مرور خمسة وخمسين عاما على ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة |
لاشك ان حدوث الثورات في العالم تحتاج الى ارضية صلدة وقاعدة معنوية ومادية تستند عليها لأزالة كابوس الظلم وترفع الستار عن مأسي وواقع الشعب الذي لم يبرح في أستغلال كل مناسبة للتعبير عن رغبته للعيش بحرية وكسر القيود التي كبلته وبأسماء مختلفة أن كانت دينية أو محاولة تشويه اية حركة تواقة للعيش الكريم وفسح المجال لاطلاق قوى الشعب الجبارة من اجل تحقيق العدالة ألأجتماعية وبناء الدولة المدنية الحضارية . لقد كان تاريخ الشعب العراقي زاخرا بالأنتفاضات التي ان دلت على شيئ فتدل على حبه للحياة الحقيقية بدون تزويق خالية من القشور اللماعة وكاشفة زيف هذه ألأدعاءات الفارغة المضللة التي كان هدفها ان يبقى العراق تحت نير ألأستعباد والظلم .فمن ثورة العشرين المجيدة التي عبرت عن وحدة الشعب العراقي بكل اطيافه وقومياته ضد الاحتلال البريطاني وباسلحة بدائية استطاع هذا الشعب البطل ان يلقن الانكليز دروسا في عزة النفس والشجاعة ( طوبك احسن لو مكواري ) بهذه المعنويات التقت سواعد العرب والاكراد والتركمان وباقي المكونات للشعب العراقي وعلى سبيل المثال لا الحصر قاد القائد الكردي محمود الحفيد الف مقاتل انضموا الى الثورة وسالت دماءهم واختلطت بدماء باقي الثوار الذين وهبوا حياتهم من اجل الحرية والكرامة . ان تارخ العراق كان حافلا بالبطولات وألأنتفاضات وكان الشارع ملتهبا بتظاهرات الطلاب والعمال ففي عام 1948 كانت هناك وثبة كانون التي سقط فيها الكثيرمن الشهداء وخاصة في معركة الجسر وقد استطاعت الجماهير ان توقف مشروع معاهدة بورتسموث الجائرة وسقطت حكومة صالح جبر وشكل الوزراة أنذاك سماحة السيد الصدر وحين شعر الشعب العراقي بان هناك تلكؤ في تنفيذ الوعود خرجت تظاهرات هادرة تهتف ( ردناك عون طلعت فرعون ) ولم يستمر الامر طويلا حتى انتفض الشعب العراقي عام 1952 بعد ألأعتداءات التي حصلت بحق الطلاب المضربين في كلية الصيدلة وجرح احدهم من قبل شقاوات سخرتهم الحكومة أنذاك وجابت التظاهرات شوارع بغداد وسقط شهداء في منطقة باب الشيخ وسقطت الحكومة وشكل رئيس أركان الجيش نوري الدين محمود حكومة جديدة وتم القاء القبض على قسم من قادة التظاهرات وحكم على قسم منهم بالاعدام مثل المرحوم ثابت حبيب العاني ود علي الشيخ حسين الساعدي بتهمة قتل شرطي في باب الشيخ , الا ان الشعب العراقي استمر في المطالبة باخراج المتهمين ورفع العقوبة عنهم وتم اطلاق سراحهم تحت هذا الضغط الشعبي الهائل وبهذه المناسبة وفي حديث خاص بين والدي ونوري الدين محمود قال له بانك لست اول من ترجاني بالعفو عن المحكومين بالاعدام فقد حضرت نساء كثيرات يحملون مئات التواقيع وطالبوني بكل جرأة بعدم تطبيق حكم الاعدام على المتهمين وهكذا لم يطبق حكم الاعدام بحق المحكومين , لم يكتف الشعب العراقي بانتفاضته المجيدة بل قام بتظاهرات خاطفة في عام 1955 ضد الاحلاف العسكرية ( الحلف التركي الباكستاني ) وزيارة عدنان مندرس للعراق وتم تشكيل معتقلات عسكرية مثل معسكر الشعيبة في البصرة للتلاميذ المفصولين أوالذين تنتهي محكوميتم من السجون وكان لي شرف الدخول الى هذا المعسكر وكان د كاظم حبيب ايضا من الذين خدموا فيه ومعسكر أخر في السعدية لضباط الاحتياط والذي تم احتواء عناصر مهمة وشخصيات مثل الدكتور ابراهيم كبة والدكتور صباح الدرة والدكتور احمد الحكيم والدكتور صلاح خالص والشاعر مظفر النواب والفنان يوسف العاني والكثير من الشخصيات الوطنية ألأخرى . وفي عام 1954 حصلت انتخابات نيابية واستطاعت القوى الديمقراطية ان توصل ما يزيد على اربعة عشر نائبا منهم السيد كامل الجادرجي والسيد عبدالرزاق الشيخلي وقد جن جنون نوري السعيد ورجع الى العراق وقام بحل البرلمان هذه هي ديمقراطية العهد الملكي وقد انتفض الشعب العراقي عام 1956 تضامنا مع الشعب المصري في حرب العدوان الثلاثي ونزلت عشرات التظاهرات الخاطفة في كلية التجارة ومواقع اخرى وقد حصل اعتصام في كلية العلوم ومقابلات مع الشرطة واستعملت الشرطة الغازات المسيلة للدموع وقد شارك في