كارثية الوضع الصحي في العراق، جريمة إبادة جماعية لشعب مستهدف

 

من خلال الحقائق المثبتة التالية التي تشير الى مخطط خطير واضح يستهدف تحطيم البنية التحتية للقطاع والنظام الصحي في العراق وما ينتج عنه من تهديد واضح لشعب كامل والتي يمكن ايجازها بما يلي :
1. استمرار عمليات القتل المباشر من خلال التفجيرات والمواجهات العسكرية والمداهمات والاعتقالات والأحكام القضائية وعقوبات الاعدام ومجازر الزركه والحويجة والفلوجه والنجف وتلعفر وطوزخرماتو والزنجيلي وحديثه وديالى والتخفي على الأرقام الحقيقة لمجمل الخسائر البشرية الناتجة عن هذه العمليات والانفجارات .
2.الاستمرار بمخطط تهجير الكفاءات الطبية والكوادر الصحية واستهدافها جسديا وابتزازها معنويا وماديا لإقصائها ونزوحها .
3. التستر على علاقة الزيادة الهائلة بحالات الأورام والتشوهات والإسقاطات والعقم  ذات العلاقة بقضية استخدام اسلحة الدمار المحذورة والمعادن الثقيلة والتلوث البيئي والمثبتة بدراسات عراقية وعالمية .
4. التستر على الفساد المالي والإداري في وزارة الصحة  والاعتماد على كوادر غير نزيهة وغير مهنية وفق معايير الانتماء الطائفي والمحاصصة وسلوك سياسة الإقصاء والتهميش .
5. قلة التخصيص المالي في موازنات الدولة لشؤون الصحة والتعليم والتي لا تتجاوز 2-3 % من مجمل الموازنة .
6. اهمال خدمات الرعاية الصحية الاولية والوقائية والمراكز الصحية بظمنها مراكز الأمومة والطفولة وبرامج التلقيحات كأسبقية.  
7. تحطيم البنية التحتية للخدمات ذات العلاقة بصحة الإنسان كتوفير المياه الصالحة وغياب الصرف الصحي والتخلص من النفايات ونقص تجهيز الكهرباء وخدمات البنية التحتية .
8. السياسة الدوائية الفاشلة وفقدان الرقابة والتفتيش على الدواء والغذاء وتدهور الصناعة الدوائية .
9. سياسة الاقصاء والتهميش وعدم التوازن والتمييز الطائفي والعنصري التي تتبناها السلطة.
10. تفشى البطالة والأمية والجهل والفقر والترمل واليتم والادمان واستخدام المخدرات وانتشار الأمراض النفسية وحالات الانتحار وعمالة الأطفال وتفشي جرائم الاتجار بهم وبالمرأة وارتفاع الإصابات  بالأمراض الانتقالية والغير انتقالية .
11. النزوح والهجرة الجماعية داخل وخارج العراق وما يرفقها من مشاكل السكن والاقامة والعمل والعوز.
نص الحديث
بدايةَ أود ان أشكر الأخوة الذين فكروا واعدوا وانجزوا مهمة عقد هذا المؤتمر الذي طال انتظاره وأملي ان يؤسس الى صيغة عمل مثمر مستمر ودؤوب لصالح شعبنا المنكوب وعراقنا الحبيب فبارك الله فيهم و وفقهم في سعيهم ، ولابد لي من هذا المنبر من أن  أحيي  شعبنا بشبابه وشيوخه وهم في ساحات الاعتصام ساحات العز والكرامة وهم يصنعون معجزة الاعتصام وادعوهم  للتمسك به حتى يكتب الله لهم النصر الذي وعدهم به وان يوحدوا قيادتهم وشعاراتهم و مطالبهم بعيدا عن التخندق السياسي الضيق والخطاب الطائفي المقيت ، كما أحييي من هنا الاخوة الذين يدافعون عن حقوق الانسان العراقي في الميادين والمحافل الدولية في جنيف ولندن  الدولية وأخص منهم الاستاذ ناجي حرج والدكتور طارق علي الصالح والدكتور محمد الشيخلي واخوة آخرين وادعوهم للمزيد من توحيد الجهد والتوافق من أجل القضية العراقية وشعبنا المنكوب .
