لماذا لا يتحول حزب الدعوة الى منظمة مجتمع مدني؟

 

قد لا يقوم حزب الدعوة الاسلامية بتقييم لادائه خلال العشر سنوات الماضية و التي كان خلالها يحكم العراق لاسباب عدة يتحجج بها منها ان الوقت لا يسمح او الظروف غير ملائمة وقد لا يقبل الحزب بان يجري استفتاء خاص يقوم به الدعاة لمعرفة رأي الناس بمختلف شرائحهم به وباداءه ولكنه مجبور الان بقبول تقييم الامة حيث لابد له من ان يعترف بنتائج انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة و التي اعطت صورة لا تقبل التاويل بان حزب الدعوة الاسلامية لم يعد هو المرغوب الاول عند الشعب العراقي (او لنقل بصورة ادق في مناطق جماهيره الجغرافية وهي بغداد و المحافظات الجنوبية) لاننا لا يمكن ان نعتبر نسبة نجاحه في الانبار او الموصل او كردستان هي المقياس باعتبار ان حقيقة جماهيره هي الجنوب العراقي وبالتالي فان الاصوات التي حصل عليها في الانتخابات المحلية الاخيرة اشارت بوضوح الى ما لم يرد الامين العام ولا مكتبه السياسي الاعتراف به وهو ضمور التاييد الشعبي له واهتزاز صورته وقلة عدد الواثقين به وبالتالي كان تقييما جماهيريا واستفتاءا شعبيا اشار الى انحسار التاييد الشعبي لاعرق حزب اسلامي عراقي واكثر حزب قدم شهداء من اعضاءه و مؤيديه ومحبيه وبالتالي عليه التوقف و التامل و مراجعة النفس و الذات .
فبعد 46 عاما من العمل السياسي السري و العلني (1957-2003) و 9 سنوات استلام الحكم وقيادة الدولة (2004-2013) كانت النتيجة هي خسارته لاصوات الناخبين في انتخابات مجالس المحافظات وخسارته لمقاعد كثيرة في هذه المجالس وقيام الجماهير بسحب الثقة من ممثليه واعطاءها لاناس اخرين ليس لهم ارتباط حزبي بالدعوة بل قد يكون بعضهم من معارضي حزب الدعوة نفسه وبالتالي هو اجراء جماهيري حازم و (جرة اذن) قوية ومؤلمة لابد من التوقف عندها وضرورة تحسس هذه الاذن التي قد (تملص ) في الانتخابات النيابية القادمة .
46 عاما من العمل التثقيفي و التربوي و الاجتماعي والسياسي و الجهادي والتضحوي خلق هالة حزب الدعوة الاسلامية التي كانت الجماهير تتغنى بها وتمنحها ولائها المطلق وثقتها اللامحدودة وعند الاختيار وضعت الجماهير سبابتها في حبر الدعوة الاسلامية لتمنح كرسي الحكم الى ممثلي الحزب الذي اسكنوه قلوبهم وارخصوا دماءهم له فكانت سني حكم وقيادة دولة امتدت لقرابة 10 سنوات اسرعت الجماهير في اول فرصة لها بمحو اثار الحبر الذي لف سبابتها مرتان ولتسحب ثقتها من ممثلي ذاك الحزب العريق فسقط ممثلوه ومندوبيه عن كراسيهم التي ظنوا انها قد صنعت على احجامهم ومقاسهم ليمنحها لاخرين قد لا يكونوا افضل منهم ولكن قد يجهدوا انفسهم ليكونوا وبالتالي يحققوا بعضا من الامنيات .
وامام هذه الهزيمة لم يعد امام الحزب العريق الا ان يراجع نفسه كثيرا وبعمق وتعمق ليصحح الخطأ الكبير الذي اقترفه ليس بحقه وتاريخه واعضاءه بل بالامة التي وثقت به وضحت من اجله سابقا ومنحته ثقتها واجلسته حول عجلة القيادة التي لم يستطع ان يقودها باتجاه امال الجماهير وهدفها .
قد يقول قائل بان المشاكل و المحاصصة لم تمنحه مجالا ليبدع وهذا صحيح ولكن هذا التبرير لا وجود له في سياسات مجالس المحافظات التي كان يقودها فلماذا لم يقدم للناس ما ينفعهم ؟ وياترى لو كان فعل فهل كانت الجماهير ستنتخب غيره كما فعلت الان ؟
تدهور كبير على المستوى التنظيمي وهذه واضحة للدعاة الحقيقيين وليسوا دعاة 2003 حيث لا الداخل معتنى به ولا الخارج منتبه له ، وفشل ذريع في الاداء على مستوى الاداء الحكومي المركزي والمحافظات وعداوات مع الاخوة و الاصدقاء واغلب التنظيمات الشيعية قبل السنية وبالتالي ما هو الحل ؟
اعتقد بان نتائج انتخابات مجالس المحافظات كانت ناقوس الخطر الذي يوحي الى ان الانتخابات البرلمانية القادمة ستكون قاسية بحيث لا تسمح حتى بالجلوس على ( دجة ) البرلمان وبالتالي فمن الافضل ان يعلن الحزب عن تحوله الى منظمة مجتمع مدني تعني بتثقيف الامة دينيا وثقافيا واجتماعيا وتربويا وتقديم الخدمات بعد ان يكون اعضاء الحزب نفسه قد دخلوا دورة مكثفة عقائدية وتنظيمية تصقل فيهم موهبة دعوة الناس الى الفضيلة ومساعدة المحرومين و المعوزين او بمعنى اخر ان تمارس المرحلة التثقيفة لبناء الامة ولكن بطرق حديثة وفقه جديد ودراية بالواقع حتى تستعيد ثقة الامة بها بعد ان كانت في مرحلتها السابقة تريد للامة ان تستعيد الثقة بنفسها ولكنها اليوم هي بحاجة لان تعيد الثقة بنفسها اولا ومن ثم تنطلق لاتمام مرحلة التغيير بعد ان تكون هي قد تغيرت بالفعل وايقنت بان نتائج الانتخابات الاخيرة تحذير جماهيري لها حتى لا تبقى تعيش على الارث و الشعار .
كما وان تحولها من ( حزب الدعوة الاسلامية ) الى (منظمة الدعوة الاسلامية للمجتمع المدني ) ليس عيبا ولا مكلفا لان هناك ميزانية حكومية لمساعدة منظمات المجتمع المدني كما وان بعض الحكومات الاجنبية تساعد وتمنح معونات الى هكذا منظمات مدنية وان كان في هذا التمويل اشكال ولكن لاباس بقبول بعضها وبالتالي يقدم الحزب خدمة اجتماعية بعد ان انهزم او هزم نفسه في التجربة السياسية فهل من ينصح اخوتنا بذلك ؟