هنالك قاعدة تقول كل ما بني على باطل فهو باطل .. ولعل وصول الرئيس محمد مرسي إلى حكم مصر قد تم استنادا لهذه القاعدة . فهو من سرق الاستحقاق الانتخابي من احمد شفيق ، وهو من استخدم بلطجية الإخوان للوصول إلى سدة الحكم بالهراوات والسكاكين متناسيا إن هذه الهراوات ممكن أن ترفع يوما ضده وهو ما حصل فعلاً. لقد كانت فترة حكم مرسي لمصر من أسوء فترات الحكم التي مرت بها مصر بالعصر الحديث لكونها فترة قصيرة ولكن مفاسدها ومظالمها فاقت سنوات حكم من سبقوه مثل حسني مبارك ، ولأنها بنيت على عقيدة فاسدة منبوذة لا تعرف غير التشدد والظلامية والرجوع إلى عصر الجاهلية كان امرا طبيعيا أن لا يقف شعب الكنانة مكتوف الأيدي أمام عصابة ارتدت وشاح الإسلام زوراً وبهتانا لتعبث بمقدرات ومصير هذا الشعب . ومن خلال تتبعنا لسياسة مرسي ونمطية وطبيعة الاستيراتيجية التي اعتمدها في إدارة حكمة وجدنا إن هذا الرئيس قد أفصح على عدم قدرته التخلص من عقيدة منبوذة تبناها وتمسك بها وهي عقيدة الأخوان والتي أصبحت عقدة وليست عقيدة. وكان على مرسي أن يكتشف منذ الأيام الأولى لحكمه إن أفكار وعقلية الإخوان لا تتلائم في كل الأحوال مع طبيعة شخصية المواطن المصري والعربي وهذا ما لم يفهمه أو يدركه مرسي مبكرا . كما إن مرسي لم يتمكن من التخلص من نظرية التشدد الاخواني والابتعاد عن مناصرة الإرهاب الذي يسود الوطن العربي باسم الدين والإسلام متخذا عددا من القرارات التي كانت مستعجلة وتحمل نفسا طائفيا مقيتا وخصوصا قرار قطع علاقة مصر مع سوريا و كان عليه أن يبتعد في أحاديثه عن الشرعية لأنه أول من خرقها . ومنذ تولي مرسي للسلطة راهن البعض على نجاح الرجل في إشاعة النظرية والمنهجية الاخواني في مصر كخطوة أولى لتمتد بعدها إلى الدول العربية مثل دول الخليج وسوريا والعراق ولكن هذا الرهان بني على باطل أيضا فكان خاسراً. ثم إن الرئيس المخلوع مرسي لم يأتي كحاكم للشعب المصري بروح ونفحة الحضارة المصرية ، بل جاء بروح بربرية وعنجهية وتخلف الاخوانية وكان أمر طبيعياً أن يحدث تضاد وتصادم مابين الروحين تكون نتيجته الطبيعية إسقاط مرسي . وبدل أن ينشغل مرسي بتصحيح وإزالة تراكمات التركة الثقيلة التي ورثها من نظيره السابق مبارك وجدناه يعمد إلى زيادة تلك التراكمات ويضيف إليها ما لا يمكن إزالته بسهولة محملا الشعب المصري أعباءاً لو استمر بها مرسي لقلنا كان هنالك شعبا اسمه مصري . ووقتها كنا نعول على أمرين لإحداث التغيير القادم في مصر، الأول : إرادة الشعب المصري وتاريخه وحضارته والثاني : الجيش المصري وعقيدته وقوته في فرض الإرادة الشعبية على الحاكم كما فعلها مع حسني مبارك وهو ما حدث فعلا . فالشعب المصري لم يتوافق مع نظرية الإخوان المتشددة التي ما أن وطأة أقدامهم القصر الرئاسي حتى عاثوا فساداً في كل المحرمات المصرية فانهالوا على الفن والفنانين بالسباب والقذف