   وانا بصدد الحديث عن الوضع الصحي في العراق بعد الاحتلال لابد لي من الإشارة الى ثلاث حقائق:
الحقيقة الأولى : المنظمات الدولية وهيئاتها الصحية المعنية برعاية الانسان صحيا وطبيا وتقييم الواقع الطبي للدول والتي تستند الى معلومات إحصائية وتخطيطية منشورة ومعلنة عن العراق منذ تأسيس الدولة العراقية ولغاية بدء مسلسل الاعتداءات والحروب عليه تشير الى إنجازات طبيه وصحية وتقدم كبير في منظومة الواقع الصحي والطبي جعلت من العراق دولة يحضى شعبها برعاية صحية وقائية وكفاءات طبية عالية وحسب بانه من افضل دول المنطقة في قطاع الخدمات عام  1989وهذه الاشادة جاءت متكررة وموثقة من اطراف دولية ومنظمات عالمية منشورة قبل فترة وجيزة من فرض الحصار الجائر على العراق ومن ثم احتلاله، بضمنها منظمة اليونسكو ومنظمة الصحة الدولية.
الحقيقة الثانية : بدأ نكوص الوضع الصحي في العراق تزامنا مع مخطط استمرار الحرب العراقية الإيرانية ومن ثم اشتعال حرب الخليج الثانية في مشكلة الكويت وكان اوج الانحدار بمؤشرات خطيرة قد بدأ بعد إقرار الحصار الظالم على العراق عام 1990 وقد فقد العراق بإحصائيات موثقة ومعلنة أكثر من مليون ونصف شخص بين وفيات طالت الاطفال  حديثى الولادة و دون الخامسة في العمر وسوء التغذية ومضاعفات الأمراض الإنتقالية والغير إنتقالية وسوء التغذية ومضاعفاتها بين البالغين وكبار السن والتي اتسعت مضاعفاتها القاتلة بسبب نقص الدواء والغذاء والاجهزة والكوادر وتفشى الترمل واليتم وأسباب عديدة اثقلت بكاهل القطاع الصحي بسبب حصار غاشم وطويل ، ولم تكن وزارة الصحة ومؤسساتها حينها تخفي حجم الكارثة الصحية او تخفيها عن المنظمات الدولية الطبية والإنسانية بل وثقت نسب هذه الوفيات والوبائيات بأرقام معلنة ونداءات متكررة حتى تصاعدت نداءات دولية وصيحات جماهيرية في معظم دول العالم تندد بالحصار وتطالب برفعه ولم تفلح واستمر الحصار حتى بعد دخول قوات الغزو عام 2003 ولا ينكر إن اتفاقية النفط مقابل الغذاء والدواء قد اسهمت جزئيا بتحسين الوضع الغذائي والدوائي من خلال خطة استيراد رصينة لوزارتي الصحة والتجارة في حينها يشاد بها لغاية اليوم  .
الحقيقة الثالثة : خلال عشر سنوات الاحتلال المنصرمة وبالرغم من توفر المال وارتفاع اسعر النفط  وكتابة دستور وتشكيل حكومات ودورات برلمانية متعاقبة بإشراف احتلال امريكي مشرعن شرعية دولية بجهود  بقيت كل المؤشرات تؤكد استمرار انهيار الوضع الصحي وخدمات البنية التحتية بشكل متواتر  وتؤكد على وجود مخطط متقصد يستهدف القطاع الطبي والصحي والاطباء والاكفاء فيه وتدمير مؤسساته وإنجازاته . وسأستعرض هنا وقائع ما أحدثه الغزاة في القطاع الصحي العراقي من تقويض ونخر إضافة الى وقائع واستفسارات تؤكد تصميمهم لإيقاع ما حدث :
أولا. استهداف المؤسسات الصحية والمستشفيات الهامة : (مشاهدات شخصية)
تعرض مركز صدام لجراحة القلب الذي تجمعت فيه معظم كفاءات أمراض وجراحة القلب تأسس عام 1993 بسبب الحصار وأصبح أكبر مركز جراحي للقلب بسعة 200 سرير وبمعدل سبع عمليات للقلب المفتوح يوميا وأكثر من عشرين تداخل قسطاري تشخيصي وعلاجي ويحسب واحد من اكبر الانجازات العلمية الطبية العلاجية  في اليوم الأول لوصول قوات الاحتلال إلى بغداد (وكذلك المتحف العراقي) إلى عملية اقتحام كبيره وفتح ثغرات في المداخل  وحرق منظم وتشجيع عمليات السلب والنهب بالرغم من رصانة الأسيجة والمداخل واستمرت لغاية يومين بالرغم من كل التشبثات