وأد النور... |
نيفت على الستين ولم أسمع أو أقرأ أو أشاهد أو نُقل لي أن حقا أنتصر، كل الذي نقرأه بتاريخنا القديم والمعاصر نلحظ انتكاسة الحق واضحة جلية ، والشواهد أكثر من أن تحصى ، ولو أحدكم يسعفني بشئ ليؤشر لي على واقعة أو حدث أنتصر الحق فيه سأشكر فضله سلفا ، أمس مرت الذكرى ال55 لثورة تموز 1958 م الخالدة بقيادة الشهيد البطل عبد الكريم قاسم ، والغريب أن لا فضائية حكومية ولا مسئول حكومي أو سياسي أو برلماني أستذكر هذه الثورة التي أُنجبت من رحم معاناة الفقراء ، ولأنها من الفقراء والى الفقراء فقد حوربت هذه الثورة كثيرا ، منذ بدايتها وقفت كل المرجعيات الدينية السنية والشيعية موقفا سلبيا تجاه هذه الثورة ، ومن حقهم ذلك كما يزعمون لأن الثورة خالفت التعاليم السماوية ولذلك جاءت الفتوى الشهيرة ( الشيوعية كفر والحاد ) ، وكأن قائد الثورة وزعيمها قاسم شيوعيا ، ويعرف الجميع أن قاسم لم يكن شيوعيا بل حارب الشيوعيين وأراد تحجيمهم كثيرا ، ورأي الحزب الشيوعي بقاسم أنه شخصية وطنية عراقية يجب مساندته ، وكانت النتيجة أن لا قاسم رحمه الله بقي في السلطة ولا الشيوعيون استلموا زمامها ، ومرت بعد ذلك على العراق حقبة شوفينية أحرقت الأخضر قبل اليابس ، وحوربت الثورة من العروبيين وأتهم قاسم ورفاقه بأنهم شعوبيون لا يحبون القومية العربية ، وحوربت من رجال الإقطاع المتنفذون ، وكل هؤلاء أتحدوا لوأد الثورة ليس بشكل رسمي بل من أجل مصالح مشتركة تجمعهم سوية ، ولو أردنا إحصاء منجزات الثورة الخالدة وبرمجتها مع الحقبة الزمنية الأربع سنوات لكان على المنصف أن يقول أن هذه الثورة عمرها أكثر من هذا بكثير ، قانون الإصلاح الزراعي الرقم 30 لسنة 1958 م، الانسحاب من حلف بغداد ، الانسحاب من منظومة الجنيه الإسترليني ، جلاء القوات البريطانية ، الانضمام لمنظمة دول عدم الانحياز ، قانون الأحوال الشخصية رقم 88 لسنة 1959 م ، قانون 80 لسنة 1961 م ، جلب معامل صناعية كبيرة وكثيرة ، الحديد والصلب ، البتروكيمياويات / البصرة ، صناعة الجرارات والسيارات / الأسكندرية ، معامل صناعة السكر / ميسان والموصل ، النسيج / حلة ، ديوانية ، كوت ، صناعة التبوغ / سليمانية ، الصناعات الكهربائية / بغداد وديالى ، صناعة الزجاج / الرمادي ، الصناعات الجلدية / بغداد / كوفة ، الألبسة الجاهزة / النجف ، أنشاء محطات توليد الطاقة ، مشاريع للري وسدود يستفاد منها لتوليد الطاقة الكهربائية ، ومشاريع لا عد لها ولا حصر ، وأهم ما في حياة الثورة هو توزيع قطع الأراضي على فقراء الناس / ومشاريع الإسكان بغالبية المحافظات العراقية ، وبناء مدينة عملاقة في بغداد أسميت بعهد الزعيم الشهيد ( مدينة الثورة ) ، ثم غيٍّر أسمها الى ( مدينة صدام ) حقبة الدكتاتورية ، وفي العهد الديمقراطي أملنا أنفسنا بتسميتها مدينة ( قاسم ) ولكنها سميت باسم الشهيد الصدر رحمه الله ، وأنا على يقين قاطع أن لو سئلنا الشهيد قاسم أو الشهيد الصدر عن تسميتها لقالا سوية أعيدوا لها أسمها الثوري الأول ، ألم أقل لكم أن الثورة وقائدها ظلموا كثيرا منا جميعا ، وأما الساسة الجدد فمن حقهم المنطقي أن يغيبوا الثورة وقائدها لسبب وجيه لا غير ، وهو أن الثورة فجرها وقادها وطنيون وهؤلاء أتى بهم من قاتلهم الزعيم الشهيد قاسم ، فكيف تتوازن كفتا الميزان الوطني مع موازين العمالة والسحت والدسيسة والخداع ، وأخر ما ظلم به الزعيم الشهيد قاسم أحدى الفضائيات تسأل من هو عبد الكريم قاسم ؟ ، أتعرفون أن الكثير لم يعرف من هو قاسم ، ترانا نعرف أسماء اللصوص والقتلة وأشباه وأنصاف السياسيين ولا نعرف من هو الشهيد البطل الخالد عبد الكريم قاسم ؟ ، للإضاءة .......... فقط .
|