ردنا عون طلع فرعون !

 

الغاء الراتب التقاعدي للنواب، مطالبة لا تنطلق من مجرد الرغبة في معارضة السلطة التشريعية، بدون مبررات مقبولة بل لان هناك اكثر من اعتبار يدعو الى القول بها، فهي جزء من دعوة اكبر لتصحيح مسار العملية السياسية التي تستند في اكبر مفارقاتها التاريخية الى اسس فريدة وضعها النواب لانفسهم تحقيقا لمكتسبات خاصة، لا على اساس ان هؤلاء النواب امام مسؤولية كبيرة هي خدمة الشعب الذي قام بانتخابهم في بواكير مسيرته نحو دولة المؤسسات والفصل بين السلطات. لذا فان هذه الحملة هي جرس انذار يقول ان اصل السلطة هو الشعب وانكم ممثلوه، وان لم تستطيعوا القيام بهذا التمثيل وفق ما يريد الشعب، فان الاخير يمكن ان يسحب هذا التفويض عنكم.

يمكن ان نبتدئ بالقول ان نظام الراتب التقاعدي للنواب في العراق من بين أكثر الأنظمة بذخا وسخاء في العالم، ولذلك فهو مكلف بدرجة غير مسبوقة ويمثل مخاطر تراكمية كارثية على الموازنة العامة، لا يمكن تحملها في المستقبل.

فالنواب حين يحصلون على مرتبات عالية، ومن بعدها يريدون رواتب تقاعدية عالية، فان هذا يعني ان هؤلاء لا يأبهون بحصة الاجيال الحالية و القادمة من الاموال العراقية، ويفكرون بطريقة: وكلني اليوم و(وكلني) باجر! ضاربين بعرض الحائط حصة جيل اليوم وجيل (باجر) ايضا.

نذكر ان الراتب التقاعدي هو استحقاق يتسلمه الموظف العمومي في الدولة، وليس للنائب (المنتخب) الذي اتى لغرض تمثيل الناس في تشريعاتهم والرقابة على الحكومة ان مالت عن صوابها، لكننا نلاحظ ان النائب (المراقِب) هو من يحتاج الى مراقبة، وهو ما يمثل عيبا خطيرا في نظامنا الانتخابي، الذي يوصل غير المستحقين الى النيابة عنا، لنتورط من بعدها في مراقبته، ومن ثم ينطبق عليهم المثل القائل (ردنا عون طلع فرعون).

اقول لكم ان ثمة شرطين رئيسين، لا يتوافران مشتركين لدى اغلبكم، لاستحقاق الراتب التقاعدي، وهذان الشرطان مطلوبان في اغلب انظمة المرتبات التقاعدية المحترمة في العالم، وهما شرط العمر ومدة الخدمة الوظيفية، فعمر الموظف الذي يستحق الراتب التقاعدي لا بد ان يتجاوز الـ65 عاما، فيما يتمثل الشرط الثاني بان يقضي الموظف في خدمة المجتمع اكثر من ثلث هذه الاعوام تقريبا.

اقول لكم، حتما ان ثمة استقطاعات شهرية من رواتبكم الحالية لاغراض التقاعد، فان كنتم جادين في الغاء الراتب التقاعدي، فان اقل ما عليكم فعله الان، هو الطلب بايقاف هذه الاستقطاعات، ومن ثم فانكم قانونا، لن تستحقوا الراتب التقاعدي، فهل تفعلون!