السيسي وسعدون الدليمي !

 

الفرقُ بين وزير الدفاع المصري " عبد الفتاح السيسي " ، ووزير الدفاع العراقي " سعدون الدليمي " ... كالفرق بين مصر والعراق ، أو بين الجيش المصري والجيش العراقي . وهو كالبون الشاسع ، بين ميدان التحرير في القاهرة ، وساحة التحرير في بغداد .
الجيش المصري ، مؤسسة عريقة ذات تقاليد مُحترمة .. ومثالٌ واحد كافٍ لتبيان مهنيته وشرفه .. فأبان ثورة الشعب ولاسيما الفقراء والمُهّمَشين في 1977 ، تلك الثورة التي هّزتْ السلطة هّزاً .. أمرَ رئيس الجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة أنور السادات ، الجيشَ بالنزول الى الشارع وضرب المتظاهرين .. فرفض الجيش رفضاً قاطعاً ! . وخلال ثورة يناير 2011 ، إصطف الجيش مع الثوار ، حتى تمكنوا من الإطاحةِ بالدكتاتور الفاسد حسني مُبارَك .. واليوم .. لّبى الجيش المصري ، نداء الشعب فوراً .. وتّدخلَ لمؤازرة الجماهير الثائرة .. فخلعوا رئيس الفاشية الدينية الإسلامية ، محمد مرسي وجماعته . وحتى عندما خُلِعَ الملك فاروق في 1952 ، فأن التغيير كان في العموم سلمياً ، وخرج الملك وعائلته من مصر بصورةٍ لائقة .
بينما .. عندنا في العراق .. فأن تأريخ الجيش العراقي ، حافلٌ بالمجازر التي إقترفها ، بحق الشعب في العديد من المراحل .. وتورطهِ أي الجيش في الخضوع الى أوامر الحُكام الطُغاة وتحّوله الى أداة بيدهم ، من أجل إبادة الجماهير الثائرة والمنتفضة ولا سيما في عهد صدام . بل ان إنخراط الجيش في السياسة ولُعبة الإنقلابات العسكرية ، بدأتْ مُنذ منتصف الثلاثينيات وإستمرتْ لغاية 1968 .. ناهيك عن الوحشية المفرطة في قمع إنتفاضة 1991 الجبارة .. وعمليات الإبادة بحق الكُرد قبل ذلك . ولأن الجيش العراقي ، لم يُبنى أصلاً ، على اُسُسٍ مهنية رصينة ولم يُعامَل كمؤسسة مُحترمة مِنْ قِبَل الطاغية صدام ونظامه الفاشي ، فأنه إنهزمَ شّر هزيمة في جميع حروبه ، وآخرها في 2003 ، حيث تبَخَر حتى قبل الإحتلال !.
....................................
الفرق بيننا ، نحنُ الذين نعتبرُ أنفُسنا ، مُثقفين وأدباء وفنانين وإعلاميين ، في العراق .. وبين نُضرائنا في مصر .. أنهم هُناك ، لم يرتضوا الإستكانة الى " إخوَنة " وزارة الثقافة والإعلام .. لم يرضخوا لضغوطات السلطة وتهديداتها ، لم يقبلوا بالحَد من حرياتهم .. فإعتصموا في وزارة الثقافة ليل نهار ، وكان المثقفون والفنانون يحجون الى مكان الإعتصام يومياً ومنذ أكثر من شهر ، لمؤازرة زملائهم ، ولم يعترفوا أصلاً بتوزير ، شخصٍ لا علاقة له بالثقافة .. وكان إعتصامهم الشجاع ، الشرارة التي قادتْ الى ثورة 30 حزيران .
بينما الطبقة المثقفة في العراق .. متشرذمة ، مُفككة ، غارقة في الأفعال ( الفردية ) والمواقف المعترضة ( الفردية ) .. التي لاتنتج تغييراً ولا تُوّلِد ثورة !. والدليل بأن وزير الدفاع وكالة هو نفسه وزير الثقافة ! .
.............................
الفرق بين " القضاء " المصري ، وقضائنا هنا .. كالفرق بين الثرى والثُريا . فحتى في عهد حسني مبارك ، إحتفظ القضاء المصري بإستقلاليتهِ قدر الإمكان ، وقاومَ ببسالة كُل الضغوط من اجل كسبه لجانب السُلطة .. وطالما أصدرَ أحكاماً لصالح المعارضة . وحتى محمد مرسي والحاكم الفعلي خلال السنة الماضية ، أي مُرشد الإخوان المسلمين .. ورغم كُل محاولاتهم الخبيثة ، لِشق صف القُضاة .. فأنهم فشلوا في ذلك .. وكان وقوف القُضاة الشرفاء الشجعان ، صفاً واحداً .. ضد إنتهاك إستقلاليتهم ، من الاسباب الرئيسية لنجاح ثورة 30 حزيران وخلع الإخوان ورئيسهم محمد مرسي . 
بينما .. القضاء عندنا في العراق ، مُسّيَس ، وخاضع لسُلطة وأهواء السياسي الحاكم .
....................
الفرق بيننا .. ان شبابهم يمتلك روح المُثابرة ، والمواصلة ، والتحمُل ، والقدرة على التأثير على الجماهير ، وان إعلامهم المُستقل الحَي ، يقف الى جانب الشباب الثائر ، ويُروِج لهم .. وان هنالك دوماً ، الكثير من المتطوعين الذين يمتلكون الخبرة ، يُوجهون الشباب المتحمس .. وان هنالك الكثير من المستعدين للعمل الطوعي وراء الكواليس .
بينما نحن هنا .. متناثرون ، مُستعجلون حتى في إعتراضنا وفعالياتنا ، منفعلون ، نخطأ بسهولة ، لانستفيد من تجاربنا ولا من تجارب الآخرين ، نستسلم سريعا ، نيأس ونُحبَط .. نعتمد على ( الآخرين ) في كُل شئ .
.........................
ان كُل هذا [ ليسَ جَلداً للذات ] ... إنما إعترافٌ بواقعٍ مرير !