هذا الاعتصام بعض المحامين واذكر منهم السيد طلال عمر موفق والسيد نوزاد نوري من ثانوية التجارة أنذاك واخيه فؤاد نوري وخالد الكبيسي وقد استطعنا الهروب الى بيت نوزاد نوري القريب واستقبلتنا والدتهم بالطعام والشاي . أما سجون ألعراق فقد كانت تتناسب طرديا مع حركات ألأحتجاجات فكلما تكثر التظاهرات يزداد عدد السجناء واشهر السجون السياسية كانت سجن بغداد وسجن بعقوبة وسجن الكوت وعلى راس هذه السجون هو سجن نقرة السلمان , وقد حصلت عدة مجازر اذكر منها سجن بغداد وسجن بعقوبة حيث تم اطلاق الرصاص الحي على السجناءوسقط الكثير من الشهداء.ويجب ان لا ننسى الحاكم المشهور العقيد عبدالله النعساني الذي كان يحكم بقوله من ابو السدارة يمينا الكل مؤبد ويسارا عشرة سنوات فساله ابو السدارة وانا سيدي ؟ قال له انت ابن الكلب براءة كانت هذه التظاهرات والاعتصامات والاضرابات كلها تهيئة لثورة اربعة عشر تموز التي قادها الضباط الاحرار بالاتصال مع جبهة الاتحاد الوطني , هذه الثورة التي لاقت ترحيبا وتجاوبا مع اغلبية الشعب العراقي التواق للحرية والانعتاق من الحكم الملكي شبة الاقطاعي والتخلص من سياسة التبعية والاحلاف العسكرية والاقتصادية . لقد كانت بيانات الثورة كافية لاظهار هويتها الديمقراطية والتقدمية وتأييدها لمؤتمرات دول عدم ألأنحياز . كان رد فعل الدول الامبريالية التواجد العسكري في الساعات الاولى من قيام الثورة, ألأمريكي في لبنان والبحر ألأبيض المتوسط والتواجد البريطاني في المملكة الاردنية الهاشمية الا ان الاتحاد السوفييتي قام في حينها بواحدة من اكبر المناورات العسكرية على الحدود التركية التي احالت ظلام الليل الى نهار واصدر بيانا يقول فيه بان الاتحاد السوفييتي سوف لا يسمح بالاعتداء أو ألتدخل في الشؤون الداخلية للعراق وكان ثاني دولة اعترفت بالثورة بعد الجمهورية العربية . لقد كانت ثورة الرابع عشر من تموز ثورة الفقراء والمهمشين وخلال فترة قصيرة لم تتعد الخمسة سنوات قامت بتشريع قوانين ثورية منها 1- الخروج من الاحلاف العسكرية حلف بغداد 2-الخروج من نفوذ المنطقة الاسترلينية 3- تشريع قانون الاصلاح الزراعي 4-قانون رقم 80 لتأمين الثروة النفطية للشعب العراقي 5-قانون ألأحوال ألمدنية والشخصية 6-بناء مدن ومناطق سكنية للفقراء وذوي الدخل المحدود 7-التضامن مع الشعوب العربية في نضالها من اجل الاستقلال مع الشعب الفلسطيني والشعب الجزائري ماديا ومعنويا وتم ارسال الاسلحة للثوار الجزائريين , لقد كانت ايام الأولى للثورة تمتاز بالامان الاستقرار وتمت المصالحة بين الخصوم وخلت مخافر الشرطة من الموقوفين الا ان تكالب ايتام النظام وبقايا ألأقطاع وحزب البعث والرجعية حيث بداوا بالتلكؤ بتطبيق قانون الاصلاح الزراعي ,اما الشهيد عبدالكريم قاسم المعروف بنزاهته وتضحياته للشعب العراقي فلم يكن رجل سياسة بل زعيم عسكري واستطاعت قوى الردة الدخول الى المناطق الحساسة ان كان في الجيش او الاقسام المهمة للاعلام او الاقتصاد وبنفس الوقت تمت محاكمة القوى الديمقراطية واستبدالها بعناصر البعث والاقطاع والملكية وبهذه الطريقة استطاع الاستعمار الدخول الى مراكز اصدار القرارات وفي عام 1961 حصلت الحرب والاقتتال بين الاخوة العرب والاكراد اجج الحرب قوى الاقطاع الكوردية والعربية . لقد كانت لقوى المقاومة الشعبية لوحدها امكانية القضاء على مؤامرة الغدر في شباط الاسود عام 1963 اليوم نستذكر مرور خمسة وخمسون عاما على قتل ثورة الشعب العراقي وهي في عمرها الخامس , يجب ان تكون الاحداث المؤلمة هذه دافعا قويا لاستعادة الوحدة الوطنية والعمل على القضاء على الارهاب والطائفية وقانون المحاصصة الذي جلبته لنا قوى الاحتلال الغاصبة التي خرقت القوانين الدولية واعتدت على سيادتنا بحجة حيازة اسلحة الدمار الشامل وادخال الديمقراطية للعراق .لا يوجد بديل للطائفية والارهاب سوى منظمة التيار الديمقراطي التي تنتظر المزيد من التضامن والتعاون وهي الوحيدة القادرة على توفير متطلبات الشعب العراقي والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين فانتهزوا الفرصة وصوتوا لها . |