متى يتوقف النزيف؟ |
تتصاعد الخروقات الأمنية كل يوم بتحدي واضح للأجهزة الأمنية ولسلطة البلاد، التي ثبت عجزها عن تعزيز الأمن.فلم تنجُ محافظة ولا مدينة من أعمال القتل والتدمير بشكل منظم وممنهج. والشعب لا حول له ولا قوة. فهو بين فكي رحى الدمار، طرف فيه لا يفهم غير لغة القتل وطرف آخر وهو السلطة ومن يشاركها في الحكم، وهيَّ كل الكتل دون إستثناء التي ترفض لغة المنطق والبدء بالأصلاح والتفاهم مع الآخرين بشكل حضاري أسوة بكل دول العالم، وشعوبها التي تغيرت فيها الأنظمة. فكان الحل هو في التوافق ونسيان الماضي وتحكيم القانون عوض العناد والغطرسة ولغة الثأر المدمرة. البلاد تخلو من وزير دفاع مسؤول ووزير داخلية ووزير للأمن وكذلك القوات المسلحة قياداتها غير كفوءة وإختيارها تمَّ وفق أفق عنصري أو طائفي أو كتلوي .ولم يحصد شعب العراق غير الخراب والدمار وسوء الخدمات وتفشٍ في الفساد. في مقابلة تلفزيونية مع قناة البغدادية كما أعتقد صرح النائب السيد جعفر الموسوي عضو لجنة النزاهة في مجلس النواب إن الفساد المالي في العراق أكبر من هيئة النزاهة، وأكبر من الحكومة ومن مجلس النواب. ولم يعُد بالأمكان السيطرة عليه، كما صرح تصريحا خطيرا آخر إن ثلاثون ألف موظفا في الدولة شهاداتهم مزورة ــ وهولاء بالتأكيد ليسوا كتاب صادرة وواردة ولا كتاب طابعة وليسوا موظفين صغار ــ وأكمل السيد الموسوي تصريحه بان ألفين من هؤلاء يحتل بعضهم منصب وزير أو نائب في البرلمان أو مدير عام.وهذا ما يعرفه السيد الموسوي أما الذي لا يعرفه فالله اعلم به. و لم يبقّ أحد من الساسة أو المسؤولين إلا وإشتكى من الآفة الخطيرة التي إستهلكت وإستنزفت مال الشعب وحرمته منه,إلا نفر قليل من المسؤولين ظلّ صامتا صمت إبي الهول لا ينطق رغم إنه مسؤولا و يجب أن يقود مهمة القضاء على هذه الظاهرة, التي حرمت الملايين من العاطلين واليتامى والأرامل من الحياة الكريمة . ولم تقم هذه الفئة الصامته بأي إجراء حقيقي جاد تجاه هذا الخطر الداهم المستشري. ولم نسمع متابعة جادة ولا حزم ولا صرامة. وما تفسير ذلك إلا إنه غطاء وحماية لهؤلاء. كما أشار السيد جابر الجابر وكيل وزارة الثقافة السابق في مقابلة تلفزيزنية الى تدخل أحد أبناء المسؤولين الكبار ــ وسماه بالأسم ــ في شؤون الدولة والمفاصل الهامة فيها، كما كان يجري إبان النظام السابق عندما كان إبن رئيس النظام يصول ويجول ويتصرف بالمال العام دون رادع. كما نقلت الأخبار عن إن إبن السيد البارزاني فقد مليوني يورو في دبي وبعدها فقد ما قيمته مليوني يورو في أحد الدول الأوربية. وخلاصة القول إن الفساد ونهب وسلب المال العام وإهداره أصبح شيئا معتادا غير مُستهجن من أولي الأمر, ولا يستغرب الشعب من أن سارقا نهب ماشاء له أن ينهب، ثم غادر القطر ساخرا من كل من يطالب بالقصاص منه. لأنه يحمل جنسية بلد آخر.والصمت يزداد صمتا والأزدراء بالشعب يتعاظم.وزراء ومسؤولين يهربون أو يعلن عن إختفائهم في بلدان تعتبر حليفة للعراق. فأي مهزلة هذه وأي ظلم يلحق بشعبنا الصابر أكبر وأي ظلم أشد؟ سمعنا وإطّلعنا على تقرير السفرة الأمرلايكية في العراق عن حجم الأموال التي سرقتها الكتل السياسية وزعمائها من مال الشعب وبأرقام مذهلة. ولم نسمع تعليقا من الحكومة أوزعماء هذه الكتل ومن شملهم التقرير. عادت الى الواجهة أخبار إعادة فتح التحقيق في شان إستيراد أجهزة الكشف عن النتفجرات لظهور أدلة جديدة. والسؤال المذهل ألم تكتفي الدولة والسلطة بإتهام الحكومة البريطانية للشركة والأشخاص الذين صدّروا هذه الأجهزة وإتهمتهم بالأحتيال فلماذا تأخرت حكومتنا كل هذه السنين عن المحاسبة فزهقت الأرواح البريئة جراء ذلك.. وقبل أيام أعلن عن قيام سبعة من النواب يستلمون بدل سكن مع إنهم يسكنون في مبان حكومية. وصرح مسؤول في مجلس النواب إنه إن صح ذلك فسيُطالب هؤلاء النواب بإعادة المبالغ للدولة. والسؤال هل كان هؤلاء سيعون المبالغ هذه إن لم يتم الكشف عن هذه السرقة؟ وهل لها إسم آخر غير السرقة؟ ولماذا لم يُحال هؤلاء بتهمة السرقة للقضاء؟ أليس هذا هو العدل؟ فكيف يرتدع الموظف البسيط عن السرقة إن رأى النواب يسرقون بلا عقوبة ولا مسائلة؟كان الأحرى برئاسة مجلس النواب إحالة هؤلاء للقضاء إن صح الأتهام وتجريمهم وفضحهم ليكونوا عبرة لمن لا يعتبر,ولكنه الفساد والمحاصصة وشيلني وشيلك والمجاملة خشية الحساب إن حلّ يوم الحساب الدنيوي. وآخرها فضيحة الأسلحة الروسية التي يجهل الشعب ومن هم المورطون فيها. لم تبق كتلة من الكتل ولا حزب من الأحزاب المشاركة في الغنيمة إلا إتهم الحزب الآخر والكتلة الأخرى بالفساد والكل سواء وقد طال الأتهام الجميع .والصمت يتضاعف وكأن شيئا لم يكن. ومما تقدم وبعد أن بلغ السيل الزبى وإعتراف الجميع بصعوبة الحل. فهل يجوز أن يبقّ الحال على ما هو عليه؟ أم يجب أن يكون هناك حل؟ وحل صارم يوقف نزيف المال العام والعبث بممتلكات الأمة. من أين يا ترى يأتي المال الذي تشرأب له أعناق السراق المارقين؟ أليس هو النفط الذي إما أن يسرق نفطا وبإعتراف المسؤولين، أو تسرق عائداته؟إذن فلنوقف أستخراج النفط لمدة سنة ونحتفط بهذه الثروة للأجيال القادمة. وليقتصر الأستخراج فقط لسد الحاجة والرواتب وتكملة المشاريع التي بوشر بها فقط.وإجراء مسح لكل المشاريع هذه والتأكد من سلامة إجراءات مناقصاتها وصرف الأموال عليها والتحقق من سلامتها ووجودها على واقع الحال. كما يجب إجراء مسح لكل وظائف الدولة خلال هذه السنة والتأكد من وجود هذا العدد الهائل من الموظفين ومدى صلاحية الموظف والتحقق من شهادته ومصدرها. وإيقاف التعيينات حاليا لأنها مشوبة بالفساد وقد لعبت الواسطة والأنتماء الحزبي لعبتها وحُرم المواطن العادي من الوظيفة وكانت حكرا فقط على المحسوبين والمنسوبين والمنتفعين وإلغاء طريقة القرعة في التعيين . فهذه حيلة من حيل هذه الكتل لتسحوذ على هذه الوظائف ومنحها للأقارب والمنتمين. كما نطالب بإجراء مسح ميداني ومهني للقوات الأمنية والعسكرية والتأكد من الحاجة لهذه الأعداد وصلاحية المنتسبين ولياقتهم البدنية وإستقلاليتهم عن كل إنتماء حزبي. والتواجد الفعلي لهذه العناصر. وترشيق هذه القوات بما يتلائم مع المصلحة العامة . فهل ياترى تستطيع الحكومة الحالية وهذه الكتل تحقيق هذا؟ طبعا لا، وهل يستطيع مجلس النواب بواقعه الحالي هذا؟ بالتأكيد لا وألف لا، لذا نطالب بتعديل قانون الأنتخابات وجعل العراق منطقة إنتخابية واحدة لتجاوز الطائفية والعرقية وجعل الترشيح فرديا لا على شكل قوائم، وإجراء إنتخابات مبكرة وتأجيل النظر بشأن الأراضي والمناطق المتنازع عليها وتسميتها المناطق المشتركة أو المختلطة، وحل مجلس النواب وتكليف حكومة تكنوقراط غير حزبية ومستقلة من الشخصيات الوطنية المشهود لها بالأبتعاد عن الطائفية والعرقية للإشراف على الأنتخابات وبإشراف مفوضية إنتخابات مستقلة تصادق الأمم المتحدة على إستقلاليتها .وبهذا نحفظ للعراقيين حقوقهم ويتشكل مجلس نواب جديد قادر مقتدر. لا بد من إيقاف نزيف المال والدم وتدبر المر قبل فوات الأوان. |