لمنع هذه القوات من تدميره وبعلم وإصرار من قائد القوات المتمركز في فندق الشيراتون وسط بغداد  في حينها ، ولهذا السبب أدرج ضمن الأهداف التي كان يجب أن  تدمر . وخلال الايام الاولى تم نهب وسلب وهدم اكبر مستشفيين عسكريين في العراق هما مستشفى الرشيد العسكري الذي تبلغ سعته 1200 سرير  ومستشفى حماد شهاب في العاصمة بغداد وبنفس الأسلوب وبإشراف قوات الاحتلال  وكانت شوارع بغداد الشعبية والساحات تغص بأجهزة المستشفيات ومعداتها التي سرقت ونهبت معروضة للبيع ناهيك عن ما تسرب منها خارج الحدود. وقبل ان يعلن الرئيس بوش انتهاء العمليات الحربية في العراق ، كان أكثر من 50 % من المستشفيات العراقية بضمنها أقسام الطوارئ والإسعاف الأولي قد دمرت وسرقت كما تم التخلص بقرار واحد من كافة المدراء العامين وإدارات المستشفيات المهنية بكوادر روج أنها انتخبت ديمقراطيا من قبل منتسبي المستشفيات في فترة الهياج والغليان الشعبي قبل ان يتم وضع أسس لبنات الحكم في البلد وفي ظل تأسيس مجلس الحكم والإدارة المؤقتة التي بنيت على أسس المحاصصة الطائفية والعرقية وغياب كامل لقوات أمنية تعني بالمؤسسات الحكومية والخدمية .
ثانيا :الفساد الإداري والمالي في وزا رة الصحة :عينت قوات الاحتلال عند دخولها هيئة مشرفة على وزارة الصحة تمثلت  بالمستشار الدكتور سعيد اسماعيل حقي ومن ثم المستشار جيم هوفمان والعقيد ستيد بروننغ والعقيد البيطري ابراهيم (مصري الأصل)  ومجموعة من الأطباء والصيادلة العراقيين القادمين مع الاحتلال ومن انظم إليهم من المنتفعين  من الداخل في فترة تعاقب تشكيل حكومات الاحتلال المتعاقبة وهم جميعا  خلال السنوات التي مرت بعد الاحتلال قد واكبوا ما حدث وساهموا كل من موقعه بمسيرة وزارة الصحة والواقع الصحي الكارثي والمتدهور .
 على سبيل المثال في وزارة مجلس الحكم أسس تواجد  الدكتورخضير عباس والدكتورعادل محسن  والدكتور سعيد اسماعيل حقي ومجموعتهم أول خلية اجتثاث مهني وإداري في الوزارة وجعلها قلعة من قلاع العنف والمحاصصة الطائفية وتم تغيير آلية وتشريعات الوزارة المهنية والإدارية والمجيء بكوادر غير مهنية وغير كفوء اجتثت الكوادر الادارية والمهنية في المحافظات وأسست لسياسة القتل والاغتيال والتهجير . لم تتاح  للدكتور علاء العلوان كوزير للصحة في حكومة علاوي بعد الدكتور خضير وهو طبيب مهني واستشاري متخصص وخبير في الوقاية الطبية والرعاية الصحية الأولية وخبير في منظمة الصحة الدولية لعقدين من الزمن أن يؤسس لمشروع تنموي وإعادة بناء هيكلة الوزارة التي استلمها بعد هيمنة كوادر الأحزاب الطائفية واختلف معهم ومع الدكتور عادل محسن مبكرا (المفتش العام الذي عينه بريمر واستمر بوظيفته لغاية احالته على التقاعد قبل اسبوعين فقط ) ولأنه بالأساس كان قد قبل المنصب لفترة سنة واحده حيث تمتع بإجازة من منصبه في المنظمة وحين ترك الوزارة لم يكن قد أنجز شيئا في إطار إعادة التأهيل للوزارة فأحال نفسه على التقاعد وعاد الى منصبه في المنظمة ؟ استلم بعدها الوزارة كل من الدكتور علي الشمري والدكتور عبد المطلب الهاشمي  من التيار الصدري وتفاقمت سياسة العنف والإقصاء حتى أعلن حينها بتحقيق الاجتثاث التام وبعدم وجود موظف واحد بعثي أوسني في  الوزارة وقضية هروب ولجوء الشمري الى اميركا ودواعيها معروفة  وحين عين الدكتور صالح الحسناوي الذي اصطدم مع المفتش العام ايظا وقصة الفصل العشائري المعلنة للتستر على الفساد المستشري في الوزارة معروفة .
