هل دخل حب الإمام الحسين "ع" قلوب العراقيين مع وصول ائتلاف دولة القانون إلى الحكم، هل الذين أشاعوا الفساد والطائفية والمحسوبية هم جنود "الإمام" في العراق، فنراهم اليوم يعتقدون أنهم في حرب مع الكفار؟ كيف تتحول معركة بناء مؤسسات الدولة، إلى معركة بين الكفر والإيمان؟ معركة يخرج بها احد المسؤولين ليمارس لعبة خلط الأوراق.. كل هذه الأسئلة يجب أن تطرح وتناقش ونحن نقرأ تصريح محافظ كربلاء الجديد " والمفتش السابق لوزارة الداخلية السيد "عقيل الطريحي" الذي قال فيه انه لن يؤدي اليمين الدستورية في مقر المحافظة وإنما في حرم الإمام الحسين... لم أكن أتمنى أن تصدر هذه" الحركة " عن المحافظ، الذي لن تفسر لصالحه، وربما ستفسر كما لو أنها، محاولة للالتفاف على مشاعر أهالي كربلاء، الذين ينتظرون انتشالهم من حالة الخراب والإهمال الذي تعيش فيه المحافظة.. ويعلم السيد المحافظ قبل غيره أن ما اعلنه، قد يُساء فهمه، ويُفسر لغير صالحه وهو في بداية مشواره التي نريد له النجاح فيها. إن مثل هذا الاستخدام لضريح الإمام الشهيد، لا تجسد قيم العدالة التي نادى بها سيد الأحرار، فالاعتزاز الحقيقي بالحسين لا يعني أن يتم القسم الرسمي في الصحن الشريف. إن أبرز قيم الشهادة الحسينية، تكمن في استذكارها، وتحويلها إلى أمثولة، عبر قراءة سيرة هذا الرجل العظيم، والتوقف عند مأثرته، وتضحيته دفاعاً عن الحق والعدل، فقد أدرك الحسين منذ أول سهم أُطلِقَ من معسكر يزيد، أن هذه الأرض إنما أعدت للمنافحين عن العدل والحق واليقين، والمناصرين للفقراء والمحرومين. اللعب على مشاعر الناس ليس سياسة، وإنما مراوغة …، وحاشا أن نتهم السيد الطريحي، وهو يدشن مهمته الجديدة بذلك. ولسنا في وارد الشك بمحاولة إلغاء أي دور لمجلس المحافظة، واستبدالها بما يشغل الناس عن انتظار الفرج؟ والسيد المحافظ يعلم، يقيناً، ان المواطنين في كربلاء انتخبوا أعضاء دولة القانون، لأنهم فصيل سياسي، وليس بصفتهم رجال دين.. ولهذا لا يجوز استخدام ضريح الإمام مكانا لمبايعة المحافظ.. سؤالي يتكرر هل يعرف الذين يتذكرون إمام الحرية هذه الأيام، معنى أن ينهض الإنسان باسم الحياة،.. لأن الإمام الحسين حذرنا وهو يخوض ثورته الكبرى، من حكام يكذبون ويغدرون ويفتكون، ومن ضعاف ينافقون ويزورون.. وعلينا اليوم أن نتذكر الحسين ونحن نعيش في ظل ساسة استبدلوا الفضائل بالرذائل.. ويعتقدون أن التزييف والكذب هما طريق النجاح.. فيما يزداد الفقراء فقراً وتكتظ جيوب الساسة والانتهازيين بالمال السحت. للأسف البعض يعتقد أن الفشل لو وضع مكانه كلمة دين سيتحول إلى نجاح منقطع النظير.. يهرول الناس للحصول على بركاته.. هذه الخدع العاطفية مفضوحة، لكن هناك من يتصور أنه أشطر من " القائد المؤمن " الذي أراد أن يطعمنا من خرافة " دولة الحشمة والأخلاق الحميدة " هم يتصورون أنفسهم عباقرة، وأضافوا إلى عبقريتهم نوعاً من " الشطارة " بطلاء من نوعية المظلومية من أجل أن يمرروا الخدعة على الملايين من البسطاء. اليوم نجد من يضع القناع الدينى لسياسات فاشلة أنتجت الملايين من الفقراء.. وأجهضت أحلام الناس ببناء دولة المؤسسات وتعويض غياب رجل دولة حقيقي بـ " روزخون " مهمته الأساسية الاستحواذ على مقدرات البلاد. سياسي مهمته اقتناص السلطة من خلال تحريم كل ما يتعلق بالحياة الحديثة، ونشر ثقافة ترى أن العراقيين جميعا يعيشون في " الجاهلية " وهُو وصحبه مبعوثو العناية الذين سينقذون العائشين في الحرام ويعيدونهم إلى " الطريق المستقيم ".. ويقنعون الناس البسطاء بأن يقولوا للناس إن الإمام الحسين معنا.. وإنهم - المحافظ ورئيس الوزراء- وحدهم المدافعون عن الطائفة والمذهب.. إنه العبث الكامل... وهو أيضا إعلان عن فشل وعجز سياسي لا يكتفي بتوزيع " البطانيات والمراوح ".... ويؤكد أن الحزب ليس حزبا بالمعنى السياسي، وإنما " جماعة " لا تحكم إلا عندما تلغى السياسة.. وهذا بالضبط نفس المنهج الذى يتبعه كل حاكم عاجز لا يفعل سوى إلغاء السياسة أو قتلها.. وهذا ما فعله من قبل محمد مرسي الذي اعتقد أن ذهابه كل فجر إلى أحد الجوامع وغلق الطرقات يمكن أن يعوّض الخراب الذي تعانيه مصر. عفوك سيدي إمام الحرية.....ضعاف النفوس في بلادي من الذين توحشوا وأصبحوا ذئاباً طائفية، نسوا في زحمة اللهاث وراء المناصب والمكاسب.. أنك لم تكن بدعة طائفية، بل كنت ومازلت إماماً للمستضعفين السائرين على طريق العدل والحب والتسامح.
|