بغداد – زرعت سلطات الإحتلال البريطانية والأمريكية في الدستور العراقي الذي تتفاخر به حكومة حزب الدعوة الحاكم، الكثير من الألغام القابلة للإنفجار في أي وقت، متسببا ذلك الإنفجار بتدمير ما تبقى من أساسيات الدولة العراقية.
ويرى المحللون الماليون أن واحدة من هذه الألغام تلك التي كشف عنها الصراع بين حكومة نوري المالكي ومحافظ البنك المركزي العراقي ومحاولات المالكي السيطرة على البنك وخزائنه، حيث وضع البريطانيين والأمريكان بنودا في قانون البنك المركزي تضمن حماية الموظفين العاملين في البنك بحصانه قوية لا يمكن فكها ابدا. لحماية الفاسدين والسارقين لأموال الشعب العراقي.
وتنص الفقرة 1 من المادة رقم 23 من قانون البنك المركزي على أن "لا يتعرض أي عضو من أعضاء المجلس أو أي موظف أو وكيل للمصرف المركزي العراقي للمساءلة القانونية أو يعد مسؤولا مسؤولية شخصية عن أية أضرار وقعت بسبب أي إهمال أو إجراء صدر عنه أثناء تأديته لمهماته أو في سبيل تأديته لمهماته الرسمية التي تقع في نطاق وظيفته والتزاماته المحددة له".
ويرى المحللون السياسيون أن "الحصانة" تشمل "أي موظف" وكل ما يقع منه بسبب "أي إهمال أو إجراء" أثناء تأديته مهماته أو في سبيلها. وهو نص واسع للغاية، يكاد يكون من الممكن تبرير أية سرقة أو قرار يسبب الضرر بالاقتصاد الوطني. فحتى حين يمكن البرهنة قضائياً أن المعلومات كانت متوافرة لدى الموظف لإدراك نتيجة جريمته، يمكنه دائماً أن يدعي أنه "لم يطلع عليها" أو "نسيها" أو "لم يأخذها في الاعتبار"، أو "حسبها خطأ". وكل هذه لا تزيد على تهم بالإهمال، الذي هو حصين من نتائجه بفضل قانون البنك البريطاني والأمريكي، ولا يكتفي القانون بذلك، بل يحتوي نصاً يلزم البنك أن يدفع تكاليف الدفاع عن أي موظف يتعرض للمحاسبة.
ويقول المحللون أن البريطانيين والأمريكان عندما أسسوا البنك المركزي العراقي وضعوا له الأهداف وطريقة العمل، بأنتظار اليوم الذي يأتي لتمكنوا من تحقيق الأهداف التي يريدوها للبنك، وبالتالي وضعوا الحصانة الغريبة لموظفيه لكي يتمكنوا من الاستمرار في تنفيذها، ويشعرون بالاطمئنان إلى نتائجها تجاههم.
ويؤكد الباحث المالي العراقي إسماعيل التميمي أن لا أحد في العراق يستطيع أن يتحكم بالبنك المركزي العراقي بسبب القانون البريطاني والأمريكي المعمول به حاليا ولا يمكن لاحد أن يقف حائلا تجاه أية جريمة مالية تقع في البنك، حتى لو اتبعت أفضل الصيغ القانونية، أو تجاه الفساد في البنك المركزي لا الآن أو في المستقبل، ففي النهاية ستقف المادة 23 بوجه أية محاسبة للمتهم، بل قد لا يمكن حتى توجيه الاتهام إلى أحد منهم بشكل قانوني.
وأشار التميمي إلى أن النظام المالي العراقي أصبح بسبب الألغام البريطانية والأمريكية مقيدا ومرتهنا بالكامل للنظان المالي الدولي الذي يتحكم به البنك الدولي ومن الخلف بريطانيا وأمريكا وكيان العدو الصهيوني، وبالتالي فالنظام المالي مجبر على أتباع قواعد "حرية السوق" التي لا تناسبه ولا تناسب أي بلد نام، ووجد العراق أن بنوكه مربوطة عملياً بالمؤسسات الأمريكية والبريطانية، وبأن موظفي تلك البنوك حصلوا على حصانة تقف فوق القانون العراقي والدستور نفسه، لتنفيذ الشروط البريطانية والأمريكية.
وتعد هذه الحصانة مطلبا هاما لنوري المالكي من أجل السيطرة على البنك المركزي وسحب أموال الخزانه العراقية من دون أن يتجرأ أحد على محاسبته أو القو له لماذا تسرق أموال الشعب العراقي مادامت الحصانة البريطانية والأمريكية تحصنه من هذه المحاسبة وتدفعه للمزيد من السرقات.