تعيين الدكتور مجيد حمد أمين وهو قيادي في الحزب الوطني الديمقراطي  الكردستاني حيث يسكن جاء ضمن توافقات سياسية بين الكتل المتصارعة لم تثن المفتش العام وكوادر الوزارة من استمر فسادها  وتحمل مسئولية ارتكاب المفتش العام  هذا الكم الهائل من الفساد المالي والإداري المعلن في وزارته وهو يعرف ان المفتش العام يتمتع بحصانة رئيس الوزراء نوري المالكي للبقاء في نهجه ومنصبه بالرغم من حقيقة حجم الفساد الذي يرتكبه لغاية اليوم هو و زوجته ؟ .
الإصرار على تدهور أداء الوزارة خلال عشرة سنوات وهيمنة المفتش العام على معظم شئونها مع كوادره الفاسدة الملطخة بالدم والفساد وبرظى رئيس حكومة ودعمه كان من أهم أسباب تدهور القطاع الصحي في العراق .
 كما تم خلال السنوات العشر إلغاء كافة قيود وشروط الاستيراد للأجهزة والأدوية والمستلزمات الطبية  وتغيير قوائم الأدوية الأساسية وتصنيفها حسب الأسبقية والأهمية مما تسبب في نقص شديد فيها كما ونوعا حيث دخلت أدوية  غير رصينة وغير فاعلة أو أمينة لا بل ملوثة وسامة احيانا من كل حدب وصوب وتفشى الفساد فيما أصبح  استيراد الأدوية تجارة بعقود  فاسدة التجهيز للأجهزة و شركات وسيطة  دخيلة وطبقة مقاولين المنتفعين وممثلي أحزاب منتفعة بصفقات و ورشات عمل تعقد وتوقع خارج العراق ناهيك عن حرائق الوزارة التي طالت طوابق الاستيراد والعقود وحرائق مخازن الأدوية الرئيسية التابعة لكيماديا . لقد كشفت معظم ملفات الفساد في الوزارة من قبل لجان النزاهة واللجنة الصحية في البرلمان ومن قبل المؤسسات القضائية ولم تتخذ أي إجراءات  وعلى سبيل المثال أيضا ما ارتكبه رئيس جمعية الهلال الأحمر العراقية الدكتور سعيد حقي ومساعديه وكادره بممتلكات الجمعية و وارداتها من المنظمات الإنسانية  ومنظمة الغذاء الدولية عندما ترأسها  وهروبه بعد ذلك بإسناد من رئيس الوزراء الدكتور الجعفري .
ثالثا : فقدان التخطيط  البناء ، حيث لم توضع خطة تستند على أسبقيات الإنقاذ للواقع الصحي الكارثي تبدأ بتأهيل المستشفيات وتوفير الدواء الرصين والاهتمام بالمراكز الصحية والعناية الأولية وتشير معظم الدراسات التحليلية اليوم الى فقدان وسائل المعالجة الحقيقة وإعطاء الأسبقية لعقود الفساد المهتمة بالترميم  والتأثيث  دون الاهتمام بالعناية الأولية وجاهزية المراكز الصحية في الريف والأطراف والنواحي وافتقاد التخطيط لتوزيع عادل في القوى العاملة وتنسيب متوازن للأطباء والممرضين والكوادر ، كما يحسب الفشل الذريع في توزيع الأطباء وأطباء التدرج الطبي والقوى العاملة كارثة كبيرة حين تخضع لمواصفات طائفية وعنصرية . وكذا الحال في التخطيط لاحتياجات الاختصاص والقبول في الدراسات العليا وفي الوقت الذي تعلن وزارة الصحة  فيه عن نقص بالغ في اختصاصي التخدير وتتعاقد مع أطباء تخدير من الهند ودول أخرى تحرم وزارتي الصحة والتعليم العالي ممارسة أطباء اختصاصيين وتنقلهم الى معاهد تقنية وكليات غير سريرية خارج المستشفيات التعليمية وتحرمهم من مزاولة مهنتهم كمخدرين فيما لا يتواجد في القطر حاليا أي اختصاصي بالتخدير بدرجة أستاذ أو استشاري من أعلام اختصاص التخدير المعروفين بالكفاءة والخبرة والتدريس .   كما تشير الى إهمال كبير في وسائل الوقاية والعلاج للأمراض المزمنة الانتقالية وغير الانتقالية والتي تشكل أهم أسباب الوفيات والعجز كأمراض القلب والضغط والسكري والتصلب وأمراض سوء التغذية والفقر  والإدمان وأمراض سوء التغذية والتلوث البيئي والأمراض الناتجة عن تلوث الأجواء والمياه ومشاكل الصرف الصحي ونقص الكهرباء وفقدان الرقابة الدوائية والغذائية والعلاجية .