والاعتقالات وجرموا كل ما له علاقة بالثقافة والفن مادامت لم تخرج من رحم الاخوانية . ونسي هؤلاء إن موارد مصر الأساسية تكمن في السياحة والفن فقاموا بخراب هذين المرفقين المهمين والحيويين وعندها انقلب السحر على الساحر . كما أهملوا امرا مهما وخطيرا من حساباتهم وهو إن الجيش المصري كان دائما وفي كل الأحداث بيضة ألقبان التي ترجج كفة الميزان وهو ما يعني بان العسكر هم أصحاب السلطة العليا في مصر وليس الحكام . و اغفل الإخوان المسلمين ورئيسهم مرسي وبغباء و سذاجة واضحتين جانبا وركنا مهما من المعادلة السياسية في مصر يتمثل بقوة جناح المعارضة الذي يقودها ألبرادعي وعمرو موسى وتأثيرهما الواضح في قيادة الجماهير المليونية لإحداث أي تغيير تتطلبه المرحلة في مصر . وهنا فقد الحكم الاخواني في مصر أهم عناصر بقائه وقوته بعد أن جردته المعارضة والجيش من أهم سلاح كان يعول عليه وهو الإرهاب أو البلطجة الاخوانية فتصدوا لقرارات مرسي الشيطانية الهادفة لبسط نفوذ الاخوانية على أهم مراكز القرارات في مصر والغوا تلك القرارات وأعادوها إلى نصابها السابق مثل تغيير رئيس محكمة التمييز والاتحادية وبعض قادة الجيش والأجهزة الأمنية وهو ما رفضه قادة الجيش وتكفلوا بالسيطرة على تلك الأجهزة الحساسة محذرين من العبث بها وهو ما جعل مرسي يؤجل الصدام مع هؤلاء القادة لكنه لم يتراجع أو يتعض وعاود الكرة فكانت نهايته هذه المرة إن الأحداث التي شهدتها مصر وأطاحت بالإخوان يعد نصرا عربيا كبيرا لأنه أوصل رسالة للعالم وللجهات الإرهابية مفادها إن المواطن العربي أصبح من الوعي لدرجة يصعب على تلك الجهات التغرير والتضليل به كونه حصد من هذه الجهات ما يكفي من الإرهاب والقتل والتخلف . ولعل سقوط مرسي سيكون حجر الأساس لسقوط كافة الحكومات المتشددة التي أتت بعد الربيع العربي وخاصة في تونس وليبيا واعتقد إن شعبي البلدين سيقتدون بشعب مصر للإطاحة بسلفيي حكوماتهم بعد أن أوصلوا تلك الشعوب إلى الحضيض. كما إن سقوط مرسي بهذه الطريقة المهينة سيفتح الباب على مصراعيه لكتابة نهاية سيناريو الجماعات المتشددة والإرهابية خاصة مع سقوط كل الأقنعة التي كانت تتبرقع بها تلك الجماعات وانكشاف منهجياتها المتخلفة وأخلاقياتها الشاذة بعد تجاربها الفاشلة والعقيمة في إدارة الحكم ببعض البلدان العربية لقد كان مرسي مجرما وطائفيا وغير متوازناً داخليا من خلال عدم حياديته في التعامل مع طوائف الشعب المصري ولعل حادثة الشهيد حسن شحاتة التي جرت بمباركة من مرسي خير دليل على ذلك . إن سقوط الإخوان من قارورة مرسي وامثالة في ساحات وميادين مصر ومحاكمتهم في وقت لاحق يؤشر قيمة ونوعية الوعي الذي وصل إليه المواطن العربي وهو ما يدعو بعض الحكام لإعادة النظر بطريقة تعاملهم مع شعوبهم لان حقوق الشعب واجب مقدس وتجاوزها من قبل بعض الحكام يعني مصير من سبقوهم لان الحكام تذهب والشعوب تبقى .
|