إسلامٌ سياسي اليوم.. وغداً |
نفخنا في كيس القوى العلمانية، وطار منها يقينٌ كثيرٌ عن مقدرتها ومستطاع أنصارها في استرجاع هوية البلاد المنتهكة، المغتصبة بالتشدد والتطرف. صار شعارٌ راسخ ذلك الفرح بعودة المدنية إلى الجمهور. وقيل إنها "فائزةٌ.. فائزةٌ.. فائزةٌ"، حتى تردد أنها "أغلبيةٌ سياسيةٌ"، جديدة. قيل إن الجمهور مدني، وان تخندق بين سنة وشيعة، وإن قوى الإسلام السياسي غطت على شكل هذا الجمهور وحاجاته. وإن صناديق الاقتراع، لم تكن، على الاطلاق، دليل تصويت جمهور طائفي لأحزاب طائفية. وكُتِب أيضاً أن محاولات تحريف مثل هذه الحقائق شواهد على محاربة التاريخ العراقي المعاصر، وليِّ ذراع حتمية العلمانية في البلاد، وأن صعود تيار الإسلام السياسي إلى السلطة في البلاد، ليس من كسل أو تراجع أو عجز أو تهالك لغة القوى العلمانية، بل بسبب ما فعلته القوى الدينية بالمجتمع. وجاء "سانت ليغو" نظاماً منقذاً، وقيل ها هو الحق المدني يظهر، بعد ان زَهُقَ باطل الإسلام السياسي. سانت ليغو لن يبقى بقدرة الإسلام السياسي في الانتخابات التشريعية المقبلة. والقوى الكبيرة، الإسلامية بطبيعة الحال، أدركت خطأ العتبات الانتخابية والحصص العادلة للخاسرين. لكن. ثمة من روج لفكرة تغيير سياسي واجتماعي بشّرت به نتائج الانتخابات المحلية، وتسللت هذه الفكرة إلى صالونات القوى العلمانية، وبثت فيها الكثير من الثقة. القصة غير واقعية. إنها بمنزلة فخ يخدر القوى العلمانية، فلا تغيير خارطة القوى السياسية بعد انتخابات نيسان الماضي، يعني ان قوى مدنية صارت اكثر نضجاً، أو خبرة في المعارك الانتخابية، أو حتى في صياغة دعايتها الانتخابية. ولا صعودها "الطفيف" يعني أنها كسبت جمهوراً خسره الإسلاميون. سر نجاح الإسلام السياسي هو الأرباح الوقتية للقوى المدنية. ما يمكن للإسلام السياسي ان يتفاءل به هو انه غيّر قواعد اللعبة السياسية بإرادته. هو، لوحده، من قدم رابحين "إسلاميين" جدد في المشهد السياسي، وهو أيضاً من كان سبباً في خسارة قوى إسلامية تترك الساحة، ولو مؤقتاً. الإسلام السياسي يعيد انتاج لغة شيعية، مثلاً، بتحالف الصدر والحكيم، وهو أيضاً يتوصل، الآن، إلى إجبار المالكي على خوض امتحان سياسي مختلف وقاسٍ بوضعه في منزلة الخاسرين. ربما يتغير كل شيء، إلا الدعامة الأساسية للمشهد: الإسلام السياسي. وفي هامش تبادل المواقع بين القوى الإسلامية نال العلمانيون فرصة الدخول إلى اللعبة بعدد ضئيل من المقاعد. غالباً ما تترك المعارك الكبرى ثغرات للمتفرجين. |