رابعا: استمر مخطط استهداف الأطباء والكوادر الطبية بالقتل والاختطاف والتهديد والتهميش دون تقديم أي دليل قانوني أو قضائي أو تحقيقي عن المجرمين والمنفذين لهذا المخطط الرهيب الذي ابتدأ منذ أول أيام الاحتلال واستمر لتكون بناية وزارة الصحة نفسها واحدة من ساحات التصفية للكوادر والمستشفيات في مناطق متعددة وأسرة المرضى وسيلة أخرى ناهيك عن استخدام منظومة الإسعاف لقتل الرهائن والمختطفين . ولا يخفى على العالم تورط اميركا  والدولة الصهيونية وميليشيات الأحزاب في مخطط قتل العلماء والأطباء العراقيين بعد الاحتلال ؟ كما ساهمت ميليشيات الآحزاب الدينية الطائفية في تصفية الأطباء في العراق ، ودور ميليشيات احمد الجلبي ومنظمة بدر وجيش المهدي في هذه التصفيات ؟  لماذا تم لجوء وزير الصحة الدكتور علي الشمري الى أميركا  خلال محاكمة حاجم الزاملي بسبب جرائم وزارة الصحة  في محاكمة صورية من قبل قوات الإحتلال وأين اختفى وكيل الوزارة عمار الصفار ورئيس صحة ديالى الدكتور فاضل المهداوي  داخل الوزارة. وكل هذا المخطط كان يتم من خلال إشراف مونتونكري وخبراء العنف الذين اوكلت لهم هذه المهمة .
 يوم الثلاثاء المنصرم في 3 تموز قتل الطبيب الاستشاري والاستاذ المساعد في كلية طب بغداد احمد شاكر الزيدي احد اختصاصي الغدد الصم المعروفين بالخلق القويم والسلوك المهني النظيف  ولم يتوقف هذا المخطط لغاية اليوم كما اغتيلت الطبيبة إنعام كمال بنفس اليوم في الزعفرانية رحمهما الله  . لقد هاجر العراق أكثر من 20 ألف طبيب اختصاصي وأكاديمي وممارس وخريج جديد خلال العشر سنوات المنصرمة بسبب مخططات التهجير والاستهداف والإقصاء والتهميش.
خامسا : استمرار هجرة الأطباء والكوادر الطبية لتشمل الخريجين الجدد بعد ان تم تهجير الكوادر الأكاديمية والتدريسية والاستشارية سواء كانوا في المؤسسات  الصحية أو في الكليات ومؤسسات وزارة التعليم العالي الطبي بسبب استمرار سياسة المحاصصة والتفرد بالسلطة وعدم المسئولية الجادة والعادلة في التوزيع والتعيين وتعريض الخريجين بتقصد للإستهداف الطائفي وكذلك عدم التوازن في فرص التدريب والقبول في الدراسات التخصصية ، مما ادى الى استمرار الهجرة واللجوء والتجنس بين الكوادر الشابة حتى بلغت نسبتها أكثر من 50% من الخريجين . لقد هبطت نسبة الطبيب لكل 1000 مواطن الى ادنى نسبة في المنطقة  ( لا تتجاوز الطبيب الواحد) .
