هزيمة الاسلام السياسي .. وليس الديمقراطية

 

منذ زمن ليس بالقليل وفي ظل حكومات علمانية استبدادية وقاهرة لارادة شعوبها وناهبة لثروات بلدانها وجاعلة لها حكرا على انفسها وعوائلها وحواشيها, ونحن نسمع مقولة طالما رددها الاسلاميون وهي ان ( الاسم هو الحل )

كان الاسلاميون يجزمون انه لاعدل ولا امن ولا امان ولا خلاص من الطبقية والفقر ومشاكل وامراض المجتمع المستعصية الا بالرجوع الى حكم الله والشرع والدين ففيها الخلاص وشفاء المجتمعات مما اصابها من امراض وعلل اجتماعية ونفسية وسياسية وبيئية بفعل عوامل كثيرة

ولكن ..!! هل تصلح احكام كانت سائدة وتطبق على مجتمع بدوي بسيط حديث العهد بالاسلام والايمان على مجتمعاتنا الحديثة وبعد كل هذه الثورة التكنولوجية والمعلوماتية والعمرانية التي يشهدها العالم اجمع

هل يمكن لنا وبعد قرابة الف واربعمائة سنة ان يحكمنا المرشد او الشيخ وان نقبل بفتاوى ماكانت لتقبل حتى في صدر الاسلام لما فيها من هزالة وغرابة وسخافة وسطحية لايفهم منها الا تشويه صورة الاسلام والتغرير بالسذج من الناس ليتبعوها لغايات في نفس يعقوب,, كتلك التي تفتي بوجوب لبس الخمار ليس فقط للفتاة والمراة وانما للشاب الجميل ايضا .. او ارضاع الكبير حتى قال الفنان المعروف عادل امام انه لما سمع بهذه الفتوى تخيل نفسه يعود الى المنزل ليجد زوجته ترضع السواق ليصبح محرما عليها ففزع من تلك الفكرة.

كل ذلك ليس بمقبول ولكن يمكن تمريره والسكوت عليه والتغاضي عنه .. ولكن ان تصل الفتاوى الممولة بالمال النفطي السياسي الى اعلان الجهاد على المسلمين انفسهم وعلى الشعوب المسلمة والافتاء بنحر الاطفال والقائهم من اعالي البنايات وذبح اناس مسالمين لاذنب لهم الا انهم يختلفون معهم في المذهب كما حصل في قرية حطلة السورية وقرية ابو مسلم في مصر والتمثيل بجثث المغدورين تشفيا!!! والضوء الاخضر ياتي من الرئيس مباشرة ومباركة شيوخ الارهاب والفتنة الذين اجتمعوا في مصر وهللوا وصفقوا للقتل واستباحة الامنين وسفك الدماء.. وليصف رئيس الجمهورية جزء اصيل من شعبه قوامه ثمانية ملايين شخص (شيعة مصر) بانهم انجاس ارجاس ويتسبب في العدوان عليهم وقتلهم وسحلهم والتمثيل بجثثهم .. فهذا هو غير المقبول انسانيا ولا اخلاقيا ولم تقبل به الجماهير المصرية فقررت ان تقول قولتها مرة اخرى وتنزل للشارع لتسجل موقفها وتقلب الطاولة على هكذا رئيس يفتي بقتل شعبه ويبرر للارهاب ويمهد للحرب الاهلية وتقسيم البلاد

زمان كانت الفتوى لاتصدر الا من المفتي ولايصدرها الا بشق الانفس لما لها من نتائج نفسية واجتماعية على المجتمع وايضا خوفا من الله وما يترتب عليها من عواقب تقف امام التساهل في منح الفتاوى فكان الميل الى تصعيبها .. اما اليوم فقد اصبحت وبفضل الاسلام السياسي فتاوى بالكيلو والمجان وحسب الرغبة والطلب بحيث اصبح كل من هب ودب يفتي.. حتى شملت فتاويهم الجبن والجن والخيار والطماطة ووجوب الباس العنز لباس وحرمة الجلوس على الكراسي وعدم تقشير الموز والخيار ولم يتركوا شيئا الا وافتوا فيه ليعملوا من الاسلام مهزلة وموضع سخرية وتندر من قبل شعوب العالم التي باتت ترتعب من شي اسمه اسلام ومسلمين , وراحوايشوهون صورة الرسول الكريم الذي وصفه القران بقوله تعالى وانك لعلى خلق عظيم .., وماينطق عن الهوى انما هو وحي يوحى .. فتركوا كل صفاته الجميلة والرائعة وراحوا يركزون على قدرته الجنسية ومضاجعته لزوجاته جميعهن في ساعة واحدة ..وكأنهم كانوا معه .

بينما يقول الشاعر .. نظرنا في امر الحاضرين فرابنا ... فكيف بأمر الغابرين نصدق

ولااعرف بماذا تفيد مثل هذه الامور الانسان المسلم الذي يريد الصلاح في
دينه ودنياه
نعم كان لابد للاسلاميين في مصر وتونس والعراق وليبيا ان يتولوا الحكم بعد فترات حكم ديكتاتورية واستبدادية طويلة ليثبتوا فشلهم السياسي وليثبتوا انهم يقولون مالايفعلون وان الاسلام الذي ارادوا تطبيقة ليس هو الحل وان قوانين سنت قبل الاف السنين لاتصلح لعالمنا المعاصر اليوم ولااقصد القران الكريم واحكامه التي تصلح لكل وقت وزمان ولكن تحريف الاحاديث ونشر الفتاوى الغريبة والتي باسمها برروا القتل والارهاب والانحرافات فهي لاتصلح لزمن التطورات المتلاحقة والتقدم السريع في كل مجالات الحياة والانسانية

بالتاكيد مايحصل في مصر اليوم ليس هزيمة للديمقراطية لان الديمقراطية فعل جماهيري وقد انجزه الشعب المصري على اكمل وجه مرتين .. مرة عندما اطاح بمبارك وخرج متحديا امن الدولة ومتغلبا على خوفه,

ومرة عندما اصر على خلع رئيس لايحترم شعبه ويفتي بقتله وسحله, وقد فعلوا .. ليسجلوا اول حالة نادرة في التاريخ لاتحصل حتى في اكثر البلدان ديمقراطية في العالم وهي التحام الجيش مع الشعب والوقوف بجانب تنفيذ مطالبه ,

ماحصل هو هزيمة شنعاء للاسلام السياسي المصري والعربي عموما وليس الديمقراطية , فهناك التجربة التركية التي اثبتت جدارتها وارغمت اردوغان وحزبه الاسلامي على الاستجابة لمطالب الجماهير, والتجربة الايرانية ايضا كان لها حضور مميز ,

الفشل طال الاحزاب الاسلامية .. اما الجماهير فانها تسجل حالة جديدة من الديمقراطية فهي اليوم تاخذ زمام المبادرة وتنزل للشارع لتفرض التغيير اذا لم يرق لها الامر .