ماحصل مع بغداد قبل ايام ليس بالحلم الوردي الذي أعلنت عنه دائرة السينما والمسرح اكثر من مرة، ودعت لاجل التباهي به جمهوراً غفيراً من الناس، اذ انه اشبه بالفضيحة بالمعنى الحقيقي، وكسر خاطر لايمكن نسيانها، فالجمهور المحتشد والمتعطش لمشاهدة أول افلام مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية، من اصل عشرة اخرى، والذي صرفت لاجله اكثر من مليار و(250) مليون دينار عراقي، عاد بخيبة امل، ولم يشاهد الفيلم ( بغداد حلم وردي) للمخرج فيصل الياسري، وجرى ابداله في اللحظات الاخيرة، بفيلم اخر للراحل فاروق القيسي، اسباب حجب الفيلم دارت حولها شائعات كثيرة، ولعل اثقلها وطأة ان الفيلم يحمل تمجيداً للنظام السابق، وانه منع من العرض بأمر من وزير الثقافة، وان المعنيين في دائرة السينما والمسرح لم يشاهدوا الفيلم قبلاً، برغم انهم اعلنوا عنه ضمن برنامج الاحتفاء بيوم السينما العراقية ومرور 58 عاماً على انتاج اول فيلم عراقي. ساعتان من الانتظار، وتعلق الجمهور بنسمات مراوح يدوية، وسط اجواء ساخنة لم تستطع مكيفات المسرح الوطني بصالته الجديدة، التخفيف من وطأتها، على امل مشاهدة الفيلم، والتعرف على بغداد بشكلها الوردي ولو في الاحلام، لكن حتى الحلم جرى اغتياله، وبقيت الحقيقة غائبة. مقربون من المشهد الفني قالوا ان سبب عدم عرض الفيلم هو ان مخرج العمل وكاتب السيناريو الفنان فيصل الياسري كان يريد ان يعرض الفيلم بوجود وزير الثقافة شخصياً!!! وهذا ما جعل البعض يتحدث بصوت عال داخل القاعة (هل الفيلم للشعب ام للوزير؟) ، فيما اكد مصدر مطلع ان الفيلم لم يتم فحصه وان المخرج جلبه الى قاعة العرض صباح يوم الاحتفالية وانه فوجيء لدى علمه بأن موعد العرض هو اليوم؟ فيما علل اخرون ان الفيلم يحمل خللا ما ولذلك منع من العرض. مخرج العمل الياسري فسر للصحافة المحتشدة اسباب عدم عرضه الى عدم استعداد وزارة الثقافة لهذا الكم من الافلام وافتقارها الى تقنيات جديدة ومهمة في السينما العراقية! اياً كانت الاسباب، فالنتيجة واحدة، وتكاد تتكرر كل مرة، في احتفالات دائرة السينما والمسرح، منهاج احتفالي غير منظم، وعروض مفاجئات وشائعات، وهرج ومرج وقناعات غير مكتملة، اسبابها كما لخصها خبير في شؤون المسرح والسينما هو تغييب الاسماء المهمة عن مراقبة الاداء والتخطيط المسبق له، والتورط في مشاريع لاجل الدعاية الاعلامية اكثر من الاهتمام بمشاريع لاجل القيم الفنية ودعم صورها في المجتمع، اذ ان توفر الاموال والتخصيصات لابد ان يتبعها تخطيط مدروس ومراقبة اكثر للنتاجات كيما تعرض على ارض صلبة لاتتعكر بمزاج او رغبات احد، والاهم من ذلك كله هو اين تعرض هكذا افلام سينمائية وبغداد بعظمتها وحضارتها وتأريخها تفتقر الى صالة سينما واحدة صالحة للعرض!! هذا هو السوال الاكبر الذي طرحه الجمهور وبقي حتى الان بلا جواب. اكاد المح دموع القاصة العراقية ميسلون هادي( صاحبة قصة الفيلم) وهي لم تهنأ بعد بقصتها فيلما روائياً يعرض على خشبة سينما بغدادية في زمن يجري الاعتياد فيه على اللون الاسود.
|