الباحث في تغيرات المناخ رمضان حمزة: العراق مقبل على كارثة مناخية كبيرة

 

 

 

 

 

 

بغداد: لا يعتبر العراق من الدول المحظوظة بشأن مصادر المياه التي يتزود بها لتأمين حاجته المحلية من مياه الشرب أو الزراعة رغم كثرة الأنهر التي تخترق جغرافيا البلد.

ويرجع سبب ذلك بالاساس إلى أن الغالبية الساحقة من المياه الجارية ومصادر المياه في البلد تنبع من خارج العراق وهو ما وضعه تحت دولتي إيران وتركيا على وجه الخصوص.

وفي ظل تناقص مستمر لمنسوب المياه الداخلة للبلد عاما بعد آخر وخاصة في فصل الصيف بات الخبراء يستشعرون خطر حصول "كارثة" بيئية في العراق قد يدفع البلد لمقايضة 15 برميلا من النفط مقابل الحصوب على برميل واحد من الماء على المدى البعيد.

وهذا التصور المستقبلي القاتم توقعه الباحث الكوردي المتخصص في تغيرات المناخ رمضان حمزة وحذر من عواقب بيئية وخمية إن لم تعمد حكومتا بغداد وأربيل إلى استغلال كل نقطة مياه متوفرة في الوقت الحالي.

وعلى المدى القصير قال حمزة  إن العراق بضمنه اقليم كوردستان وما يجاورهما عموما في المنطقة ستشهد ارتفاعا حادا في درجات الحرارة هذا الصيف لكن أياما أخرى ستشهد اعتدالا في الدرجات على نحو غير متوقع.

وأضاف أن ارتفاع درجات الحرارة وانخفاضها "سيكون فيه نوع من الشذوذ عن القاعدة العامة لان هذه السنة والمقبلة هما بداية عصر جليدي في المنطقة، سيمتد الى 200 سنة قادمة، وهذه التقلبات كونية وليست محلية لتشمل منطقة دون اخرى".

وتوقع حمزة أن يكون هناك نشاط وحركة زلزالية في المنطقة في القشرة الارضية، مبينا أن حركة القشرة الارضية في المنطقة هي حركة طبيعية بسبب سنوات الجفاف التي مرت والنشاط الانساني في استخراج كميات هائلة من مياه الابار وقلة المناسيب في الانهار وحركة الشاحنات وتخلل القشرة لاستخراج النفط وغير ذلك من الاسباب الموجبة لوجود حركة في القشرة الارضية".

وقال إيضا إن تبخرا كبيرا سيحدث في احواض السدود والبحيرات والمسطحات المائية بشكل عام، ويؤدي الى فقدان كميات كبيرة من المياه مما سيؤثر على انتاج الكهرباء ونظام الري والتنوع الاحيائي والبيئي وارتفاع نسبة الملوحة وقلة الاوكسجين في المياه.

وكانت منظمة المياه الاوروبية قد توقعت في عام 2009 خسارة العراق لواردات نهري الفرات ودجلة بالكامل بحلول عام 2040.

وأرجعت ذلك إلى السياسة المالية التي تتبعها دول المنبع وخاصة تركيا، وقالت المنظمة في تقرير إن العراق مقبل على "كارثة حقيقية ستلحق بملايين الدونمات الزراعية في البلاد، وهو ما يعني تحول العراق لجزء من صحراء البادية الغربية".

وينبع نهرا دجلة والفرات من الأراضي التركية مروراً بالأراضي السورية ثم الأراضي العراقية، ويحصل العراق على نسبة 42% ـ 58% من مياه النهرين، حسب البروتوكلات المعمول بها بين الدول الثلاث.

إلا أن الواقع الحالي يشير إلى شح مياه النهرين وتسرب النفط اليهما ما يهدد الثروة السمكية، حيث قدرت احصاءات حجم العجز المائي العراقي بنحو 23 مليار متر مكعب سنوياً.

وقال المتخصص بالتغيرات البيئية رمضان حمزة أنه ينبغي على حكومتي اربيل وبغداد الاهتمام بشكل جدي وحقيقي بانشاء سدود عديدة وليس سد واحد او سدين فقط، ومن الاهمية أن يتم بناء سدود صغيرة ومتوسطة على الروافد والانهر الصغيرة، والشروع ببناء سدود عملاقة وكبيرة على الانهر والروافد الكبيرة في عموم العراق.

وكانت تركيا قد بنت 14 سداً على نهر الفرات وروافده داخل أراضيها وثمانية سدود على نهر دجلة وروافده. وتحتاج تركيا عدة سنوات لملء البحيرات الاصطناعية خلف هذه السدود.

في حين أنشأت سوريا خمسة سدود على نهر الفرات، ثلاثة منها شيدت في منتصف الستينيات. وهي بصدد إنشاء سد آخر شمال دير الزور.

وكذلك يتوجب على العراق تنسيق المسائل المتعلقة بالمياه مع إيران، حيث يبلغ عدد روافد دجلة التي تنبع من إيران 30 رافداً. وقد حولت إيران مسار معظمها إلى داخل إيران وبنت عليها عدة سدود، من بينها خمسة سدود على نهر الكارون.

وبيّن حمزة اهمية ان تبدا حكومة بغداد بانشاء سد الفتحة على نهر دجلة، لان سد الموصل يعاني من مشاكل فنية، بالرغم من عدم الاعلان عن ذلك رسميا لكن هناك مشاكل فنية ومن المتوقع انهياره باية لحظة.

وزاد "عند انهيار سد الموصل مع عدم وجود سدود اخرى على نهر دجلة تستقبل مياهه، فضلا عن ان اكمال سد اليسو التركي عام 2014 ، فان كل هذه الامور ستؤدي الى تقليل كميات المياه في دجلة الى 60 متر مكعب في الثانية، كما ان ما يتبقى من مياه دجلة التي تاتي للعراق ستكون ملوثة".

وكانت الحكومة العراقية قد وافقت، في وقت سابق، على تشكيل المجلس الوطني للمياه للحفاظ على بيئة العراق المائية ووضع سياسة مائية ذات خطط بعيدة المدى.

ويتولى أعضاء المجلس، الذين يمثلون الوزارات العراقية المعنية ويعملون تحت الإشراف المباشر لرئيس مجلس الوزراء  إعداد قانون المجلس الوطني للمياه وعرضه على مجلس الوزراء للمصادقة عليه قبل أن يبدأ المجلس أعماله.

وقال حمزة ان "المستقبل لا يبشر بخير، لانه اذا لم تكن الحكومة جدية واذا ليس لديها خطة في اعمار البلاد اسوة بما حصل في خمسينيات القرن الماضي عندما تم تخصيص 75% من ميزانية العراق لقطاع الري وانشاء سدود عملاقة ما زالت تخدم العراق من اقصاه لاقصاه".

وأضاف "اننا مقبلون على ازمة مائية خانقة، وسنستبدل خمسة براميل نفط مقابل برميل ماء، وسترتفع هذه النسبة تدريجيا، وربما سنضطر الى استبدال 10 او 15 براميل نفط مقابل برميل ماء واحد، على المدى البعيد".

واوضح "علينا ان ننظر الى سعر البنزين حاليا في الاسواق وسعر قنينة ماء الشرب، لندرك ان المياه بدات توازي سعر المشتقات النفطية بل قد تتجاوزها احيانا".

وبين "يمكن ان نعيش بدون نفط، لكن لا يمكن ان نعيش بدون مياه، وان شحة المياه ستؤثر على البيئة والاشجار وستسارع من عمليات التصحر".

المصدر: shafaaq