هل شعب العراق بلا ذاكرة ؟

 

الظاهر ان الكثير من أبناء الشعب العراقي لاذاكرة لهم, وشعبنا فعلا شعب عاطفي, فكل من يثير مشاعره يصبح معه حتى وإن كانت حججه غير قائمة على أسس سليمة .. 
اليوم بات الكثير من المثقفين والذين يدافعون عن الفقراء والحريات ويطرحون افكارا وطنية , يسيئون لثورة 14 تموز وقائدها الزعيم النزيه عبد الكريم قاسم , متناسين ان الدافع للثورة هو الفقر والجوع الذي عاناه شعب العراق زمن الملك , وهو الاحلاف التي ربط الاستعمار بها العراق , وهو السجون التي امتلأت بالوطنيين واليساريين, وهو القوانين البالية التي لم تنصف المرأة, وهو قهر الفلاح على يد الاقطاعيين وغيرها من الدوافع التي انطلقت منها الثورة والتفت حولها الجماهير الغاضبة.. 
صحيح ان مقتل الملك والمجزرة التي حصلت في قصر الرحاب لا يمكن أن نمجدها ونرضاها, ولايمكن ان نتفق على قتل ابرياء في القصر او قتل الملك دونما محاكمة وهو كان شابا مسيرا, بريئا, كذلك ندين الاسلوب البشع الذي قتل فيه نوري السعيد وكان من الواجب محاكمته حسب الاصول كلاعب أساسي في سياسة العراق والتقصير بحقوق ابنائه على مدى اكثر من ثلاثة عقود ..
لكن هذه الاخطاء كانت حسب كل الدلائل والشواهد من تدبير عبد السلام عارف, وجماهير الرعاع الذين يأتمرون بأمره, وليس الزعيم عبد الكريم قاسم ..
للأسف ان في كل ثورة أخطاء وضحايا ابرياء, وكان من المفترض ادانتها بشدة والتوقف عندها في كل ذكرى كي يتخلص شعب العراق من الهمجية التي ترافق الفعل السياسي والذي استمر حتى الان ومانراه من ذبح وتقتيل هو إرث وليس دخيل جديد على العراق .
إن العراقيين الذين تسرق بلادهم اليوم على يد قاده أقل ما يمكن أن يقال عنهم انهم حرامية, لزاما عليهم ان يتذكروا من بات مثالا للنزاهة والعطاء, ونسوا ان عبد الكريم قاسم قد أمم النفط, وأخرج العراق من الأحلاف الاستعمارية, وسن قانونا للاحزاب, وأطلق الحريات الصحفية, وبنى الاف الدور للفقراء بمدينة الثورة وسواها, وفتح المدارس والمعاهد, وأسس لرواتب الطلبة, ولغذاء الاطفال , وتوزيع الكتب مجانا على طلبة الابتدائية, وفتح افاقا أمام الفلاحين بما كان من أفكار سائدة ذلك الزمن بالاصلاح الزراعي - وإن أكد الزمن اليوم الاخطاء التي خلفها – لكنه كان مطلبا للفلاحين ذلك الوقت, وعدّل عبد الكريم قاسم قانون الاحوال الشخصية بما يساوي المرأة بالرجل ليفتح أمام نصف المجتمع آفاقا للحضارة وكلنا نعلم أن الحضارة تقاس بدور المرأة ووضعها بالمجتمع ..
فأية حكومة فعلت مافعله الزعيم من ايجابيات ومكاسب للشعب؟
الرجاء القليل من الانصاف والقليل من الوفاء لمن ضحى بروحه بكل ايمان وكل براءة ونوايا سليمة من أجل الشعب والوطن
تحيا ثورة تموز المجيدة.. فتعاليمها وزمنها علمني أنني انسان متكامل كإمرأة وهذا أقل مايمكن ان يجعلني وفيه لها.. 
المجد والخلود للزعيم الوطني النزيه عبد الكريم قاسم , أشرف من حكم العراق في التاريخ الحديث على الإطلاق..