 الولايات المتحدة الأمريكية بذريعة اللجوء ودورات التدريب تستقطب اليوم اكبر عدد من الأطباء والكوادر الطبية العراقية جاهزين كي يصبحوا بعد سنوات مؤهلين للعمل في مستشفياتها كمواطنين أمريكيين برواتب ومناصب مغرية  ، أليس هذا مخططا خطيرا لجذب الأدمغة والعقول العراقية وضمن نفس الأسلوب تحصل دول غربية وشرقية عديدة على كوادر طبية متخصصة وغير متخصصة بعد التخرج لملئ احتياجاتها على حساب هجرة العقول الطبية العراقية فعلى سبيل المثال تشكل نسبة الأطباء العراقيين في احد مستشفيات السويد اكثر من 50 % من مجموع الأطباء العاملين فيه . كما لم تثمر كل الجهود المعلنة والوعود الكاذبة للوزارة في إيجاد صيغ حقيقية لوقف الهجرة وإعادة المهجرين من الكوادر الطبية بعد أن تم استغلال درجاتهم الوظيفية من خلال الفصل السريع وقطع العلاقة ، وماذا فعلت المؤتمرات التي عقدها عادل عبد المحسن والوزارة ببذخ مالي ودعائي  للأطباء المغتربين وكم منهم عاد وماذا تم بشأن تشجيع عودة المهجرين والمهاجرين منهم ؟ ولماذا تستمر الاعتداءات على الأطباء وحملة تهجيرهم مستمرة لغاية اليوم فيما لا يخفى على العالم تورط الدولة الصهيونية  وأجهزتها في مخطط قتل العلماء والأطباء العراقيين قبل وبعد الاحتلال ؟ ألم تساهم ميليشيات الأحزاب الدينية الطائفية في تصفية الأطباء في العراق ، ما قصة  لجوء وزير الصحة الدكتور علي الشمري الى أميركا ؟ كيف تمت تبرئة حاجم الزاملي من جرائم وزارة الصحة وأين اختفى وكيل الوزارة عمار البغدادي ورئيس صحة ديالى الدكتور فاضل المهداوي ؟
سادسا: كارثة التلوث البيئي والإشعاعي : منذ بداية الغزو لا بل حتى بعد حرب الخليج الثانية في التسعينات أثيرت قضية التلوث واستخدام الأسلحة المحذورة كالفسفور الابيض واليورانيوم المنضب والمعادن الثقيلة ودخان المتفجرات والقنابل وحرائق البساتين والمزارع وإثارة الغبار وتلوث المياه وفتح المبازل وتسرب نفايات المفاعلات النووية الى شط العرب وتلوث مياه والأنهار الإيرانية من منطقة المفاعلات النووية الإيرانية على الأهوار وشط العرب ونهر دجلة  والروافد التي تصب فيها وفي مناطق ديالى والعماره وسوق الشيوخ والجبايش وبابل والفلوجة وسلمان باك و نينوى والمحافظات الشمالية الكردية  وعلاقتها بزيادة ملحوظة بنسب حالات السرطان والأورام والتشوهات الخلقية والاسقاطات و وفيات الخدج وقد تزايدت بعد الاحتلال الدراسات داخل العراق وخارجه تثبت العلاقة الوثيقة بين استخدام هذه الاسلحة وبين الزيادات الملحوظة في وقوع هذه الكوارث الصحية وقد حاولت جهات عديدة في وزارة الصحة ومؤسسات البيئة والعلوم العراقية تجاهل هذه الحقائق بضغوط امريكية وانكارها . لقد اعترفت وزارة البيئة و وزارة الصحة  ومراكز علمية عراقية بذلك و نشرت دراسات عديدة من مراكز علمية أمريكية وايطالية وبريطانية وثقت هذه العلاقة  ونبهت  الى مضاعفات كارثية خطيرة ستستفحل ما لم تتخذ اجراءات مسحية وكشفية وعلاجية لها بأسرع وقت ونشرت مصادر موثقة ان نسب وقوع حالات السرطان في البصرة قد بلغت نسبة 50 % من السكان وكذا الحال فيما يخص مناطق في الفلوجة وسوق الشيوخ والناصرية .
وبضغط شديد تم اجراء دراسة علمية ومسحية مشتركة بين كوادر وزارة الصحة ومراكز بحثية عراقية وبين باحثين من منظمة الصحة الدولية استمرت لستة اشهر وشملت ست محافظات وانتهت الدراسة الميدانية نهاية عام 2012 وقد اطلقت تصريحات من قبل بعض الباحثين حول نتائج الدراسة الاولية و وصفتها بأنها كارثية , وبالرغم من مرور أكثر منم  سبعة أشهر لم تعلن منظمة الصحة الدولية نتائج الدراسة والتي يشغل فيها منصب المدير الاقليمي للشرق الاوسط  الوزير السابق الدكتور علاء العلوان و وفقا لما ينشر فإن هناك دوافع سياسية وراء عدم إعلان المنظمة لهذه النتائج ، ألا يعني هذا ان مخططا كارثيا يتم التسترعليه لتستمر كارثة الموت والإبادة في الشعب العراقي وان اطراف هذا المخطط متعددة . أليست الولايات المتحدة الأمريكية وانكلترا ودول غربية اخرى هي التي تصر على عدم إدرج اليورانيوم المنضب ضمن اسلحة الدمار المحذورة   بالرغم من بحوث اكاديميات ومراكز علمية عريقة تثبت أضراره لهذا الاستخدام كما تمتنع الادارة الامريكية عن اعطاء معلومات عن اماكن وكمية وتاريخ استخدام اليورانيوم المنضب في العراق لتسهيل مهمة اجراء المسوح الكشفية .
