تقاعد المواطنين وتقاعد البرلمانين

 

في النظام الدكتاتوري السابق كان الراتب التقاعدي لا يتجاوز الدنانير حتى إن البعض لايذهب كل شهر لاستلامه وإنما يتركه لعدة شهور حتى يسد أجرة الذهاب والمجيء ، حيث كانت الرواتب رمزية، وعند سقوط ذلك النظام وتسليم السلطة لأصحاب الديمقراطية وشعار العدل والمساواة تأمل الناس خيرا ، ولكن حدث مالم يكن بالحسبان فأصحاب الشعارات الإنسانية والمفعمة بالحرية واللاعنة للاستبداد ، أصبحوا كسابقيهم لايفكرون سوى بأنفسهم وعوائلهم وأحزابهم، ففي برلمانات الدول الديمقراطية لايخصص راتب مقطوع ولا تقاعديا بل تدفع مخصصات ومكافأة نهاية خدمة لكل دورة انتخابية، بينما في برلماننا الوطني يتم إقرار قانون التقاعد الخاص بهم خلال ساعات على خلاف القوانين التي تهم الشعب التي لازالت تراوح مكانها، والعجيب في الأمر أن البرلماني يمنح راتب تقاعدي بغض النظر عن خدمته إذا كانت شهر أو سنة أو أربع سنوات، لاندري كيف تم صياغة وإقرار هذا القانون، وهو راتب لم يمنح للعلماء والعباقرة وحتى الرؤساء من تأسيس الدولة العراقية ولحد الآن ، والذين خدموا البلد بأرواحهم وفقدوا أعضائهم وزهرة شبابهم لم يمنحوا ربع الربع من هذا الراتب، ولا زال المتقاعدون الحقيقيين لم يحصلوا على حقوقهم بحجة أن القانون في طور التشريع فهو لازال يراوح في أروقة مجلس النواب ولا ندري متى يتم إقراره، تشير بعض الدراسات الاقتصادية إن رواتب وامتيازات البرلمانين تعادل ما يصرف من رواتب تقاعد للمواطنين العاديين، وهو تناقض صارخ خلق طبقات فاحشة الغنى ، وأخرى تحت خط الفقر.
نتساءل ماذا فعل البرلمانيون العراقيون للشعب حتى يمنحوا هذه الامتيازات ، الم تأتي الخلافات السياسية من البرلمان، الم تأتي دعوات الطائفية من البرلمان، الم يعطلوا المشاريع بحجة الرقابة والحقيقة هي عدم رسو المناقصة على شركاتهم الكبيرة، ماذا فعلوا للبطاقة التموينية ماذا فعلوا للعاطلين عن العمل وأين ذهبت إل( 115) ألف درجة وظيفية ، فلم نر منهم غير التسويف والتظليل، ماذا فعلوا للسارقين وأصحاب الشركات الفاسدة ، أين اللجان التحقيقة في الجرائم الاقتصادية وغيرها، فهم لم يشرعوا القوانين التي تخدم الوطن ولا المواطن وإنما التي تخدم أحزابهم وأنفسهم، وهل يعقل أن يتجاوز راتب البرلماني التقاعدي ال(7) ملايين دينار ، وراتب المواطن الذي قضى أكثر من (30) سنة براتب لايتعدى ال(300) ألف دينار، فآي عدالة ومساواة والى متى السكوت على هذه الفوارق الفاحشة ، فسبق وان ظلموا من قبل الأنظمة الدكتاتورية واليوم يظلمون من قبل أدعياء الديمقراطية ، وما دام الحكم ديمقراطيا فينبغي المطالبة بالحقوق من أصحاب الحق أنفسهم عبر الوسائل المشروعة وابسطها المظاهرات، وإلا يضيع الحق واصحابة ولا احد يتذكرهم في دولة الحيتان.