة العلوم الدينية ، التكنولوجية ، الانسانية ، الا عدد قليل جدا من هذه الاختصاصات وكان دورهم محدودا في صياغة هذه الويثقة بحكم الائتلاف الحاصل بين الكتلتين الاكبر في الجمعية ( الائتلاف  والكردية ) . 
ان وثيقة الدستور بالوقت والشكل الذي اريد لها كان يفرض حشد هائل من القانونية وتحديدا ـ العلوم الدستورية . ومشاركة فاعلة لمؤسس كالمجتمع المدني ونقابة المحامين وجمعية  الحقوقيين العراقيين بالتشاور مع اصحاب العلوم الاخرى فيما يتعلق بمصالحة الثروات والخدمات ـ ( النفط والغاز والكهرباء الصناعة ، القطاع الخاص ، نقابات العمال وغير هام وهذا لم يحصل للأسف .


الفصل الثالث 
النقاط الاساسية المختلف عليها واسباب الاختلاف 
تشكل الديباجة والباب الاول والباب الرابع النقاط الاساسية المختلف عليها بين اعضاء اللجنة الدستورية الخمسة والخمسون ، المنتخبون من قبل الجمعية الوطنية وبانضمام ستة عشر عضوا من ( المغيبين والمتغيبين ) وممثل الصائبة المندائيين ، ازدادت نقاط الخلاف بين الاعضاء ، فالديباجة شكلت نقطة خلاف حادة بالنظر لما احتوت من مادة انشائية بعيدة عن المعايير الدستورية ، بالرغم من احتوائها على بعض هذه المعايير ، والسبب صياغتها صياغة دينية صرفة ،واخذت جانب الصياغة الدينية المذهبية تحديدا . 
اما ما يتعلق بالمبادئ الاساسية ، فقد شكلت النقاط الآتية نقاط خلاف ماتزال قائمة في وثيقة الدستور ، وهي : ـ 

اولا ـ هوية الدولة العراقية : 
حيث جاء في المادة الثالثة من الدستور ( العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب وهو جزء من العالم الاسلامي وعضو مؤسس وفعال في جامعة الدول العربية وملتزم بميثاقها ) ، ان العراق فعلا عضو مؤسس وفعال في جامعة الدول العربية الأساسية التي صادقت على ميثاق جامعة الدول العربية في 23 / آذار / 1945 ، وبالتالي فعلى العراق ان يراعي احكام هذا الميثاق وان يتلائم دستوره مع هذا الميثاق الذي نصت المادة (1) منه على ما يلي : ـ 
( تتألف جامعة الدولة العربية من الدول العربية المستقلة الموقعة على هذا الميثاق ) ، ان هذا النص يؤكد  على عروبة  الدولة لا الشعب، وبالتالي فالعراق دولة عربية وانها جزء من الأمة العربية ، وبالتالي يجب ان ينسجم الدستور مع هذا الميثاق ،ولهذا فان تثبيت هذه المسألة في الدستور لاينقص من حقوق القوميات والاقليات الاخرى ما دامت النصوص الاخرى في الدستور تكفل هذه الحماية لها ،والمقترح ( ان العراق دولة عربية وهي جزء لايتجزأ من العالمين العربي والاسلامي ) مع الاحتفاظ للقوميات والاقليات الاخرى بكامل حقوقها التأريخية والثقافية والاجتماعية والدينية. 
اما ذكر عضو مؤسس في الجامعة العربية فقط فهذا تحصيل حاصل لاحكام الميثاق ، وان هذه العبارة ذكرت ام لم تذكر لاتغير من هذه المسألة شيئا ، وان العراق ايضا عضو مؤسس في منظمة المؤتمر الاسلامي وهيئة الامم المتحدة والعديد من المنظمات الدولية ، فلماذا نذكر فقط جامعة الدول العربية؟