 
ما ذكرته يكشف بوضوح  حجم  كارثة إبادة الإنسان العراقي  ويثير اسئلة عديدة منها ماهي دلائل الاستهداف المتعمد وأبعاد المخطط :
1. لماذا لم تدخل الولايات المتحدة في السنتين الاولى من الاحتلال تبرعا او شراءً اي علاج امريكي من الشركات الامريكية الدوائية الرصينة بالرغم من التساؤلات عن ذلك وحسب من المفارقات في حينها في الوقت الذي فتحت به الابواب امام شركات وادوية غير رصينة ثبت احيانا انها ملوثة او فاسدة او منتهية المفعول او مزوره وغير فاعلة بحجة عدم وجود آليات فحص مختبري او تقييمي في حين كانت هذه الادوية تباع في الارصفة والشوارع والصيدليات والمذاخر الغير رسمية او المسجلة ؟.
2. لماذا استهدف المختبر المركزي للرقابة الدوائية الذي كان مؤهلا وكان من ضمن اول المؤسسات تخريبا حين دخلت القوات المحتلة ؟.
3. لم تستقدم دولة الاحتلال أي فريق طبي علاجي عام او متخصص يسهم في علاج المدنيين والاطفال والعمليات الصعبة والمعقدة طيلة فترة الاحتلال ولغاية الان؟
 طيلة فترة الحصار كانت وفود وفرق طبية وجراحية من اقطار عربية وغربية واجنبية تزور العراق وتقوم باجراء عمليات معقدة لمرضى القلب . في حين لم تحدث مثل هذه الزيارات بعد الاحتلال مع ان امكانية اطبائنا العراقيين في الخارج وفي الولايات المتحدة بالذات هائلة لو كانت هناك نية لإنقاذ المريض العراقي؟. على العكس من ذلك تم ترويج معاملة نقل مرضى الى خارج العراق لإجراء تداخلات جراحية تحت غطاء بلدان متقدمة في حين ان الاطفال تم نقلهم بإشراف منظمات صهوينة داخل المنطقة الخضراء وبعلم المالكي نفسه ومستشاريه وشخصيات عراقية الى اسرائيل وهذا الأمر نشر وموثق ؟ ماذا يعني ذلك وقد تم تكريم من ساهموا بهذه المهمة من قبل الادارة الامريكية ونوطوا باوسمة واموال  يعرفها جيدا من استلمها . كما تم ارسال مرضى على نفقة الدولة العراقية من خلال فرق مشرفة مارست دور فساد و ابتزاز كشفت وسائل فسادهم من الاموال المخصصة معروفة وكتب عنها الكثير .
 
4. ماذا عن السعة السريرية وماذا عن المستشفيات التي تم التعاقد على انشائها ولم تنجز واكتشفت صفقات فساد عقودها ؟. 
5. ماذا محاولات تقليص اعداد القتلى والشهداء والجرحى ونسب العوق الناتجة من العدوان أما براسات واهنة او بمنع نشر احصائية حقيقة لحجم هذه الأرقام ؟ .
6. لماذا يتم تجاهل كل الدراسات التقييمية للوضع الصحي من قبل دارسين عراقيين ومراكز علمية ومنظمات صحية تشير الى وجود خلل متقصد في جدوى ما تم فعله بعد الاحتلال في القطاع الصحي وان اهمال عمل المراكز الصحية والرعاية الاولية واهمال توزيع القوى العاملة بشكل مخطط كان واضحا وسوف يترك أثاره السلبية على القطاع لعقود من الزمن . فهل تمت الاستفادة من هذه الدراسات ؟.
7. كم من الفاسدين والمختلسين وعصابات المليشيات في كوادر وزارة الصحة حوكم او عوقب او جرم ؟.
8. كم من جرائم قتل واختطاف الاطباء او قتلهم كشف ؟ وما هي  وسائل حماية الاطباء منهم  ثبت فعاليته ؟ .13. كم من تجار الدواء الفاسد والعقود الدوائية والشركات غير الحصينة تم كشفهم ومحاسبتهم ؟ ومن هم هولاء الفاسدين الذين تاجروا بارواح العراقيين وصحتهم ؟.
9. كم خصصت موازنات العراق المالية للحكومات المتعاقبة بعد الاحتلال للصحة والتعليم والضمانات الاجتماعية مقارنة بكل ميزانيات العالم المحيطة بالعراق والبعيدة ومقارنة بما تخصصه للدفاع والامن وهيئات الرئاسات ، فيما تدعيه السلطة بانها تشكل أضخم ميزانيات العراق ق بل الاحتلال ؟ هل تكفي هذه المخصصاتفير لتوفير دواء مرضى السرطانات والاورام او لمكافحة التلوث او لتوفير  او لتقديم الاعانات والمخصصات الاجتماعية للمعوقين واليتامى والأرامل والمهجرين ؟  
10. ماذا انجز من أجل إعادة وبناء القدرة التصنيعية في العراق من معامل الدواء والسوائل واللقاحات والعراق يعتبر مهد لأكبر كوادر التصنيع الدواءي في المنطقة من خبرات وكفاءات ؟ .
الإستنتاج :
أكدت الدراسات الحديثة واشارت الى ارقام وحقائق خطيرة جديدة تضاف الى ما نشر سابقا حول تدهور الوضع الصحي في العراق :
إن  معدل عمر الانسان العراقي يتناقص على النقيض مما حققه التقدم الطبي والصحي من انجازات ارتفع فيها معدل عمر الانسان في بقية انحاء العالم بمستويات متفاوتة . وان اكثر من 70 من الكوادر الطبية قد تركت العراق واكثر من الفي طبيب قد قتل وان 83 % ممن هاجر منهم لن يعود وان اكثر من 40% ممن هم داخل العراق يرغبون بالهجرة وان نسب الوفيات بين الاطفال حديثى الولادة ودون الخامسة وبين الحوامل وصلت الى مستويات مخيفة مقارنة بالمنطقة وان التخصيص المالي لقطاع الصحة هو الادنى بين الدول المحيطة وان ظواهرسوء التغذية والفقر والبطالة والامية والشد النفسي قد اشتدت وتدنت نسب التلقيحات وازداد انتشار الامراض الوبائية والغير انتقالية وان نتائج الدراسات تشير الى أن مخاطر التلوث الاشعاعي والبيئى كارثية ونتائج و وسائل الخلاص من مخاطرها مكلفة وأن وزارة الصحة واحدة من الوزارات الغارقة بالفساد المالي والاداري والمهني .
ان الحكومات المتعاقبة منذ الاحتلال لغاية اليوم بفسادها الفاضح وتشريعاتها الجديدة وسلوكيتها الطائفية وفي ظل فقدان الامن واستمرارالعنف وسياسة التهجير واستهداف الاطباء  قد اسهمت اسهاما واضحا وفاضحا في تدهور القطاع الصحي في العراق .
ان دولة الاحتلال والدولة الصهيونية والنفوذ الايراني المستفحل في العراق من خلال الحكومات والاحزاب الطائفية والعنصرية والميليشيات تشكل ادوات قتل وخطف الاطباء والعلماء ناهيك عن عن اسهامها بالتلوث وتجارة الادوية الفاسدة والمخدرات والإتجار بالاطفال والنساء  واستخدام الاسلحة المحذورة والمحرمة والتستر على التلوث البيئي  وتحطيم البنية التحتية تشكل جوهر مشروع استنفاذ الكوادر العلمية والكفاءة الطبية وقتل الانسان العراقي جسديا ونفسيا واجتماعيا .
إن ارقام وإحصائيات  الوفيات والمعوقين من ضحايا الاحتلال العسكري والحكومات المتعاقبة والميليشيات بالقتل المباشر او من خلال التعذيب في السجون والمعتقلات ودمار البنية التحتية  او من خلال تدمير القطاع الصحي والطبي أرقام كبيرة ومذهلة ترقى الى مستوى الإبادة الجماعية التي طالت معظم الفئات العمرية في المجتمع العراقي فيما تبقى اثار التلوث والحرب تحمل مخاطر كبيرة لأجيال قادمة لعقود بل قرون من الزمن .
ان هذا المؤتمر يجب ان يشكل بداية جديدة للتصدي لمخاطر هذا المخطط من خلال التوثيق المحكم والتأسيس لإسناد دولي من أجل مقاضاة مرتكبي هذه الجريمة بحق شعبنا قضائيا وقانونيا ودوليا ومن خلال هيئة متكاملة تتولى متابعة هذا الموضوع.

د. عمر الكبيسي